< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 163 ) هل يسقط الخيار في الردّ أو الأرش لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري - الخيار السابع ( خيار العيب) - الفصل الرابع ( الخيارات).

مسألة ( 163 ):- لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالأظهر عدم سقوط الخيار فيجوز له الردّ مع امكانه وإلا طالب بالأرش.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على حكم واحد:-

وهو أنه لو جرى العقد على مبيعٍ معيبٍ حين العقد ثم زال العيب بعد العقد - كما لو كان المبيع أعمى حين العقد ثم زال عماه - فقد حكم السيد الماتن ببقاء خيار الردّ والأرش.

ومن الواضح أنه على رأيه إذا لم يحدث حدثاً في المبيع فله الردّ وإن أحدث فيه حدثاً فله الأرش.

والأنسب حذف هذه المسألة من الرسالة العملية والاقتصار على ذكرها في الكتب العلمية.

وقد تعرض الشيخ الأعظم(قده) إلى هذه المسألة وقال:- لا يجوز الردّ ولكن تجوز المطالبة الأرش، أما أنَّ الردّ لا تجوز المطالبة به فباعتبار أنَّ ظاهر معتبرة زرارة أنه حينما يردّ المشتري المبيع فلابد وأن يردّه معيباً والمفروض في المقام أنه صحيحٌ حين الرّد فلا يجوز حينئذٍ الردّ، وإنما يجوز الأرش لأنَّ الأرش لم يقيّد بقيد، قال:- ( لأنَّ ظاهر أدلة الردّ - خصوصاً بملاحظة أن الصبر على اليعب ضرر - هو ردّ المعيوب وهو المتلبس بالعيب[1] لا ما كان معيوباً في زمان فلا يتوهم هنا استصحاب الخيار )[2] .

وأما جواز المطالبة بالأرش فقد علّله بقوله:- ( وأما الأرش فلما ثبت استحقاق المطالبة به لفوات وصف الصحة عند العقد فقد استقر بالعقد خصوصاً بعد العلمب العيب، والصحة إنما حدثت في ملك المشتري فبراءة ذمة البايع عن عهدة المعيب المضمون عليه يحتاج إلى دليل )[3] .

وهل ظاهر المعتبرة حقاً هو ردّ المعيب أو أنَّ ظاهرها هو جريان العقد على المعيب؟

والجواب:- لو رجعنا إلى المعتبرة لوجدنا أنه ليس من البعيد أنَّ ظاهرها هو أنَّ العقد إذا جرى على المعيب ثبت بذلك الردّ ولم يؤخذ فيها أنه لابد وأن يبقى العيب إلى ما بعد ذلك فإنها قالت:- ( أيما رجل اشترى شيئاً وبه عيب وعوار ... فأحدث فيه بعدما قبضه شيئاً ثم علم بذلك العوار وبذلك الداء أنه يمضي عليه البيع ويرد عليه بقدر ما نقص )، فظاهرها هو ذلك.

نعم أراد الشيخ الأعظم(قده) أن يستفيد منها أنَّ الردّ لابد أن يكون ردّاً للمعيب، وهذا يمكن استفادته منها أيضاً لأنها قالت:- ( أيما رجل اشترى شيئاً وبه عيب وعوار .. فأحدث فيه بعدما قبضة حدثاً بعدما قبضه ثم علمب ذلك العوار يمضي عليه البيع ) يعني لا يجوز أن يردّ المعيب ) فالردّ لابد أن يكون للمعيب - نعم إذا لم يحدث فيه حدثاً جاز له ردّ المعيب - فالمعتبرة قد تساعد على هذا أيضاً.

وهذا والمناسب أن يقال بعدم جواز الردّ وعدم جواز الأرش:- والوجه في ذلك هو أنّه لو لاحظنا المعتبرة فلا يبعد أن يستفاد منها ما أفاده السيد الماتن - أي يلزم في ثبوت الردّ والأرش أن يكون المبيع معيباً حين العقد - ولكن لابد من ضمّ الاطلاق ومن دون ذلك لا يثبت ما أراده، ومقصودنا من الاطلاق هو أنه إذا جرى العقد على المعيب فيثبت الردّ إن لم يحدث حدثاً كما هو مذكور في الصحيحة وأما إذا أحدث حدثاً فالأرش، وهنا لابد وأن نضم شيئاً هو أنه سواء فرض أنَّ العيب زال بعد ذلك أم لا، فإذا ضممنا هذا الاطلاق تم ما أفاده، أما إذا لم يكن يمكن التمسك بالاطلاق لسببٍ وآخر فحينئذٍ لا يمكن أن نستكشف أنه حتى لو زال العيب بعد ذلك فالردّ والأرش ثابتان.

وهنا يأتي ما بنينا عليه في مقدّمات الحكمة من أنَّ الاطلاق لا يمكن التمسك به فيما إذا لم يستهجن ترك القيّد، فإذا فرض أنَّ ترك القيّد عرفاً لم يكن مستهجناً فالاطلاق لا يمكن التمسك به عرفاً، وإنما يمكن التمسّك به عرفاً فيما إذا فرض أنه يستهجن الاطلاق على تقدير ارادة لمتكلم المقيد واقعاً، وهنا يحتمل أنَّ المراد هو المقيّد واقعاً والمفروض أنه لا يستهجن الاطلاق على تقدير ارادة المقيد واقعاً، فلا يصح حينئذٍ التمسك بالاطلاق.

ومن هنا ذكرنا أنَّ الرؤية بالعين المسلحة للهلال لا تكفي فإنَّ الروايات وإن أطلقت وقالت:- ( صم للرؤية وافطر للرؤية) ولم تقل للرؤية بالعين المجردة ولكن إذا كان مرادها خصوص الرؤية بالعين المجرّدة لا يستهجن الاطلاق هنا فإنه في تلك الفترة الزمنية لم تكن العين المسلحة شيئاً متداولاً، وعليه فلا يمكن التمسك بالاطلاق بل يحتمل ارادة المقيّد ولا نافي للمقيد، ومقامنا من هذا القبيل حيث قلنا لابد من ضمّ الاطلاق، يعني إذا جرى العقد على المعيب فحينئذٍ يثبت الردّ والأرش واطلقت الرواية ولم تقل فيما إذا لم يزل العيب، فصحيح هي لم تقيد ولكن مع ذلك لا يصح التمسك بالاطلاق لأنه لو كان مراد الامام عليه السلام هو المقيد واقعاً - أي حالة عدم زوال العيب لا يستهجن منه الاطلاق لأنَّ هذه حالة نادرة أو تكاد تكون معدومة - لا يستهجن منه آنذاك الاطلاق وحينئذٍ لا يصح التمسك بالاطلاق في مثل هذه الحالة التمسك لاثبات جواز الردّ أو الأرش، فالردّ والأرش يحتاجان إلى مثبتٍ ولا مثبت لهما، وعليه فسوف تكون النتيجة هي ما أشرنا إليه ولكنه مبنيٌّ على هذا المبنى الذي ذكرناه فإن قبلناه فسوف ويتم هذا وإلا فلا.


[1] أي المتلبس بالعيب بالفعل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo