< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- فصلٌ في إرث الخيار – احكام الخيار- الفصل الرابع ( الخيارات).

وجهٌ رابع: -

هذا وقد يتمسك لإثبات انتقال الخيار بالإرث بالاستصحاب، وذلك بأن يقال: حينما كان صاحب الخيار حياً - وهو الأب - كان الخيار ثابتاً له وبعد وفاته نشك في بقاء الخيار فنستصحب بقاءه.

والجواب واضح: - فإنَّ المطلوب ليس هو مجرّد بقاء الخيار بعد موت صاحبه حتى يقال يثبت بقاؤه بالاستصحاب وإنما المقصود هو اثبات انتقاله إلى الورثة، ومن المعلوم إنَّ لازم بقاء الخيار بعد موت صاحبه هو انتقاله إلى الورثة إذ لا يمكن يبقى معلقاً من دون صاحب، بل إذا كان باقياً فجزماً سوف ينتقل إلى الورثة، بيد أنَّ هذا اللزوم لزوماً عقلياً وليس شرعياً فيكون من الأصل المثبت.

إن قلت: - إنَّ انتقال الخيار إلى الورثة ليس إلا بقاء الخيار بعد موت صاحبه، فهذا عين ذاك وليسا شيئين متغايرين حتى يلزم محذور الأصل المثبت؟

قلت: - إنَّ هذا كلامٌ مخالفٌ للواقع، فإنَّ البقاء شيءٌ والانتقال إلى الورثة شيءٌ آخر، نعم انتقال الخيار إلى الورثة يتوقف على بقاء الخيار بعد موت صاحبه لا أنه هو نفسه وفرقٌ بين الأمرين، وعليه فمحذور الأصل المثبت واضح.

يبقى شيء: - وهو أنَّ مثل السيد الخوئي(قده) له جوباً آخر، فهو يتمكن أن يجيب في هذا المورد وما شاكله بأنَّ هذا الاستصحاب هو استصحابٌ في شبهة حكمية - فإنَّ الخيار حكمٌ ولكنه حكمٌ وضعي - وهو لا يجري للمعارضة بين استصحاب بقاء المجعول وأصالة عدم الجعل الزائد، فمن يبني على هذه المعارضة فله هذا الجواب.

ونحن هنا أردنا التنبيه على وجود هذا الجوابٍ الآخر لأصحاب هذا المسلك لا أكثر لا أننا نريد أن نجعله جواباً.

نعم هناك جوابٌ مقبول وهو أن يقال:- إنَّ استصحاب بقاء الخيار لا يجري لإثبات انتقاله إلى الورثة لا من ناحية أنه أصلٌ مثبت ولا من ناحية أنه استصحابٌ في شبهةٍ حكمية وإنما هو لا يجري لتغير الموضوع، فسابقاً كان الخيار ثابتاً للأب بينما بعد موته نريد أن نثبت بقاءه للورثة وهذا موضوعٌ آخر غير الموضوع الأول والاستصحاب لا يجري مع تغير الموضوع، ومع التنزّل - لأنه قد يقول قائل إنَّ الورثة هم نفس الأب فالموضوع واحد وليس بمتغير - فلا أقل يحتمل كون المورد من تغير الموضوع ومعه لا يجري الاستصحاب لأنه من مصاديق التمسك بالعام أو بالمطلق في الشبهة المصداقية، إذ نشك أنَّ هذا مصداقٌ للنقض أو لا فإن كان الموضوع واحداً صدق النقض وإن كان الموضوع متغيراً فلا يصدق النقض فيكون المورد من التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية وهو لا يجوز.

ولكن يبقى طريقٌ واحد لإثبات كون الخيار حقاً موروثاً قد أشرنا إليه سابقاً[1] :- وهو التمسك بالإجماع، وهو ما صار إليه السيد الخوئي(قده) حيث قال:- ( لا وجه للالتزام بإرث الخيار اللهم إلا من جهة قيام الاجماع على ارثه فإنَّ الظاهر أن أحداً لم يخالف ... حتى من العامة كما تقدم فهو اجماع الكل على إرث الخيار )[2] .

وفي التعليق عليه نقول: - إنَّ هذا الاجماع حتى لو فرض تمامية صغراه - وأنه ثابت حقاً - لكنه محتمل المدرك لأحد الأمور التي ذكرناها سابقاً وعليه فلا يمكن الاستناد إليه؛ إذ لا يكون كاشفاً بنحو الجزم عن رأي المعصوم عليه السلام وإنما يكون كاشفاً عن رأيه إذا جُزِم بعدم وجود مدركٍ له.

وإذا دافع مدافع وقال: - إنَّ المدارك الأخرى باطلة وبالتالي لا يوجد مدركٌ يصلح أن يُستَنَد إليه وبذلك يعود الاجماع المدّعى إلى الحجية.

قلنا: - إنَّ هذا المدرك هو ليس بتام في نظرنا لكنه تام بنظر بعض الفقهاء الذين استندوا إليه، وعليه فلا يمكن أن يكون هذا الاجماع كاشفاً عن رأي المعصوم عليه السلام ولا يمكن أن يكشف عن مدركٍ صحيح.

فإذاً لحد الآن اتضح أننا لم نحصل على مدركٍ معتبرٍ لكون الخيار حقاً موروثاً.


[1] كما يوجد طريقٌ آخر سندكره لاحقاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo