< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط صحة الشرط- الخيار السابع ( خيار العيب) - الفصل الرابع ( الخيارات).

وهناك ثلاثة أمور جانبية نشير إليها في هذا المجال:-

الأمر الأول:- هل لابد وأن يكون الشرط التزاماً ضمن التزام أو أنه مطلق الالزام وإن لم يكن ضمن التزام؟

قال صاحب القاموس(قده):- هو الزام ضمن التزام.

ولعل بعض استعمالاتنا العرفية تشهد بذلك، فاستعمالاتنا العرفية عادةً هي أنَّ الشرط هو التزامٌ ضمن التزام، يعني تُجرى المعاملة أولاً ويشترط فيها الشرط أما ابتداءً فلا يكون شرطاً وإنما يكون ضمن معاملة، قال:- ( الشرط إلزام الشيء والتزامه في البيع وغيره)[1] .

ولكن نقول:- إنَّ مادة الشرط تستعمل أحياناً في مطلق الالتزام، من قبيل ما جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام:- ( ... في امرأة تزوجها رجل وشرط عليها وعلى أهلها إن تزوج عليها امرأة أو هجرها أو أتى عليها سرية فإنها طالق، فقال: شرط الله قبل شرطكم )[2] ، فهنا الامام عليه السلام استعمل كلمة الشرط حيث قال ( إنَّ شرط الله قبل شرطكم ) وشرط الله هنا لم يقع ضمن التزامٍ وعقدٍ وإنما هو ابتدائي، وكذلك صحيحة الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( ما الشرط في الحيوان؟ قال:- ثلاثة ايام للمشتري، قلت:- وفي غيره؟ قال:- هما بالخيار حتى يفترقا )[3] فهنا السائل قال ( ما الشرط في الحيوان ) يعني أنه قَصَدَ الخيار فهو يسأل ويقول ما الخيار الثابت في الحيوان والامام عيه السلام أجاب وقال ( ثلاثة أيام ) فهنا يمكن أن يقال صحيحٌ أنَّ الشرط هو التزام ولكنه ليس التزاماً في ضمن التزام وإنما هو الخيار، فهو يريد الخيار والخيار ليس التزاماً في ضمن التزام بل هو ثابتٌ ابتداءً، ولعله توجد روايات أخرى من هذا القبيل.

والنتيجة وهي أنَّ كلمة الشرط أعم، فهي تستعمل في هذا المعنى كما تستعمل في ذاك.

الأمر الثاني:- إنَّ الشرط في باب الفقه يغاير الشرط في باب النحو، فيطلق الشرط في باب النحو على فعل الشرط فيقال له شرطٌ، مثل ( إن جئتني جئتك )، فـ( جئتني ) يقال له شرط وهو ما يأتي بعد أداة الشرط، أما في الفقه فهو بمعنىً مغاير هو الالتزام وهذا الالتزام إما أن يكون ضمن التزامٍ أو ليس ضمن التزام، ومن هنا نستنتج أنَّ كلمة الشرط مشتركٌ لفظي ففي الفقه موضوعةٌ لمعنى وفي النحو موضوعةٌ لمعنىً آخر.

الأمر الثالث:- توجد أربعة شروط اضافية ذكرها الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب غير الشروط الأربعة المذكورة في متن المنهاج ونذكر اثنين منها، أحدهما ( أن يكون الشرط جائزاً في نفسه فلا يصح اشتراط جعل العنب خمراً[4] )، وثانيهما[5] ( أن لا يكون مخالفاً للكتاب والسنَّة فلا يصح اشتراط رقية حرّ أو توريث أجنبي )[6] .

والذي نريد ان نقوله:- إنه ذكر أنه لابد وأن يكون الشرط جائزاً في نفسه فلا يصح جعل العنب خمراً، ونحن نقول: أوليس هذا مصداقاً للشرط للمخالف للكتاب والسنَّة فما وجه المقابلة بينهما، فاشتراط جعل العنب خمراً هو من محرمات الشريعة وبالتالي يكون مصداقاً للشرط الذي ذكره بعنوان الشرط الرابع وهو أن لا يكون مخالفاً للكتاب والسنَّة، فهل المناسب أن يجعلا شرطين متقابلين أو المناسب ادراج الشرط الأول تحت الشرط الرابع ولا يكون شرطاً مستقلاً؟

ربما يجاب ويقال:- إنَّ الذي ذكره أولاً - أي اشتراط جعل العنب خمراً - هو باطل من ناحية الحرمة التكليفية أي من باب أنه محرّم تكليفي، بينما الذي ذكره بعد ذلك هو ناظر إلى الشرط الذي يكون باطلاً في نفسه لمخالفته الكتاب والسنَّة بقطع النظر عن حرمته التكليفية كاشتراط رقيّة الحرّ أو حرّية الرّق أو توريث الأجنبي فإنَّ هذه الأمور مخالفة للكتاب والسنَّة ولكنها ليست من المحرمات التكليفية، وعليه فسوف ينتفي لااشكال.

والجواب عن هذا أن يقال:- إنَّ تضييق ما ذكره بعنوان الشرط الرابع - وهو أن لا يكون الشرط مخالفاً للكتاب والسنَّة - بما إذا لم يكن من المحرّمات التكليفية لا وجه له، فإنَّ اعتبار أن لا يكون الشرط مخافاً للكتاب والسنَّة هو صحيحٌ سواء كان الشرط من المحرمات التكليفية أو لم يكن منها وإنما كان كان باطلاً في حدّ نفسه مثل حرية العبد أو توريث الأجنبي، فإنَّ عنوان أن لا يكون مخالفاً لكتاب والسنَّة كما يصدق على الشرط الذي ليس محرماً تكليفاً كتوريث الأجنبي يصدق أيضاً على المحرّم تكليفاً، إلا أن ندفع الاشكال ودفع الاشكال لا يصلح مبرراً له، فمن البداية يلزم أن يدخل الشرط الثاني تحت الشرط الرابع حتى لا نحتاج إلى جوابٍ عن الاشكال وأنَّ ذاك يختص بالمحرمات التكليفية وهذا ناظر إلى المحرمات في حدّ نفسها.


[4] وهو ما ذكره الشيخ الأعظم بعنوان الشرط الثاني.
[5] وهو ما ذكره الشيخ الأعظم بعنوان الشرط الرابع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo