< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- موارد سوقط الرد والأرش معاً- موارد جواز طلب الأرش - الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ ما أُفيد شيء وجيه ومقبول، فإنَّ العموم دليل اجتهادي والاستصحاب دليل فقاهتي وعند اجتماعهما يقدم الدليل الاجتهادي على الفقاهتي كما هو الحال في جمع الموارد، ولكن نقول إنَّ هذا وجيه فيما إذا شك في أصل خروج الفرد من العموم فهنا ظاهر العموم هو عدم تخصيصه وعدم خروج فردٍ منه فيكون مقدّماً، ولكن الكلام فيما لو فرض أنا جزمنا بخروج الفرد من العموم وشككنا أنه خرج في الآن الأول فقط أو أنه خارجٌ في بقية الآنات الثاني والثالث ... وهكذا.

فإذاً الشك ليس في أصل خروج العقد الذي فيه خيار العيب من عمومات اللزوم وإنما هو خرج منها جزماً ولكن مقدار خروجه كم هو فهل هو خارج في اللحظة الأولى فقط أو أنه خارج في بقية اللحاظات أيضاً، وهذا مطلبٌ آخر، وفي مثل هذه الحالة القول بالتمسك بالعموم أول الكلام لأنَّ العموم قد انثلم جزماً، ولكن بعد انثلامه هل يبقى التمسك به بلحاظ الآنات الاخرى على الحجية أو لا ، وبتعبيرٍ آخر:- هل الظهور في العموم يأبى أصل التخصيص أو أنه يأبى التخصيص الثاني والثالث والرابع ... وهكذا مع فرض وحدة الفرد الخارج لا في افرادٍ أخرى - لأنه إذا كان بأفرادٍ أخرى فالظهور في العموم موجود - أما نفس الفرد الأول - وهو العقد الذي فيه خيار العيب - فقد خرج من عموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ جزماً ولكن نشك هل كان خروجه في اللحظة الأولى فقط أو في بقية اللحاظات أيضاً ففي مثل هذه الحالة من الوجية أن يقال بالتمسك بالاستصحاب وليس التمسك بالعموم، إذ قد يشكك في وجود ظهورٍ في العموم بلحاظ الفرد الخارج وإنما العموم يأبى أصل الخروج أما الخروج الثاني أو الثالث بعد فرض وجود استصحابٍ في البين يقول إنَّ هذا الفرد خارج في الآن الثاني والآن الثالث، والمفروض أنه ليس خروجاً لأفرادٍ، لأنه إذا كان خروجاً لأفرادٍ فالظهور في العموم بَعدُ باقٍ، وإنما المفروض أنَّ الخروج هو لفردٍ واحد ولكن يشك هل هذا الفرد الواحد خرج في الآن الأول أو في بقية الآنات الأخرى أيضاً فهنا دعوى ثبوت الظهور في العموم وأنه خرج فقط وفقط في الآن الأول أما في الآن الثاني وما بعده يبقى العموم في الظهور آبياً عن خروج هذا الفرد الواحد ليست بثابتة.

فمحل الكلام بين المشهور وأنَّ المشهور هو التمسك بالعموم هو فيما إذا فرض أنه شك في أصل التخصيص الثاني باخراجٍ لفردٍ ثانٍ وبإخراجٍ ثالث لفردٍ ثالثٍ فما ذكر صحيح، أما إذا فرض أننا جزمنا بأنَّ هذا الفرد الواحد - وهو العقد الذي فيه خيار اليعب - خارج جزماً وشككنا أنَّ خروجه هو في اللحظة الأولى فقط أو في بقية اللحظات الأخرى أيضاً فهنا دعوى أنَّ مقتضى العموم أنَّ الخروج فقط في الآن الأول هي أول الكلام، ودعوى جريان الاستصحاب وجيهة ولا بأس بها. فإذاً لابد من التفرقة بين الموردين.

وكان من المناسب للسيد الحكيم(قده) الاشارة إلى هذا التفصيل، فما أفاده نسلّمه فيما إذا كان الشك في أصل التخصيص دون ما إذا كان في طول فترة خروج الفرد الواحد من العموم وقصرها، فدعوى أنَّ الظهور في العموم يقتضي قصر الفترة هو أول الكلام.

فإذاً يمكن أن يقال بأن جريان الاستصحاب لا بأس به.

وهناك كلام آخر للسيد الروحاني في منتقى الأصول[1] وحاصله:- تارة يفترض أنَّ خيار العيب يكون ثابتاً من بداية العقد رغم عدم العلم باليعب، فالقعد أجري في يوم السبت مثلاً ولا يُعلَم باليعب إلا بعد مضي ثلاثة أيام ثم علم به، فهنا إذا فرض أنَّ فترة العلم بالعيب قد تأخرت فالخيار متى يثبت فهل يثبت من بداية العقد رغم عدم العلم بالعيب أو أنه يثبت بعد العلم بالعيب؟

فإذا بنينا على أنَّ الخيار يثبت بعد تحقق العلم بالعيب لا من بداية العقد ففي مثل هذه الحالة عمومات اللزوم سوف تشمل العقد من بدايته، إذ المفروض أنه لا خيار في بداية العقد وإنما هي لا تشمل هذا العقد من حين تبيّن العيب، ففي مثل هذه الحالة هل يجري استصحاب بقاء الخيار - يعني اللزوم كان ثابتاً في البداية إذ لا علم بالعيب وبعد الثلاثة ايام حصل العلم بالعيب ففي مثل هذه الحالة سوف يثبت الخيار من حين العيب - ولكن هل يثبت الخيار بنحو المتراخي أو بنحو الفورية؟ فحينما اتضح العيب بعد ثلاثة أيام من العقد وثبت الخيار في اليوم الرابع يشك في بقائه إلى اليوم الخامس والسادس ... وهكذا أو عدم بقائه فمقتضى الاستصحاب بقاءه، ووجوب الوفاء بالعقد ليس أزمانياً وإنما هو وجوب واحد متصل وليس متعدداً، فعلى هذا الأساس مادام قد فرض أنَّه علم بالعيب فيثبت حينئذٍ الخيار، فإذا شك في بقاء الخيار وعدم بقائه يستصحب بقاءه ولا يصح التمسك بعموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾، إذ قد اخرج وانقطع من حين تبيّن العيب في اليوم الثالث، وليس بثابت في الأيام الثلاثة الأولى، وإنما الخيار ثبت في اليوم الرابع ونشك في اشتمراره وعدم استمراره ومقتضى الاستصحاب استمراره، ولا يعارض بعموم وجوب الوفاء إذ المفروض أنَّ العموم يختص في الفترة الأولى التي فرض فيها الجهل بوجود العيب وبالتالي يجهل بثبوت الخيار، فحينئذٍ في الفترة الأولى صحيبحٌ أنَّ اللزوم موجودٌ ولكنه ينقطع حينما تبيّن العيب فعمومات اللزوم لا يمكن التمسك بها آنذاك لأنها قد انثلمت ويبقى استصحاب الجواز والخيار جارياً من دون معارض.

هذا إذا قلنا بأنَّ الخيار يثبت من حين العلم أما قبل العلم فيكون هناك لزوم وهذا اللزوم السابق قد انقطع عند تبيّن العيب فلا يمكن الرجوع إلى عموم اللزوم بعد انقطاعه لأنه غير موجود من البداية حتى يمكن التمسك به، فحينئذٍ يجري استصحاب الخيار من دون معارض.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo