< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 164 ) حكم اشتراط البائع على المشتري أن يبيع عليه المبيع ثانيةً - شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

 

وقبل أن نذكر مناقشة الرواية نذكر شيئاً جانبياً:- وهو أننا لو قرأنا الرواية لوجدنا أنَّ ظاهرها يشير إلى صدور ثلاث معاملات، الأولى ما ذكرت ملة له السلعة اليتبقوله ( الرجل يجيئني فيطلب العينة فاشتري له المتاع مرابحةً ) يعني يذهب هذا الشخص ويشتري له السلعة التي يريدها الشخص الثاني، والثانية ذكرها بقوله: ( ثم ابيعه إياه )، الثالثة ذكرلها بقوله ( ثم أشتريه منه مكاني ) هذه معاملة ثالثة.

ونحن نقول:- المهم هو المعاملة الثانية والثالثة دون الاولى ولابد من حذف المعاملة الأولى من الحساب إذ أنها ليست دخليه في المطلب، لأنه قد تكون السلعة موجودةً عن الشخص الأول من دون حاجةٍ إلى أن يشتريها من السوق مثلاً ثم يبيعها على المشتري.

ونحن حينما نعبّر عن المعاملة بالمعاملة الاولى في بحثنا هذا فنحن نطلقه على المعاملة التي تجري مع الشخص الثاني الذي جاء ويطلب العينة فبيع هذه السلعة عليه نسميه بالمعاملة الأولى، فلا يحصل خلطٌ واشتباهٌ في المسألة.

فإذاً المهم عندنا هو معاملاتان الاولى بيع السلعة على من طلب العينة بثمنٍ مؤجلٍ إلى سنةٍ مثلاً والثانية أن يشتري البائع السلعة ثانيةً من المشتري بثمنٍ حال.

وهل استدل بهذه الرواية على جواز هذه المعاملة أو عدم جوازها؟

والجواب:- إنَّ الامام عليه السلام قال:- ( إذا كنت أنت بالخيار أن تبيع أو لا تبيع وهو بالخيار في أن يشتري أو لا يشتري فصحيح ) والمفهوم منه أنه إذا كان هناك اختيارٌ في البين فالمعاملة تقع صحيحة ولازم هذا أنه مع اشتراط المعاملة الثانية ضمن المعاملة الاولى لم تصح المعاملة لأنَّ الامام عليه السلام قال:- ( إن شاء باع وإن شاء لم يبع فيصح ) فلو لم يكن مختاراً لم تصح، وفي موردنا الشخص الطرف الثاني - وهو المشتري - ملزمٌ ببيع السلعة على البائع ثانيةً فهو ليس مختاراً في البيع والشراء وإنما هو مجبرُ على بيع السلعة على البائع فلا تكون المعاملة صحيحة، فإنَّ الامام عليه السلام قال:- ( إن كان بالخيار إن شاء وإن شاء لم يبع وكنت انت بالخيار إن شئت استريت وإن شئت لم تشترِ فلا بأس )، ومفهومها أنه إذا لم تكن بالخيار ففيه بأس، وفي موردنا قد يقال إنَّ المشتري ليس بالخيار فالمعاملة يكون فيها بأس فإن اشتراط البائع على المشتري أن يبيع السلعة عليه ثانيةً يصير فيه بأس فتكون المعاملة باطلة.

وذكر الشيخ الاعظم(قده) في المكاسب[1] عدّة مناقشات لكن الطابع العام عليها الضعف:- ولعل أحسن تلك المناقشات ما ذكره بقوله:- ( إنَّ غاية ما تدل عليه الرواية هو ثبوت البأس إن لم يكن البائع بالخيار في البيع والشراء أو المشتري إن لم يكن بالخيار في البيع والشراء والبأس لا يدل على البطلان ).

وقد أجاب الشيخ الاعظم(قده) عن هذا وقال ما نصَّه:- ( وفيه ما لا يخفى ).

ونحن نوافقه على ذلك، فإنَّ المناقش قال إنَّ الرواية تدل بالمفهوم على أنه إذا لم يكن البائع أو المشتري بالخيار ففي البيع بأسٌ والبأس لا يدل على البطلان، ولكن نقول إنَّ عهدة هذه الدعوى عليه، إذ حينما يتكلم الامام عليه السلام في مثل هذا المورد يفهم من ذلك البطلان عرفاً.

ولكن الذي يسجل على الشيخ الاعظم(قده):- هو أنَّه اقتصر في الردَّ على الرواية بهذا الكلام فقط ولم يذكر أنها ضعيفة السند وكان المناسب له أن يناقشها من حيث السند.

المناقشة الثانية التي يمكن أن تسجل على هذه الرواية أن يقال:- لو رجعنا إلى الرواية وجدنا أنَّ البيع الأول ما عبر عنه بقوله ( ... أبيعه إياه ) والبيع الثاني ما عبر عنه بقوله ( ثم أشتريه منه مكاني ) وظاهر الرواية أنَّ البأس الوارد فيها يرجع إلى البيع الثاني بينما مورد كلامنا هو في البيع الأول الذي حصل فيه اشتراط البيع الثاني وأنه صحيح أو ليس بصحيح، فالرواية قالت ( إذا كان بالخيار إن شاء باع وإن شاء لم يبع - أي المشتري - وكنت أنت بالخيار إن شئت اشتريت وإن شئت لم تشتر - أي البائع - فلا بأس )، فهنا تعبير ( لا بأس ) ناظر إلى البيع الثاني الذي يصدر من المشتري بحيث أن المشتري كان بالخيار في أن يبيع للبائع أو لا يبع له وهي قالت إن كان المشتري مخيراً في البيع للبائع فلا بأس، والمفروض في محل الكلام أنَّ المشتري ليس بمخيّر في ذلك وإنما اشتُرِط عليه البيع الثاني ضمن البيع الأول فتأتي هذه الشبهة والامام عليه السلام قال إذا كان مخيراً في أن يبيع أو لا يبيع وكنت أنت مخيراً في الشراء وعدمه فلا بأس وإلا فيوجد بأس في البيع الثاني، فالكلام إذاً هو في البيع الثاني بينما محل كلامنا هو في البيع الاول، فنحن نريد أن نقول إنَّ البيع الأول يبطل بنفس الاشتراط.

فإذاً هذه الرواية قد استدل بها على بطلان البيع الأول والحال أنَّ من يقرؤها يستفيد منها بطلان البيع الثاني، ولا أقل هو محتملٌ ويكفينا هذا المقدار، وعليه فلا يصح التمسك بها لأنها خارجة عن محل الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo