< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 165 ) الأمور غير المعتبرة في صحة الشرط- شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

الرواية الثالثة:- ما رواه الشيخ الكليني:- ( عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعن علي بن ابراهيم عن أبيه جميعاً عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال:- سُئل وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأةً على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده فإن لم تخرج فإنَّ مهرها خمسون ديناراً إن أبت أن تخرج معه إلى بلاده؟ قال فقال:- ... وإن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين ودار الاسلام فله ما اشترط عليها والمسلمون عند شروطهم )[1] .

أما دلالتها على صحة التعليق في الشرط فهي واضحة:- فإنَّ التعليق في الشرط هنا موجود، لأنه قال لها إذا خرجتِ معي فالمهر مائة دينار وإذا لم تخرجي معي فالمهر خمسون ديناراً فمهر المائة معلّق على الخروج معه وإلا فليس لها ذلك المهر والامام عليه السلام أمضى ذلك.

وأما سندها:- فهو معتبر، فإنَّ العدَّة التي ذكرها الشيخ الكليني - وهي ربما تكون خاصة به - فقد وقع فيها الكلام وأنه من هم هؤلاء العدة وكيف تكون معتبرة؟

ورب قائلٍ يقول:- إنَّ المقصود من العدَّة قد بينه العلامة(قده) في الخلاصة حيث ذكر في بعض فوائده أنه كلما قال الشيخ الكليني ( عدّة من أصحابنا عن سهلٍ ) مثلاً فالمقصود منهم فلان وفلان وفلان، وكلّما قال ( عدّة من اصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى ) مثلاً فالمراد منهم فلان وفلان وفلان ...، فيكون هذا مدركاً لاعتبار العدّة.

ولكن نقول في الجواب:- من أين جاء العلامة بهذا فإنه لا مدرك له.

ولو قلت:- لابد من وجود طريقٍ عند العلامة لذلك.

قلنا:- إنَّه لم يذكر طريقه فيكون مجهولاً عندنا، وحتى لو سلّمنا بوجود طريق له إلى معرفة العدَّة ولكن من قال إنه طريق سالم.

وعليه فما ذكره العلامة(قده) لا يمكن الاعتماد عليه.

نعم أحياناً يقول الشيخ الكليني ( عن سهل عدّة من أصحابما منهم فلان )، فقد يُجعل هذا قرينةً على أنَّ العدّة عن سهل في جميع الموارد لاتي يروي فيها عن سهل تشتمل على فلان المذكور الذي هو ثققة.

وهذا كما ترى أيضاً، فإنَّ احراز كون مقصود الكليني في جميع العدد أنَّ هذا الشخص موجود فيها والجزم به صعبٌ جداً.

وأحسن طريق أن نقول:- إنَّ أقل العدَّة هم ثلاثة، واجتماع ثلاثة من مشايخ الكليني على التواطؤ على الكذب شيءٌ بعيدٌ بحساب الاحتمال بعد أخذ الخصوصيات - فإنهم من مشايخ الكليني -، فيثبت بذلك اعتبار العدّة.

وحتى لو فرضنا ضعف هذا الطريق يوجد طريقٌ آخر للشيخ الكليني[2] إلى هذه الرواية حيث يقول:- ( وعن علي بن إبراهيم عن أبيه جميعاً عن ابن محبوب ).

وعلي بن إبراهيم هو صاحب تفسير القمي الثقة، وأما أبيه إبراهيم بن هاشم فلا يوجد في حقه توثيق صريح، ولكن يوجد أمران يمكن أن يصلحا في اثبات وثاقته:-

الأمر الاول:- كثرة رواية ولده عنه، فإنَّ علي بن إبراهيم من أجلَّة أصحابنا وهو يروي عن والده كثيراً وقد يقال إنَّ هذه الكثرة الكاثرة من الرواية عن شخصٍ لا بيعد أن تكون دالةً على وثاقته عرفاً، وهذه قضية مبنائية.

ولو قلت:- إذا أمكن أن يروي عنه مرةً أمكن أن يروي عنه مرات عديدة؟

قلت:- إنَّ هذا ليس بمقبول فإنَّ العاقل لا يصنع ذلك عادةً إلا إذا ثبتت عنده وثاقة الشخص.

وأما على طريقة السيد الخوئي(قده) وجماعة تثبت وثاقته، لأن ابراهيم بن هاشم قد ورد في أسانيد تفسير القمي وهم يبنون على وثاقة رجال تفسير القمي.

كما يوجد طريقة أخرى لتوثيقه:- وهي أنَّه نشر حديث الكوفيين في قم، وعادةً من يتمكن من نشر أحاديث مدرسة الكوفة في مدرسة قم المعروفة بالتشدد لا يكون إلا رجلاً مقبولاً.

وأما ابن محبوب فهو الحسن بن محبوب وهو من أجلة اصحابنا.

وأما تعبير ( جميعاً ) فيعني أنَّ سهل بن زياد وإبراهيم بن هاشم ينقلان معاً عن ابن محبوب، وأما علي بن رئاب فهو ثقة أيضاً.

وعلى هذا تكون الرواية معتبرة سنداً ودلالة، وعليه يكون الحكم الأول الذي ذكر في المسألة لا إشكال فيه - وهو أنه يجوز التعليق في الشرط - لوجهين، الأول القصور في المقتضي فإنَّ المستند في عدم الجواز هو الاجماع نحن لا نجزم بشموله لتعليق الشرط فنتمسك بعموم ( المؤمنون عند شروطهم )، والثاني الروايات.

وأما الحكم الثاني:- فقد تعرض إليه الشيخ الاعظم(قده) وسبقه إليه صاحب الجواهر(قده) وبنيا على أنَّ الجهالة في الشرط غير ضارّة، قال الشيخ الأعظم(قده):- ( الشرط السادس:- أن لا يكون الشرط مجهولاً جهالة توجب الغرر في البيع ... بل لو فرضنا عدم سراية الغرر في البيع كفى لزومه في أصل الشرط بناءً على أنَّ المنفي مطلق الغرر حتى في غير البيع )[3] ، فعلى هذا الأساس يعتبر في الشرط أن لا يؤدي إلى الغرر فإنَّ أدى الى الغرر فيحنئذٍ يأتي حديث نفي الغرر، ولا معنى لأن نقول هو مختصٌّ بالعقد بل هو يعم حتى الشرط بناءً على أنَّ المنفي فيه هو مطلق الغرر أي حتى في غير البيع يعني حتى في الشرط.

وأما صاحب الجواهر(قده) فقد قال:- ( إنَّ دليل المنع وهو النهي عن الغرر في البيع شامل لعقدٍ ذي الشرط المفروض فيه الغرر وإن لم يصدق على الشرط أنه مبيع أو منه أو ثمنٌ أو منه ضرورة كون المراد النهي عن الغرر في عقد البيع ولو بالنسبة إلى ما فيه من الشرط كما هو واضح )[4] ، أي أنّ لا غرر لا يختص بالبيع وإنما يعمّ الشرط الواقع في البيع.

وفي مقام الكلام عن هذا الموضوع نقول:- إنَّ المستند في كون الغرر يضر في الشرط أمران:-

الأول:- الاجماع.

الثاني:- حديث نفي الغرر.

أما الاجماع:- فلو تمت صغراه - يعني لو كان منعقداً حقاً - فيمكن أن يشكل على حجية بأنه محتمل المدرك، وعليه فلا نجزم بكونه كاشفاً عن رأي المعصوم، والمدرك المحتمل له هو حديث نفي الغرر، وعلى هذا الاساس عادت المشكلة حيث يصير المستند واحداً وهو حديث نفي الغرر أما الاجماع فلا يصير دليلاً في مقابله، وعلى هذا الاساس لابد من بحث هذا الحديث.

ونحن في مسألة ( 87 ) تقدمت منّا الاشارة إلى البحث عن حديث نفي الغرر ولكن نذكره هنا بصورةٍ مجملة:- والكلام تارةً يقع في سنده وأخرى في دلالته.

أما بالنسبة إلى سنده:- فقد نقله صاحب الوسائل(قده) عن عيون أخبار الرضا بما نصّه:- ( وقد نهى رسول اله صلى الله عليه وآلأه عن بيع المضطر وعن بيع الغرر )[5] ، ولو رجعنا إلى عيون أخبار الرضا وجدنا الشيخ الصدوق(قده) ينقله بسنده الذي ينتهي إلى الامام الحسين عليه السلام حيث جاء فيه:- ( خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام فقال:- سيأتي على الناس زمانٌ عضوضٌ يعضُّ المؤمن على ما في يده ... وسيأتي زمانٌ يُقدَم فيه على الأشرار ويُنسَى في الأخيار ويبايع المضطر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن بيع المضطر وعن بيع الغرر )[6] .


[2] فإنه هنا تارة يروي عن العدة وتارةً يروي عن علي بن إبراهيم بطريق آخر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo