< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 164 ) حكم اشتراط البائع على المشتري أن يبيع عليه المبيع ثانيةً - شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

هذا كله مضافاً إلى ضعف الرواية من حيث السند، فإنَّ الحسين بن المنذر لم يرد في حقه توثيق، نعم روى الكشي عن حمدويه[1] بسندٍ ينتهي إلى الحسين بن المنذر أنه قال:- ( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام جالساً فقال لي معتب:- خفف عن أبي عبد الله، فقال له أبو عبد اله عليه السلام:- دعه فإنه من فِراخ الشيعة )[2] .

ولكن هذا المقدار لا يستفاد منه التوثيق إذ لعل المقصود منه أنَّ هذا الشخص جديد العهد ويريد أن يتعلّم فلا تمنعه من كثرة السؤال، مضافاً إلى أنَّ الرواي للرواية هو الحسين بن المنذر نفسه، مضافاً إلى ورود محمد بن سنان في طريقها وهو فيه قيل وقال، وعليه فلا يمكن الاعتماد على هذه الرواية لاثبات المنع من البيع بشرط البيع.

وبعد مناقشة الأدلة الثلاثة المتقدّمة لاثبات بطلان البيع بشرط البيع وعدم وجود مستندٍ آخر لذلك نرجع إلى العمومات والقواعد الأولية مثل ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ و﴿ أحل الله البيع ﴾ و﴿ المؤمنون عند شروطهم ﴾ و﴿ تجارة عن تراض ﴾ فإنه يمكن التسمك بها لاثبات صحة هذه المعاملة وامضاؤها، إذ مقتضى هذه العمومات أنَّ كل معاملة هي ممضية إلا ما خرج بأحد العناوين، والمفروض أنَّ هذه المعاملة لم يثبت خروجها بأحد العناوين فتكون صحيحة.

هذا كله بالنسبة إلى الحكم الاول الذي تشتمل عليه هذه المسألة بشقيه.

الحكم الثاني- الفرع الثاني -:- يجوز البيع بشرط أن يبيع المشتري الشيء على البائع ثانيةً بشرط عدم الزيادة والنقيصة في الثمن الثاني على الثمن الاول.

وذلك لوجود روايةٍ في هذا المورد ولولاها لكان المناسب جواز اشتراط البيع الثاني ضمن البيع الاول حتى لو كان بزيادةٍ أو نقيصةٍ عن الثمن الاول وذلك للعمومات المتقدمة حيث نتمسك بها فإنَّ مقتضاها صحة كل معاملة والخروج من هذه العمومات هو الذي يحتاج إلى الدليل.

وعليه فإن تم هذا الدليل - الرواية - على بطلان هذه المعاملة فسوف يكون هو المرجع ونحكم بعدم الجواز، وأما إذا لم يكن تاماً فالمناسب هو الجواز للعمومات المتقدّمة، وهذه قضية معلومة وهي من أوليات الفقه، ومن الأوليات أنَّ القاعدة العامة في كل معاملة هي الصحة للعمومات والخروج عن ذلك والحكم بالبطلان هو الذي يحتاج إلى مخصّصٍ ودليل.

والرواية الواردة في هذا الفرع هي رواية علي بن جعفر حيث اشترط الامام عليه السلام عدم الزيادة والنقيصة في الثمن.

ولكن قبل ذكرها ننبه على شيء:- وهو أنَّ علي بن جعفر - هو أخو الامام الكاظم عليه السلام - يروي روايات متعددة عن أخيه عليه السلام وله كتاب جمعت فيه رواياته يعرف بكتاب علي بن جعفر، وقد وصل هذا الكتاب إلى الشيخ الطوسي ثم نقل عنه صاحب الوسائل، وقد ذكر الشيخ الطوسي طريقاً معتبراً إلى علي بن جعفر، وكذلك يوجد طريق معتبر عند صاحب الوسائل إلى كل مرويات الشيخ الطوسي وأحد مروياته هو كتاب علي بن جعفر، وعليه فيكفينا طريقٌ معتبرٌ بين صاحب الوسائل وبين الشيخ الطوسي، والظاهر أنَّ لصاحب الوسائل طريقٌ خاصٌ معتبرٌ لهذا الكتاب أيضاً، كما رواها عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الاسناد، وقد كان هذان الكتابان موجودان عند صاحب الوسائل وهو قد نقلها عن قرب الاسناد ثم بعد ذلك ذكر أنَّ علي بن جعفر قد رواها في كتابه أيضاً، ثم قال:- ( إلا أنه فيه كلمتان ليستا موجودتين في نقل قرب الاسناد)،.

وبما أنَّ صاحب الوسائل له طريق معتبر إلى الشيخ الطوسي والشيخ الطوسي له طريق معتبر إلى كتاب علي بن جعفر وهذه الزيادة موجودة في كتاب علي بن جعفر فسوف نأخذ بهذه الزيادة رغم عدم وجودها في كتاب قرب الاسناد.

أما نقل قرب الاسناد فقد قال صاحب الوسائل هكذا:- ( في قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر، قال:- سألته عن رجلٍ باع ثوباً بعشرة دراهم ثم اشتراه بخمسة دراهم أيحل؟ قال:- إذا لم يشترط فلا بأس )[3] ، وهذا الطريق محل إشكال من ناحية عبد الله بن الحسن حيث لم يرد في حقه توثيق، وجميع روايات قرب الاسناد التي نقلها صاحب الوسائل مبتلاة بهذه المشكلة.

والمقصود من قوله عليه السلام ( إذا لم يشترط ) يعني إذا لم يشترط البيع الثاني - وهو الشراء بخمسة دراهم - في البيع الأول فلا بأس، ومفهومه سوف يصير إنه إذا اشترطه ففيه بأس وظاهر البأس هو البطلان، فتكون هذه الرواية دالة على البطلان.

ولكن صاحب الوسائل قال بعد ذلك:- ( ورواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:- سألته عن رجل باع ثوباً بعشرة دراهم إلى أجلٍ ثم اشتراه بخمسة دراهم بنقدٍ أيحل؟ قال:- إذا لم يشترط فلا بأس).

والفرق بين رواية علي بن جعفر ورواية قرب الاسناد هو أنَّه يوجد قيدان في رواية علي بن جعفر الاول إنه ذكر بعد قوله ( بعشرة دراهم ) قيد ( إلى أجل )، والثاني إنه ذكر بعد قوله ( ثم اشتراه بخمسة دراهم ) قيد ( بنقد ) وحيث إنَّ النقل المعتبر هو ما ورد عن كتاب علي بن جعفر - لأنه يوجد طريق معتبر إليه - فيكون المدار عليه.

ولكن يظهر من السيد الخوئي(قده) أنه لم يلتفت إلى هذه التكملة التي ذكرها صاحب الوسائل وإلا فلو كان ملتفتاً لها لجاءت فتواه مطابقة لما أخذ في وراية علي بن جعفر من هذين القدين والحال أنه لم يأخذهما في المنهاج كما لم يشر إلى هذه القضية في التنقيح.


[1] حمدويه بن نصير أستاذ الكشي وهو ثقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo