< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 176 ) حكم الاحجار المعدنية الموجودة في الارض المباعة، الفصل السابع ( التسليم والقبض ) - الخيارات.

 

مسألة ( 176 ):- الاحجار المخلوقة في الارض والمعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفاً، وأما إذا لم تكن تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الارض فالظاهر أنها غير مملوكة لأحد ويملكها من يخرجها، وكذلك لا تدخل في بيع الارض الاحجار المدفونة فيها والكنوز المودوعة فيها ونحوها.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على ثلاثة أحكام، والجامع بين هذه الاحكام هو أنَّ يشتري الانسان أرضاً مثلاً وتوجد فيها بعض المعادن كالفضة أو الذهب أو غير ذلك، فهل تصير هذه الاشياء ملكاً لمشتري الأرض أو ماذا؟

والجواب:- إنَّ مثل هذه الامور على اقسامٍ ثلاثة:-

القسم الاول:- أن يفترض أنَّ المعدن تابع للأرض المشتراة عرفاً، كما لو كان موجوداً على سطحها أو كان موجوداً تحت سطحها بمسافة قليلةٍ كشبرٍ أو شبرين فمثل هذا يكون ملكاً لمن اشترى الارض، وقد اشار السيد الماتن إلى هذا الحكم بقوله:- ( الاحجار المخلوقة في الارض والمعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفاً ).

القسم الثاني:- أن يفترض أنَّ المعدن كان موجوداً في اعماق الارض كمسافة كيلو متر مثلاً أو كثر، فهذا المعدن لا يُعدُّ تابعاً للارض عرفاً حتى يقال إنَّ من ملك الارض ملك ما فيها أو ما تحتها فإنَّ هذه القاعدة إنما تتم في الامور التابعة للأرض - كما مثلنا بشبرٍ او شبرين أو ثلاثة - لا كما كان بعيداً عن سطحها كالنفط والكبريت والذهب وما شاكل ذلك، بل مثل هذه المعادن يشملها قانون ( من استخرج معدناً فهو أولى به )، فالذي يستخرجه يكون هو الاولى به لا مشتري الارض، هذا إذا لم نقل بأنه ملكٌ للامام عليه السلام، أو قلنا هو ملكٌ له ولكنه عليه السلام اباحه لشيعته فيكون ملكاً للمُستخرِج حينئذٍ وتشمله قاعدة من سبق، فيكون المستخرِج الاولى به من غيره.

نعم من حفر لأجل الوصول إلى هذا المعدن من فوق الارض التي اشتراها المشتري فهذا العمل ليس بجائزٍ له إلا بإذن صاحب الارض، أما لو وصل إليه بوسائل حديثة من دون أن يمسَّ أرض المشتري فحينئذٍ يصير المعدن ملكاً لمن استخرجه وليس لصاحب الارض، بل ربما يقال:- لو عصى المستخرِج ووصل إلى المعدن من فوق الارض المملوكة للمشتري فأيضاً يكون المعدن ملكاً له وليس للمشتري؛ إذ يشمله قانون ( من حاز شيئاً ملكه ) أو ( من سبق إلى شيءٍ لم يسبقه إليه غيره فهو أحق به ) لكنه يكون عاصياً من ناحية تصرفه في ملك الغير من دون إذنه.

القسم الثالث:- ما لو فرض أنه كانت توجد جرّة تحت الارض بمسافة بعيدة وفيها ذهب ومجوهرات قديمة، فمثلها لا يدخل في ملك المشتري للأرض وإنما تكون ملكاً لمن وصل إليها وحازها.

 

الفصل السابع:- التسليم والقبض.

بجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير ولا يجوز لكل واحد منهما التأخير مع الامكان إلا برضا الآخر فإن امتنعا اجبرا، ولو امتنع احدهما مع تسليم صاحبه اجبر الممتن ولو اشترط احدهما تأخير التسليم إلى مدّة معينة جاز وليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذٍ.

..........................................................................................................

يشتمل المتن على عدّة احكام:-

الحكم الاول:- يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد.

وهذا حكمٌ مسلَّم، ويمكن توجيهه الفني بوجهين:-

الوجه الاول:- إنَّ كل واحدٍ من الطرفين بتمامية العقد اصبح مالكاً لما عند صاحبه، فمادام الاول صار مالكاً لما عند الثاني فله حق المطالبة بما عند الثاني، وهكذا العكس فإنَّ الثاني صار مالكاً لما عند الاول فيكون للثاني الحق في مطالبة الاول بما عنده.

الوجه الثاني:- أن يدعى أنَّ القعد قد تم على ذلك، فالمتبايعين حينما اجريا العقد فهما قد اجرياه على أن يدفع البائع ما عنده إلى المشتري - هو المبيع - وكذلك المشتري يدفع ما عنده إلى البائع - وهو الثمن - من دون حاجةٍ إلى ادخال عنصر الملكية الذي ذكر في الوجه الأول، وإنما نقول لو تم العقد فكل واحدٍ منهما يلزم تسليم ما في يده إلى صاحبه فإنَّ هذه معاقدةٌ بقطع النظر عن مسألة الملكية.

وللشيخ الاعظم(قده) في المكاسب عبارة مختصرة يحتمل أنه يريد منها أحد هذين الوجهين حيث قال:- (لاقتضاء العقد لذلك)[1] ، ولعله يشير بها إلى الوجه الثاني.

الحكم الثاني:- إنَّ لزوم تسليم كل ما في يد المتعاقدين إلى الآخر هو ثابتٌ بنحو الفورية إذا لم يُشترَط التأخير.

وفرق هذا الحكم عن سابقة هو أنَّ الحكم السابق يتناول اصل التسليم والتسلّم، فبمجرد تمامية العقد يجب على كل طرفٍ أن يسلّم ما في يده إلى الآخر، وأما هذا الحكم فيقول إنَّ التسليم الواجب هو واجبٌ بنحو الفورية وليس بنحو التراخي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo