< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 157 ) يثبت خيار العيب بالعيب الحادث بعد العقد وقبل القبض كالعيب الموجود حين العقد - الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

 

تشتمل هذه المسألة المذكورة على حكمين: -

الأول: - يجوز الردّ بالعيب الذي لا تنقص به قيمة الشيء كالخصاء في العبيد.

الثاني: - إنَّ هذا العيب يمنع من المطالبة بالأرش.

أما بالنسبة إلى الحكم الثاني: - فواضح، باعتبار أنَّ القيمة لا تنقص والأرش هو الفارق بين قيمة الصحيح وقيمة المعيب - ولو بنحو النسبة - وهنا لا يوجد فارق بين القيمتين، فلا يثبت الأرش.

وأما بالنسبة إلى الحكم الأول: - فيمكن تعليله بأنَّ الخيار يثبت عند تحقق العيب، والمفروض هنا تحقق العيب، فيجوز آنذاك الردّ، هذا احتمال، كما يحتمل عدم جواز الردّ أيضاً، فهذان احتمالان، وهو ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب حيث قال:- ( ثم إنَّ مقتضى ما ذكرنا دوران العيب مدار نقص الشيء من حيث عنوانه مع قطع النظر عن كونه مالاً فإنَّ الانسان الخصي ناقص من حيث نفسه وإن فرض زيادته من حيث كونه مالاً )[1] ، ولكن السيد الماتن حكم بجواز الردّ بضرسٍ قاطع.

هذا ويمكن أن يقال بعدم جواز الردّ أي لا خيار: - وذلك لما تقدمت الاشارة إليه في مسألة ( 152 )، وحاصله:- إنَّ الخصاء بعد عدم قلة القيمة به وبعد مطلوبيته يمكن أن يقال بعدم جواز الردّ به وذلك لوجهين:-

الأول: - التمسك بدعوى الانصراف، فإنَّ الروايات الدالة على جواز الردّ بالعيب منصرفة عن هذا العيب الذي لا تنقص به القيمة وإنما تزداد به. وهذا وجهٌ وجداني.

الثاني: - أن يتمسك بالمقدمة التي أضفناها إلى مقدمات الحكمة، وهي أن يستهجن الاطلاق على تقدير كون المراد هو المقيد واقعاً، وأما لم يستهجن ذلك ففي مثل هذه الحالة لا يمكن أن ننفي احتمال ارادة المقيد وعليه فلا يمكن التمسك بالاطلاق، وفي موردنا نقول: إذا كان مراد الروايات التي قالت يجوز الردّ والفسخ إذا كان المبيع معيباً فالغالب في المعيب أنه تنقص قيمته، كما أنَّ مناسبات الحكم والموضوع أيضاً تقتضي أنه إذا نقصت قيمته فله الردّ أما إذا لم تنقص قيمته فلا معنى للردّ.

فإذاً لا يستهجن اطلاق كلمة ( العيب ) وأنه يجوز الردَّ بالعيب والحال أنَّ المراد واقعاً هو العيب الذي تنقص به القيمة ولا يشمل العيب الذي لا تنقص به القيمة، ومادام لا يستهجن ارادة المقيد واقعاً فلا مثبت لإرادة الاطلاق آنذاك فإنَّ المثبت له هو استهجان ارادته للمقيد مع فرض اطلاق كلامه، أما إذا لم يستهجن الاطلاق فحينئذٍ لا مثبت لنفي ارادة المقيد واقعاً فيبقى احتمال ارادة المقيد ثابتاً وبالتالي لا يصح التمسك بالاطلاق - يعني يصير اشبه بالاجمال - وهذه قضية عرفية وجدانية.

نعم قد نختلف في الصغرى وأنه في هذا المورد هل يستهجن الاطلاق أو لا، ولكن هذا نزاع صغروي، أما إذا اتفقنا على أنه لا يستهجن الاطلاق على تقدير ارادة المقيد واقعاً فهنا لا يمكن التمسك بالاطلاق، إذ كلا الاحتمالين ثابتٌ والمفروض أنه لا استهجان على كلا التقديرين، فلا يمكن التمسك بالاطلاق في مثل هذه الحالة ويعود الكلام مجملاً، وعلى هذا الأساس نقول في مقامنا إنَّ العيب الذي لا تنقص به القيمة لا مثبت لجواز الردّ به فإنَّ الروايات التي قالت بجواز الردّ بالعيب يحتمل كون المراد فيها هو العيب الذي تنقص به القيمة دون ما لا تنقص به، فإذا لم تنقص به القيمة فلا مثبت لجواز الردّ به.

فإذاً السيد الماتن يقول بأنَّ الردّ جائز، ولكن على ما ذكرناه يكون الردّ ليس بجائز، فكما أنَّ الأرش لا يثبت كذلك الردّ لا يثبت أيضاً.

 

مسألة ( 157 ):- كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز ردّ العين به وفي جواز أخذ الأرش به قولان أظهرهما عدم الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري وإلا فلا أثر له.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على ثلاثة أحكام: -

الأول: - يثبت الخيار سواء كان العيب ثابتاً قبل العقد أو حدث بعد العقد وقبل القبض.

الثاني: - إذا فرض حدوث العيب بعد العقد وقبل القبض ففي ثبوت الأرش قولان أظهرهما عدم الجواز.

الثالث: - كل هذا إذا فرض أنَّ العيب لم يكن بفعل المشتري وإنما كان بفعل البائع أو بآفةٍ سماوية ففي مثل هذه الحالة يجوز الفسخ ولا يجوز الردّ، وأما إذا كان العيب بفعل المشتري كما لو رمى المشتري سهماً فأصاب المبيع وأحدث به عيباً قبل أن يقبضه من البائع ففي مثل هذه الحالة لا أرش ولا ردّ، إذ المفروض أنَّ العيب قد حدث بسبب المشتري فلا يثبت له الخيار في الردّ أو الأرش.

ملاحظة على متن المسألة: - قال السيد الماتن في عبارة المتن: - ( اظهرهما عدم الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري وإلا فلا اثر له )، وقد يتوهم بادئ ذي بدء أنَّ عبارة ( إذا لم يكن العيب بفعل المشتري وإلا فلا أثر له ) ترجع إلى الحكم الثاني فقط والحال أنها بحسب المعنى ترجع حتى إلى الحكم الأول أيضاً، فإننا قلنا إذا حدث العيب بعد العقد وقبل القبض فالخيار يكون باقياً ولكن العيب لم يحصل بفعل المشتري وإلا فلا خيار له ولا أرش، فهذا القيد يرجع إلى الحكم الأول والثاني معاً لا أنه يختص بالحكم الثاني فقط.

والمناسب في العبارة أن يقال: - ( هذا كله إذا كان العيب حادثاً بآفةٍ سماويةٍ ) أو نقول (... إذا لم يكن بفعل المشتري) حتى يرجع إلى كلا الحكمين بوضوح.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo