< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط صحة الشرط- الخيار السابع ( خيار العيب) - الفصل الرابع ( الخيارات).

قضايا جانبية ترتبط بالشرط الأول:-

القضية الأولى:- هل المدار في صحة الشرط على موافقته للكتاب الكريم أو يكفي عدم مخالفته له؟

يوجد كلام للشيخ الأعظم(قده) في هذا المجال وحاصله:- إنَّ كل شرط إذا لم يكن مخالفاً للكتاب الكريم فهو موافق له ولا أقل هو موافق لعمومٍ من عمومات الكتاب، فإذا كان موافقاً لعمومٍ من عموماته فإذاً كل شرط مادام مخالفاً لنصٍّ قرآني فهو موافقٌ لواحدٍ من عمومات الكتاب، قال:- ( ولا يبعد أن يراد بالموافقة عدم المخالفة نظراً إلى موافقة ما لم يخالف كتاب الله بالخصوص لعموماته المرخّصة للتصرفات غير المحرمة في النفس والمال، فخياطة البائع مثلاً موافق للكتاب بهذا المعنى )[1] .

ونلفت النظر إلى أنَّ كلمة ( لعموماته ) التي ذكرها الشيخ الأعظم في عبارته متعلقة بكلمة ( موافقة )، ولو كان يغير التعبير فيقول ( نظراً إلى أن الذي لم يخالف كتاب الله بالخصوص هو موافق لعموماته المرخّصة ) لكان أفضل.

ويرد عليه:-

أولاً:- إنما يصدق الموافقة للكتاب الكريم فيما إذا كان الشرط موافقاً لعموم الكتاب في دائرته الضيقة، بأن كانت للعموم دائرة ضيقة وهو يوافق ذلك العموم في تلك الدائرة الضيقة فهنا ليس من البعيد أنه يصدق ما افاده الشيخ الأعظم(قده) من أنَّ الشرط إذا وافق العموم الكتابي يصدق عليه حينئذٍ أنه موافق للكتاب الكريم، وأما إذا كان العموم عموماً في الدائرة الوسيعة فلا يصدق أو على الأقل يشك في ذلك ويكفينا الشك في صدق عنوان الموافقة للكتاب الكريم.

ومثال الأول:- قوله تعالى: ﴿ حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ... وأحلَّ لكم ما وراء ذلكم ﴾[2] ، إنَّ قوله تعالى في ذيل الآية ﴿ وأحل لكم ما ورا ذلكم ﴾[3] هو عموم في الدائرة الضيقة - أي غير هذه الموارد المذكورة في الآية الكريمة - فعلى هذا الأساس لو أنَّ شخصاً اشترط عليه أن يتزوج بفلانة ولم تكن مصداقاً لواحدٍ من تلك العناوين التي ذكرتها الآية الكريمة وشك في أنها محرّمة أو لا ففي مثل هذه الحالة لو جعل الزواج بهذ المرأة شرطاً في المعاملة فهنا عرفاً لا يبعد أنه يصدق على الشرط المذكور أنه موافق للكتاب الكريم باعتبار موافقته لعموم ﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم ﴾، فهذا عمومٌ في الدائرة الضيّقة يعني هو ناظر إلى خصوص الزواج بلحاظ غير هذه العناوين المذكورة فلا يبعد أن يصدق على الشرط المذكور أنه داخل تحت عموم الكتاب الكريم. أما لو شك في حرمتها من جهة الرضاع ففي مثل هذه الحالة هي ليست داخلة تحت تلك العناوين المذكورة في الآية الكريمة وحينئذٍ يمكن أن يقال إنَّ هذا الشرط صحيح لأنه موافقٌ لعموم ﴿ وأحل لكم ما وراء ذلكم ﴾، فهنا الشرط موافق للعموم في الدائرة الضيقة.

ومثال الثاني:- فهو من قبيل ما لو فرض أنَّه باع على المشتري بشرط أن يبني له داراً، فهل هذا الشرط موافق للكتاب الكريم حتى يكون صحيحاً أو ليس بموافق له؟

فهنا إذا أردنا أن نقول هو موافقٌ لكتاب الكريم فهو موافقٌ لأيّ آية كريمة فهل يوجد في القرآن الركيم شرط البناء؟ نعم قد يقال هو موافق لقوله تعالى: ﴿ لا يكلف اللله نفساً إلا ما آتاها ﴾ أي ما بيّنه وحيث لم يبيّن القرآن الكريم أنَّ اشتراط البناء من قبل البائع على المشتري هو محرّم فحينئذٍ يصدق على هذا الشرط أنه موافق لعموم قوله تعالى ﴿ لا يكلف اله نفساً إلا ما آتاها ﴾ الذي هو وسيع، فهنا لا يصدق على الشرط الموافقة للكتاب الكريم أو على الاقل يشك في صدق عنوان الموافقة للكتاب الكريم. فإذاً لا يكفينا في صدق موافقة الشرط للكتاب الكريم موفقته لأي عموم من العمومات كما ذكر الشيخ الانصاري.

فإذاً لا يكفينا في صدق موافقة الشرط للكتاب الكريم موافقته لأيّ عمومٍ من عمومات الكتاب ولا نسلَّم بهذا وإنما يصدق أنه موافق للكتاب إذا كان موافقاً للعموم الذي دائرته ضيقة وليست وسيعة مثل ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ﴾، ولا يوجد عندنا عمومات من قبيل الأول إلا ما أشرنا إليه أو باضافة عمومٍ ثانٍ أو ثالث، وبالتالي لا تكفي الموافقة لأيّ عمومٍ من عمومات الكتاب وإنما تكفي الموافقة للعمومات التي دائرتها ليست وسيعة جداً، والموافقة للعموم الوسيع للكتاب إن كان موجوداً فهو قليل، ونحن لسنا بصدد أن هذا كثير أو قليل ولكن نقول إنَّ الشيخ الأعظم(قده) جعل المدار على الموافقة لأيّ عمومٍ من عمومات الكتاب والحال أنه لا تكفي الموافقة لأي عموم بل لابد وأن يكون العموم عموماً في الدائرة الضيّقة فآنذاك يصدق عرفاً هذا الشرط موافقٌ للعموم الكتابي وليس كل عمومٍ كتابي يكفي في صدق عنوان الموافقة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo