< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تتمة مسألة ( 164 )، مسألة ( 165 ) الأمور غير المعتبرة في صحة الشرط- شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

بقي شيء في المسألة وحاصله:- قلنا إنَّ البيع بهذين الشرطين غير جائز، وكلامنا هو أنه هل البيع محرَّم تكليفاً أو هو محرّم وضعاً أو هو محرَّم من كلتا الجهتين؟

والجواب:- المناسب إنَّ يقال إنَّ الامام عليه السلام قال: ( إذا لم يشترط فلا بأس ) وبالمفهموم نعرف أنه إذا اشترط ففيه بأس، وحيث لم يفصّل الامام عليه السلام بين الحرمة التكليفية والوضعية كما أنَّ السائل لم يستفصل أيضاً فيفهم من ذلك أنه مع تخلف الشرط بأن بيع بالبيع الاول بشرط البيع الثاني وكان الثمن في البيع الاول مؤجلاً فهذا لا يحل تكليفاً ووضعاً وإلا لفصّل الامام عليه السلام وقال هو حرام تكليفاً لكن المعاملة صحيحة، فعدم تفصيله يمكن أن يفهم منه أنه على تقدير الاشتراط مع كون البيع إلى أجلٍ في البيع الاول فهذا فيه بأس من كلتا الناحيتين وإلا كان من المناسب التفصيل، ويظهر من عبارة السيد الماتن أنه مع تخلف الشرط تكون المعاملة حرام تكليفاً وباطلة وضعاً فإنه قال في بداية المسألة: ( ( نعم لا يجوز ذلك ) ثم حكم في نهاية المسألة بالبطلان، فكلامه الأول ناظر إلى عدم الجواز التكليفي وأما كلامه الأخير فهو ناظر إلى الحكم الوضعي وأنَّ المعاملة تقع باطلة.

مسألة ( 165 ):- لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجّزاً بل يجوز فيه التعليق كما إذا باع داره وشرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهراً إذا لم يسافر، بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أيضاً إلا إذا كانت الجهالة موجبة لأن يكون البيع غررياًفيفسد البيع حينئذٍ.

.......................................................................................................... تشتمل المسألة على فرعين:-

الفرع الأول:- لا يلزم في الشرط أن يكون منجّزاً بل يجوز أن يكون معلّقاً.

الفرع الثاني:- لا بأس بثبوت الجهالة في الشرط إذا لم تكن مؤدية إلى الغرر.

وينبغي الالتفات إلى أنه في المسألة السابقة كنّا نبيّن الأمور المعتبرة في صحة الشرط وقلنا إنَّ الشيخ الأعظم(قده) ذكر ثمانية أمور وأما السيد الخوئي(قده) فقد جعلها أربعة، وأما في هذه المسألة فيراد أن تبيَّن أمور لا تعتبر في الشرط.

وباختصار إنَّ الذي ذكر في هذه المسألة أمران، الأول لا يعتبر في الشرط أن يكون منجّزاً بل لا بأس وأن يكون معلقاً، والثاني لا بأس أن يكون الشرط مجهولاً إذا لم تؤدِّ الجهالة إلى الغرر كما لو فرض أنَّ شخصاً باع داره التي في كربلاء مثلاً واشترط على المشتري أن يبقى فيها ساعةً أو ساعتين ليلية النصف من شعبان فهذه الجهالة لا تؤدي إلى الغرر عرفاً، وأما الجهالة التي تؤدي إلى الغرر فهي كما إذا قال البائع للمشتري سوف أجيء في أثناء السنة إلى الدار لمدة يومٍ أو شهرٍ أو شهرين فهذه الجهالة تؤدي إلى الغرر إذ يوجد تردد هنا بخلاف تلك الجهالة.فإذاً هذه المسألة على خلاف المسألة السابقة.

ومن هذا نعرف أنَّ التعليق في الشرط والجهالة تجوز في الشرط أيضاً.

أما الحكم في الفرع الأول:- فقد يشكل عليه باشكالين:-

الأول:- إنه يوجد محذوران:-

المحذور الاول:- إنَّ التعليق في الشرط بالتالي يؤدي إلى التعليق في أصل العقد، لأنَّ الشرط هو جزء من العقد فالتعليق فيه هو تعليقٌ في أصل العقد وقد تقدَّم أنَّ التعليق في العقود لا يجوز، وقد أشار الشيخ الاعظم(قده) إلى هذا الاشكال بقوله:- ( فإنَّ مرجع قوله بعتك هذا بدرهم على أن تخيط لي على تقدير مجيء زيد )[1] يعني سوف يصير هذا تعليقاً في أصل المعاوضة فإنَّ المعاوضة سوف تصير بين المبيع وبين الدرهم المقرون بخياطة الثوب على تقدير مجيء زيد، فأصل العقد سوف يكون معلَّقاً والتعليق في أصل العقد لا يجوز.

المحذور الثاني:- إنه يلزم البيع بثمنين والحال أنَّ الثمن لابد وأن يتعيّن فإنَّ شرط صحة العقد تعيّن الثمن، لأنَّ البائع قال للمشتري أبيعك كذا بردهم على أن تخيط لي ثوباً إن جاء زيد فحينئذٍ على تقدير عدم مجيء زيد سوف يكون الثمن هو الدرهم من دون خياطة الثوب وأما إذا جاء زيد فسوف يكون الثمن هو الدرهم مع الخياطة فيلزم من ذلك البيع بثمنين، وقد أشار إليه الشيخ الاعظم(قده) إلى هذا بقوله:- ( بل يؤدي إلى البيع بثمنين على تقديرين فباعه بالدرهم المجرد على تقدير عدم مجيء زيد وبالدرهم المقرون مع خياطة الثوب على تقدير مجيئه ).

وقد أجاب الشيخ الاعظم(قده) عن هذا قائلاً:- إنَّ الشرط ليس هو الخياطة وحدها حتى يلزم التعليق فيها وإنما الشرط هو الخياطة عند مجيء زيد، فالشرط ليس هو أصل الخياطة وإنما هو الخياطة عند مجيء زيد فلا يلزم من ذلك التعليق في الشرط، قال:- ( ويندفع بأن الشرط هو الخياطة على تقدير المجيء لا الخياطة المطلقة ليرجع التعليق إلى أصل المعاوضة الخاصة. ومجرد رجوعهما في المعنى إلى أمرٍ واحد لا يوجب البطلان )[2] .

فالشيخ الاعظم(قده) رفع كلمة ( إذا ) وجعل بدلها كلمة ( عند ) وبالتالي لا يكون الشرط معلّقاً وإنما الشرط هو الحصَّة الخاصة وهو الخياطة عند مجيء زيد.

وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ ما ذكره في الجواب لا يخلو من تكلّف، والأجدر أن يجاب بجوابين:-

الجواب الاول:- إنَّ دليل اعتبار عدم التعليق الموجود عندنا هو الاجماع ولا يوجد دليل لفظي، وحيث إنَّ الاجماع دليل لبّي فيقتصر على القدر المتيقن وهو التعليق في أصل العقد دون الشرط فإنه يشك في سعة الاجماع لذلك وحيث إنه دلبّي فيقتصر على القدر المتيقن.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo