< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط صحة الشرط- الخيار السابع ( خيار العيب) - الفصل الرابع ( الخيارات).

كان متن منهاج الصالحين الذي ذكرناه هو أنه يلزم أن يتوفر في الشرط - أيّ الشرط من الشروط لا خصوص الشرط في باب البيع والتجارة وإنما في أي معاملة من المعاملات حتى في النكاح - كي يقع الشرط صحيحاً أربعة أمور:-

الأمر الأول :- أن لا يكون مخالفاً للكتاب والسنَّة، والوجه في ذلك:-

أولاً:- أن يقال: إذا كان الشرط مخالفاً للكتاب والسنَّة واشترطاه رغم مخالفته لهما فإما أن يبقى على حكمه السابق - أعني أنه حرام ومخالف للكتاب والسنَّة - كأن اشترى شخص داراً واشترط البائع عليه أن يقتل فلان المؤمن، فحينئذٍ نسأل هل الحرمة القتل تكون باقية رغم الاشتراط أو تكون مرتفعة؟ فإنَّ فرض أنها باقية فيلزم التنافي بين الحرمة وبين لزوم الوفاء بالشرط، وإن فرض أنها ترتفع بالاشتراط فهذا خلف اطلاق دليل حرمة قتل المؤمن فإنَّ ما دل على عدم جواز قتل المؤمن هو مطلق في جميع الحالات، فيحصل التنافي بين دعوى ارتفاع حرمته بالاشتراط وبين اطلاق دليل حرمة المؤمن.

ثانياً:- الروايات، نذكر منها ورايتين صحيحتي السند:-

الأولى:- ما رواه الحلبي بسندٍ صحيحٍ، وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه[1] عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سألته عن الشرط في الاماء لا تباع ولا تورث ولا توهب، فقال:- يجوز ذلك غير الميراث فإنها تورث وكل شرط خالف كتاب الله فهو رد )[2] ، ودلالتها واضحة، فإنه قد اشتُرِط هذه الأمور الثلاثة في بيع الاماء والامام عليه السلام قال له إنَّ بعض هذه الشروط صحيحة - لأنها جائزة - أما أنه لا يرثها منك أحد فهذا شرطٌ باطل ثم قال عليه السلام:- ( وكل شرط خالف كتاب اله فهو ردٌّ ) وهذه العبارة صريحة في أنَّ كل شرطٍ خالف كتاب الله عزّ وجل فهو مردود.

الثانية:- ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من اصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعاً عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول:- ( من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله فلا يجوز له ولا يجوز على الذي اشترط عليه والمسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب الله )[3] ، وقد نقل الشيخ الطوسي(قده) هذه الرواية بشكلٍ آخر باسناده المعتبر عن الحسين بن سعيد عن النظر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أب يعبد اله عليه السلام قال:- ( المسلمون عند شروطهم إلا كل شرطٍ خالف كتاب الله فلا يجوز )[4] .

فإذاً الروايتان معتبرتان من حيث السند، كما يمكن أن يقال هما واضحتا الدلالة ولا تأمل فيها، فإنَّ صحيحة الحلبي قالت ( كل شرط خالف كتاب الله فهو ردّ ) فـ( ردّ ) اسم مفعول بمعنى مردود، وأما صحيحة عبد الله بن سنان فد قالت ( من اشترط شررطا مخالفاً لكتاب الله فلا يجوز له ولا يجوز على الذي اشترط عليه ) يعني لا ينفذ لا عليه ولا على الذي اشترط عليه.

يبقى شيء:- وهو أن الوارد في هاتين الروايتين هو تعبير ( ما خالف كتاب الله ) والحال أننا نريد أن نثبت أنَّ الشرط المخالف لكتاب الله أو للسنَّة المعتبرة هو باطل أما هاتان الرواياتان فلا تثبتان تمام المدعىا تثبتان تمام المدعية هو باطل و وإنما تثبتان أنَّ المخالف لكتاب الله فقط هو مرفوضٌ أما أنَّ المخالف للسنَّة هو مرفوض فهما لا يثبتانه فماذا نصنع؟

لا يبعد أن يقال:- صحيح أنَّ الصحيحة الأولى قالت ( ما خالف كتاب الله ) ولكن هذا العنوان مأخوذ بنحو الطريقية إلى حكم الله عزَّ وجل، يعني ما خالف حكم الله أعم من الكتاب أو السنَّة القطعية، وعلى هذا الأساس لا فرق من هذه الناحية، فيؤخذ عنوان كتاب الله كطريقٍ إلى الحكم الإلهي القطعي، فإذا كانت السنَّة القطعية فهي حكمٌ إلهي قطعي فما خالفها يكون مردوداً بنفس الصحيحة الأولى التي قالت ( ما خالف كتاب الله فهو ردّ ).

ونبيّن شيئاً آخر:- وهو أنه هل المدار في شرط قبول الخبر مضافاً إلى صحة سنده أن يوافق كتاب الله أو المدار هو أن لا يخالف كتاب الله؟

والثمرة واضحة بين المطلبين:- فإنه إذا كان المدار على الموافقة فلابد وأن يكون مضمونه موجوداً في الكتاب الكريم حتى يصدق عليه أنه موافق للكتاب وأما إذا لم يكن مضمونه موجوداً في الكتاب الكريم فلا يصدق عليه أنه موافق للكتاب، بينما إذا اشترطنا عدم المخالفة فحينئذٍ يكفي عدم وجود الحكم في الكتاب الكريم فمادام هذا الحكم ليس موجوداً في الكتاب الكريم فحينئذٍ لا يصدق على الخبر أنه مخالفٌ لكتاب الله عزّ وجل ولو لعدم وجود حكمٍ في الكتاب في هذا الصدد الذي يدل عليه الخبر، فالمدار على ماذا؟

وما هو السبب في طرح هذا التساؤل؟

إنَّ السبب في طرح هذا التساؤل هو أنَّ بعض الروايات بعبّر بـتعبير ( ما وافق كتاب الله ) وبعضها الآخر يعبّر بتعبير ( ما خالف كتاب الله فهو مردود ) فمن هذه الناحية يقع هذا الكلام وأنَّ المدار هل هو على الموافقة أو عدم المخالفة؟


[1] وهو ابراهيم بن هاشم وهو لا يوجد في حقه توثيق واضح سوى أنه قيل هنه أنه نشر حديث الكوفيين في قم، يعني أنه نقل أحاديث مدرسة الكوفة ونشرها في مدرسة قم المعروفة بالتشدد، ولكن أن يقال بقبول رواياته إما من باب أنه نشر حديث الكوفيين في قم وهذا يدل على أنه رجل مقبول في رواياته وإلا كيف قبلت منه مدرسة قم هذه الروايات وانتشرت في أوساطها وإلا لاعترضوا عليه ومنعوه من نشرها، فقبول رواياته في مدرسة قم وانتشارها قد يستفاد منه وثاقته، والثاني كثرة روايات ولده عنه فإن علي بن ابراهيم رجل ثقة جليل عظيم الشأن فكثرة رواياته عن ابيه ابراهيم قد توجب الاطمئنان للفقيه بوثاقة ابراهيم بن هاشم وإلا ما هذه الاعتناء به والكثرة في نقل رواياته فغن هذا ليس شأن العاقل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo