< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 164 ) حكم اشتراط البائع على المشتري أن يبيع عليه المبيع ثانيةً - شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

أما الفرع الأول:- فقد تعرض له الشيخ الاعظم(قده) في المكاسب[1] وفصّل في هذا المجال، فقال إنَّ البيع جائزٌ إذا لم يكن هناك اشتراط للبيع الثاني ضمن البيع الأول وأما مع الاشتراط فلا يجوز، فلو اشترط البائع على المشتري أنه إذا باعه داره فعليه أن يبيعها عليه بعد ذلك لم يجز ذلك البيع.

ومن هذا يتضح أنَّ للشيخ الأعظم(قده) دعويان:-

الأولى:- يجوز البيع الثاني إذا لم يؤخذ شرطاً في البيع الأول.

الثانية:- لا يجوز البيع الثاني إذا أخذ شرطاً في البيع الأول.

ونحن نقول:-

أما دعواه الاولى:- فالمعروف بين الأصحاب هو ذلك - أي الجواز - بيد أنَّ الشيخ الطوسي(قده)[2] [3] خالف في ذلك حيث ذهب إلى عدم جواز البيع الأول حتى إذا لم يؤخذ البيع الثاني شرطاً في البيع الأول، قال في النهاية:- ( ومتى باع الشيء بأجلٍ ثم حضر الأجل ولم يكن مع المشتري ما يعطيه إياه جاز له أن يأخذ منه ما كان باعه إياه من غير نقصان من ثمنه فإن أخذه بنقصانٍ مما باع لم يكن ذلك صحيحاً ولزمه ثمنه الذي كان أعطاه به)[4] ، وعبارته واضحة في عدم الجواز ولكن ليس عدم الجواز مطلقاً وإنما في خصوص حالةٍ واحدةٍ وهي حالة ما إذا كان اشتراط البيع بثمنٍ أقل من ثمن البيع الأول.

ولكن هذه مجرّد دعوى من دون أن يذكر لها مستند.

ولكن يمكن أن يستدل على الجواز مطلقاً[5] في حالة عدم الاشتراط بدليلين:-

الدليل الاول:- العمومات.

الدليل الثاني:- الروايات الخاصة.

أما العمومات:- فواضحة، وهي مثل قوله عزَّ وجل ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ و﴿ أحلَّ الله البيع ﴾ فإنَّ هذين الدليلين باطلاقهما يشملان البيع الذي هو محل كلامنا وهو أن يبيع شخص داره ثم يريد أن يشتريها من المشتري ولكن من دون اشتراط بيعها عليه في البيع الاول فهنا يجوز له أن يشتريها من المشتري باقل من الثمن فإنَّ العمومات تقتضي جواز ذلك.

وأما الروايات الخاصة:- فهي:-

الرواية الاولى:- ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسماعيل عن منصور بن يونس عن شعيب الحداد عن بشار بن يسار :- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبيع المتاع بنساءٍ فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه، قال:- نعم لا بأس به، فقلت له:- أشتري متاعي[6] ؟! فقال:- ليس هو متاعك ولا بقرك ولا غنمك )[7] . ورواها الشيخ والصدوق(قده) أيضاً[8] .

أما سندها:- فهو معتبر، فإنَّ محمد بن يحيى فهو الأشعري القمي الثقة الجليل، ومحمد بن الحسين فهو ابن أبي الخطاب وهو من أجلة أصحابنا، ومحمد بن اسماعيل فهو ابن بزيع وهو من أجلة أصحابنا، ومنصور بن يونس فهو من أجلة أصحابنا أيضاً، وأما شعيب الحداد وبشّار بن يسار فكلاهما قد وثّق من قبل النجاشي أو الشيخ الطوسي، وعليه فلا مشكلة من حيث السند.

وأما دلالتها:- فإنَّ الامام عليه السلام لم يستفصل بين ما إذا كان البيع قبل الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغير جنسه بأقل من الثمن أو بأكثر منه وإنما اطلق، وعليه تكون دلالتها واضحة على المطلوب، كما أنها باطلاقها تشمل العين الشخصية فإنَّ كلامنا في العين الشخصية دون الكلّية.

الرواية الثانية:- ما رواه الشيخ الصدوق باسناده عن منصور بن حازم قال:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه فأتى الطالب المطلوب يتقاضاه فقال له المطلوب أبيعك هذا الغنم بدراهمك التي لك عندي فرضي، فقال:- لا بأس بذلك )[9] . وهناك روايات أخرى في هذا المجال.

والخلاصة:- مادام لم يؤخذ البيع الثاني كشرطٍ في البيع الأول جاز للبائع أن يشتري متاعه الذي باعه ولم يقبض ثمنه فإنه لا محذور في ذلك لمقتضى العمومات وللروايات الخاصة.


[5] اي باقل من الثمن أو بأكثر منه.
[6] يعني قبل حلول أجل النسيئة وكأن هذا البائع توهم أنه قبل أن يسلم المشتري الثمن له هذا الشيء ذالي باعه هو بعدُ باقٍ على ملكه لعدم انتهاء الأجل.
[8] فهذه الرواية قد رواها المحمدون الثلاثة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo