< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط صحة الشرط- الخيار السابع ( خيار العيب) - الفصل الرابع ( الخيارات).

ثانياً:- ماذا يقصد من الموافق للكتاب والمخالف له؟

يظهر من الشيخ الأعظم(قده) أنه فسّر الموافقة للكتاب بالموافقة المعهودة في الأذهان:- يعني الموافقة لأحكامه من عام أو خاص أو مطلق أو أي حكمٍ من أحكامه، مثل البيع فإنَّ حكمه ﴿ وأحلَّ الله البيع ﴾ فإذا كان الشرط موافقاً لهذا الحكم فهو موافقٌ للكتاب الكريم وإلا فلا.

ولكن يمكن أن تفسّر الموافقة والمخالفة بالكتاب بتفسيرٍ جديد وذلك بأن يقال:- إنَّ المقصود من الموافقة للكتاب ليس هو الموافقة لأحكامه من عمومٍ أو خصوصٍ أو ما شاكل ذلك وإنما المقصود هو الموافقة للأسس التي ابتنى عليها الكتاب الكريم، وهكذا المقصود من المخالفة فهي المخالفة لتلك الأسس، والأسس التي ابتنى عليها الكتاب الكريم كثيرة من قبيل العدالة في القول والفعل فهذا من المفاهيم القرآنية الاسلامية الاساسية المهمة، وكذلك الصدق أعم من كونه صدقاً في السلوك والفعل أو القول، ومن قبيل محبَّة الآخرين فقد أكد الكتاب الكريم على هذا المفهوم، وكذلك عدم الغش، وعدم الخيانة، وعدم الظلم، وما شاكل ذلك.

وبتعبيرٍ آخر:- قد يسأل سائل ويقول عرّفوني اسلامكم وما هي أسسه ومفاهيمه العامة التي يبتني عليها؟ فنحن نجيبه بهذه الأمور التي منها العادلة في القول والفعل والصدق واحترام الآخرين وحسن التعامل إلى غير ذلك من هذه الأمور فهذه هي أسس الاسلام، وحينما يقال إذا وافق الشرط الكتاب لا يقصد بذلك الموافقة لآيةٍ من آياته بحيث نذهب ونفتّش عن تلك الآية الكريمة وإنما المقصود هو الموافقة لأسسه ومبانية العامة بأن يكون موفقاً للعدالة مثلاً فلا يكون الشرط مبتنياً على الظلم، فمعنى موافق للكتاب يعني مثلاً أن لا يبتني الشرط على الظلم ... وهكذا، فهذه هي الأسس العامة التي يبتني عليها الكتاب الكريم ويدعو إليها، وما ذكرناه إن لم يحصل الجزم بكونه مقصوداً فلا أقل من احتماله وهذا يكفينا في ضعف ما أفاده الشيخ الأعظم(قده)، إذ بالتالي سوف يصير تردّدٌ واجمالٌ في المقصود فلا يتم ما أفاده.

ولو قيل:- إذا كان ما ذكرته من المقصود هو على مستوى الاحتمال فلا يتم ما ذكرته أنت أيضاً؟

قلت:- نحن الآن في صدد الردّ على الشيخ الأعظم(قده) ويكفينا في الردّ عليه ابراز ما ذكرناه ولو على مستوى الاحتمال، لأنَّ ما ذكره من موافقته للعمومات ليس شيئاً جزمياً لأنه لا يوجد في الرواية تعبير ( الموافقة للعموم الكتاب) وإنما الموجود هو تعبير ( الموافقة للكتاب ) فيحتمل أن يكون المقصود هو الموافقة للعموم كما فسّره الشيخ الأعظم(قده) كما يحتمل أن المقصود هو الموافقة للأسس التي قام عليها الكتاب، فصارت القضية مجملة فما أفاده لا يمكن البناء عليه حينئذٍ، فيكفينا ابراز الاحتمال في الردَّ عليه.

الأمر الثاني:- قد يقال إنَّ النسبة بين ما دل على ردّ الشرط المخالف للكتاب أو غير الموافق له وبين دليل وجوب الوفاء بالشرط هي نسبة المعارضة بنحو العموم والخصوص من وجه وليست هي نسبة العموم والخصوص المطلق حتى يقدّم أحدهما على الآخر بالتخصيص مثل ردّ المخالف يقدّم بالتخصيص على وجوب الوفاء بالشرط وإنما يتقدم ردّ المخالف للكتاب الكريم على وجوب الوفاء بالشرط إذا كانت النسبة بينهما هي العموم والخصوص المطلق فيصير تخصيص وتصير النيجة هي أنَّ كل شرطٍ يجب الوفاء به إلا ما خالف الكتاب، أما إذا قلنا إنَّ السنبة بينهما هي العموم والخصوص من وجهٍ فحينئذٍ لا مجال لاجراء عملية التخصيص، ومما يمكن أن يستشهد به على ذلك رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله:- إنَّ على كل حقٍ حقيقة وعلى كل صوابٍ نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه )[1] ، فهذا مطلقٌ فهو قال ( ما وافق كتاب الله ) وهذا يشمل الشرط أيضاً، وإذا ذهبنا إلى حديث ( الموؤمنون عند شروطهم ) فهو مطلقٌ أيضاً، فكلاهما مطلق، وعلى هذا الأساس لا مجال للتقديم بفكرة التخصيص.

والجواب واضح حيث يقال:- إنَّ هذا يتم فيما إذا كانت روايات وجوب الوفاء بالشرط مطلقة ولكن ورد في عدّة روايات أنها مقيدة بما وافق الكتاب أو السنَّة، فعلى هذا الاساس حديث ( المؤمنون عند شروطهم ) ليس بمطلق حتى تكون النسبة بينه وبين ما دل على ردّ المخالف للكتاب هي العموم والخصوص من وجه وإنما دائرته ضيقة لوجود رواياتٍ أخرى تقيّد هذا بالشرط الذي ليس بمخالفٍ للكتاب الكريم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo