< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة( 167 ) هل يجوز اجبار المشروط عليه على الاتيان بالشرط؟ - شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

 

الوجه الثاني:- ما جاء في مصباح المنهاج[1] ، وحاصله:- إنَّ الشارط يصير مستحقاً لفعل الشرط على المشروط عليه بسبب الاشتراط، وإذا كانالأمركذلك فيجوز للشارط آنذاك اجباره على فعله.

وفيه:- إنه يرد عليه ما أوردناه على الشيخ الأعظم(قده)، من أنَّ اشتراط فعل شيءٍ على شخصٍ لم يثبت كونه ثابتاً للشارط بنحو الحقّيّة وإنما هو يلتئم مع الحكم الشرعي أيضاً.

الوجه الثالث:- ما جاء في مصباح المنهاج أيضاً[2] من أنَّ حيثية الاجبار مأخوذة في نفس الأمر المشترط، فإنَّ مفاد الشرط هو الاجبار والارغام، وما دل على امضاء الشرط هو يمضيه بكل محتوياته والتي منها حيثية الاجبار.

ويردّه ما ذكرنا:- من أنَّ حيثية الاجبار هل هي مأخوذة بنحو الحقيّة أو هي مأخوذة بنحو الحكم الشرعي؟ فإن كانت مأخوذة بنحو الحقيّة فالأمر كما ذكر ولكن لا مثبت لذلك، وإن كانت مأخوذة بنحو التكليف الشرعي فهذا لا ينفعنا إذ تصير القضية أشبه بالحِسبة وأنَّ كل مسلمٍ - لا خصوص الشارط - يتمكن أن يجبر المشروط عليه على فعل الشرط.

والأجدر أن يقال:- إنه حينما يشترط أحد الطرفين على الآخر ففي الحقيقة هنا يوجد شرطان وليس شرطاً واحداً أحدهما صريحٌ والآخر مضمر لا يذكر لوضوحه، أما الصريح فهو ما يذكر في العقد كما لو قال له بعتك كذا بشرط أن تخيط لي ثوباً، وأما المضمر فهو عبارة عن أنه إذا لم تفِ لي بالشرط فلي الحق في أن أُجبرك وأُلزِمك بفعله، فإذا سلّمنا بهذا فحينئذٍ نضم مقدمةً ثانيةً وهي أنَّ مقتضى اطلاق ( المؤمنون عند شروطهم ) امضاء كلا الشرطين لا خصوص الشرط الأول وحينئذٍ لا تعود مشكلة في البين.

ولعل ما ذكر في مصباح المنهاج يشير إلى هذا الوجه.

هذا وقد يتمسك لجواز اجبار المشروط عليه ببعض الروايات نذكر منها اثنين:-

الرواية الأولى:- ما رواه الشيخ باسناده عن الصفار عن الحسن بن موسى الخشّاب عن غياث بن كلوب عن اسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام:- ( أنَّ علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول:- من شرط لامرأته شرطاً فليفِ لها به فإنَّ المسلمين عند شروطهم إلا شرطاً حرّم حلالاً أو أحل حراماً )[3] .

أما سندها:- فيمكن أن يقال باعتباره، فإنَّ طريق الشيخ الطوسي إلى محمد بن الحسن الصفار معتبر، وأما الحسن بن موسى الخشّاب فهو ثقة، وأما غياث بن كلوب فقد جاء في عدّة الأصول للشيخ الطوسي ما نصّه:- ( ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلوب ... من العامة عن أئمتنا عليهم السلام فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه )[4] وهذا يكفي في اعتباره، وأما اسحاق بن عمّار فهو فطحي لكنه ثقة، وعليه فتكون الرواية معتبرة السند.

وأما دلالتها:- فيمكن أن يقال إنَّ غاية ما تدل عليه هو وجوب عمل المشروط عليه بالشرط، وهذا وجوبٌ تكليفيٌ متوجهٌ إلى المشروط عليه وهذا أمر مسلّم لا خلاف فيه، أما أنه يجوز للشارط أن يجبره على فعل الشرط فلا تدل عليه.

الرواية الثانية:- ما رواه الشيخ باسناده عن علي بن الحسن عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن منصور بن بزرج عن عبدٍ صالح قال:- ( قلت له:- إنَّ رجلاً من مواليك تزوج امرأة ثم طلقها فبانت منه فأراد أن يراجعها فأبت عليه إلا أن يجعل لله عليه أن لا يطلقها ولا يتزوج عليها فأعطاها ذلك ثم بدا له في التزويج بعد ذلك فكيف يصنع؟ فقال:- بئس ما صنع، وما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل والنهار؟!! قل له فليفِ للمرأة بشرطها فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال المؤمنون عند شروطهم )[5] .

والاشكال الذي ورد على دلالة الرواية السابقة يرد عليها أيضاً:- فإنَّ غاية ما يستفاد منها هو أنَّ الوفاء بالشرط شيءٌ لازم، أما أنه يحق للشارط اجبار المشروط عليه على فعل الشرط فلا تدل عليه.

والخلاصة من كل ما ذكرنا:- يجب على المشروط عليه الوفاء بالشرط ويجوز للشارط اجباره على ذلك للبيان الذي ذكرناه من أنه يوجد شرطان في البين أحدهما صريح والآخر مضمر وعموم ( المؤمنون عند شروطهم ) يشمل كلا الشرطين.


[1] مصباح المنهاج، الخوئي، ج4، ص28.
[2] مصباح المنهاج، الخوئي، ج4، ص31.
[4] عدة الأصول، الشيخ الطوسي، ج1، ص149.. عدة الأصول، الشيخ الطوسي، ج1، ص380، ط قديمة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo