< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

وأما دلالةً:- فلاحتمال أنَّ يكون المقصود من الغرر هو الخديعة ويكفينا الاحتمال ولا حاجة إلى الاستظهار، وعليه فسوف لا يشمل موردنا لأننا نشترط يحفظ العبد القرآن الكريم في ساعةٍ واحدة وهذا ليس من الخديعة، ومادمنا نحتمل كون المقصود من الغرر هو الخديعة فلا يمكن حينئذٍ التمسك بحديث لا ضرر.

ولو قيل:- إنَّ الكل قد استند إلى حديث في الغرر.

قلنا:-

أولاً:- ليس من العلوم أنَّهم باجمعهم قد استندوا إليه.

ثانياً:- حتى لو فرض أنهم استندوا إليه ولكن الاستناد إليه لا يعني أنه لا يحتمل أن يكون المقصود من الغرر فيه هو الخديعة، وبالتالي لا يمكن التمسك به.

والأجدر أن يقال:- إنَّ هذا الشرط غير عقلائي فإنَّ العاقل لا يقدم عليه، ومادام ليس عقلائياً فشمول عموم حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) له إما أن يجزم بعدمه أو لا أقل من الشك في شموله له ومعه لا يمكن اثبات صحته فإنَّ مدرك صحته ينحصر بعموم هذ الحديث ولكن يمكن أن يقال إنَّ هذا الحديث لايشمله لأنه شرطٌ غير عقلائي والحديث بعمومه لا يشمل الأمور غير العقلائية.

إن قلت:- هناك اطلاق في حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) فنتمسك به لاثبات شرعية الشرط في محل الكلام.

قلت:-

أولاً:- نحن نجزم بأنَّ الحديث لا يشمل الشروط غير العقلائية، لأنه لا معنى لأنَّ يشمل الشرط غير المقدور - يعني غير العقلائي - فلا معنى حينئذٍ للتمسك بالاطلاق آنذاك، على أنه قلنا يكفينا الشك في سعته لمثل ذلك ولا نحتاج إلى الجزم.

ثانياً:- إنَّ الاطلاق ليس بموجود، فنحن ننكر أصل الاطلاق وذلك للمقدمة التي أضفناها إلى مقدمات الحكمة وهي أن يستهجن الاطلاق على تقدير ارادة المقيد واقعاً، ومثال ما يستهجن أن يقول ( اعتق رقبة ) ومراده واقعاً هو خصوص الرقبة المؤمنة فهنا يستهجن الاطلاق وحينئذٍ سوف ينعقد الاطلاق، أما إذا لم يستهجن الاطلاق على تقدير ارادة المقيد واقعاً فلا ينعقد حينئذٍ الاطلاق، ومقانا من هذا القبيل فإنه لو ظهر المتكلم وقال إنَّ مقصودي من حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) هو ما إذا كان متعلّق الشرط مقدوراً فلا يستهجن منه ذلك، وعليه فلا معنى لاستهجان الاطلاق هنا، وكأن هذا المورد خارج بوضوح فلا يكون مشمولاً للاطلاق، وعلى هذا الاساس لا ينعقد الاطلاق لأجل هذه المقدمة.

إذاً اتضح أنَّ المناسب في مقام الاستدلال على شرطية القدرة في متعلّق الشرط هو ما ذكرناه من دليلٍ وليس ما ذكره الشيخ الأعظم(قده).

عودٌ إلى صلب الموضوع:- يقع الكلام الآن فيما جاء في المكاسب، وهي الأمور المعتبرة في صحة الشرط، وقد ذكر الشيخ الأعظم(قده) ثمانية أمور ذكرنا منها أربع ونذكر منها الآن اثنان:-

فهو ذكر الشرط الثاني منها فقال:- ( الثاني:- أن يكون الشرط سائغاً في نفسه فلا يجوز اشتراط جعل العنب خمراً ونحوه لعدم نفوذ الالتزام بالمحرّم )[1] ، ثم حينما وصل إلى الشرط الرابع قال:- ( الرابع:- أن لا يكون مخالفاً للكتاب والسنَّة )[2] .

والسؤال:- هل المناسب عدّ هذين شرطين مستقلين أو المناسب عدّهما شرطاً واحداً؟ ووجه عدم كونهما شرطين مستقلين هو أنَّ الثاني مصداقٌ للرابع، فإنه إذا لم يكن الشرط سائغاً كان محرّماً وبالتالي يصير مخالفاً للكتاب والسنَّة، فما الموجب لعدّه شرطاً آخر؟

أجاب الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) وقال[3] :- إنَّ مقصود الشيخ الاعظم من لزوم كون الشرط سائغاً يعني إذا لم تكن هناك مخالفة عملية، فيلزم في الشرط أن لا يكون عمله وفعله مصداقاً للمحرّم كاشتراط شرب الخمر، وأما بالنسبة إلى الشرط الرابع فهو ناظر إلى أنه لا يبني المكلف على جعل الحرام حلالاً بقطع النظر عن جنبة العمل، فهو حينما اشترط أن لا يكون مخالفاً للكتاب والسنَّة يعني أن لا يشترط أن يكون الحرام حلالاً أو بالعكس فإنَّ هذا مخالفٌ للكتاب والسنَّة، مثل أن يقول له ( بشرط أن يكون فعل الحرام - مثل السرقة - جائزاً )، بينما في الثاني هو ناظر إلى العمل فهو يشترط عليه فعل الحرام فذاك فعبّر عنه بـ( أن يكون الشرط سائغاً )، وأما الرابع فهو ناظر إلى أن لا يكون الاشتراط في مقام الالتزام بقطع النظر عن العمل اشتراطاً لكون الحرام حلالاً فإنَّ صيرورة الحرام - كشرب الخمر - حلالاً مخالفٌ للكتاب والسنَّة بقطع النظر عن العمل.


[3] حاشية المكاسب، الحاد ميرزا علي الايرواني، ج3، ص270.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo