< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- موارد سوقط الرد والأرش معاً- موارد جواز طلب الأرش - الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

موارد سقوط الرد وسقوط الأرش:-

قال السيد الماتن:- ( يسقط الرد والأرش بأمرين:- الأول:- العلم بالعيب قبل العقد، الثاني:- تبرؤ البائع من العيوب بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش ).

..........................................................................................................

ذكرنا فيما سبق أنَّ من اشترى شيئاً معيباً فهو بالخيار بين الردّ والأرش، ثم بعد ذلك صرنا في صدد بيان موارد يتعين فيها الأرش ولا يجوز فيها الردّ وذكرنا خمسة موارد، ثم بعد ذلك صرنا في صدد العكس أي موارد يتعين فيها الردّ ولا يجوز أخذ الأرش وهي موردان.

والآن نفترض حالة ثالثة:- وهي أن يسقط الردّ والأرش معا، وذكر السيد الماتن في هذا المجال أنهما يسقطان في موردين، الأول ما إذا كان المشتري عالماً بالعيب قبل البيع، والثاني ما إذا فرض أنَّ البائع اشترط البراءة من العيوب.

أما المورد الأول:- فهنا يسقط الخيار - بمعنى الردّ أو الأرش - جزماً، والتوجيه الفني لذلك هو القصور في مقتضي الأرش والردّ، فإنَّ المقتضي لثبوت الأرش أو الردّ إما هو الشرط الضمني فكل انسانٍ حينما يشتري شيئاً فهناك شرط ضمني لم يذكر لوضوحه عرفاً وهو أنه إذا كان يوجد عيب في المبيع فللمشتري الردّ أو أخذ الأرش، وكل عاقل حينما يقدم على المعاملة فهو يقدم عليها بهذا الشرط، والكثير من المعاملات هي من هذا القبيل، فمع العلم بالعيب لا يوجد اشتراط ضمني للأرش أو الخيار، وهذا ما يعبر عنه بالقصور في مقتضي ثبوت خيار الرد والأرش - وهو الشرط الضمني -، فالشرط الضمني ليس بثابتٍ، وهذه قضية واضحة لا إشكال فيها.

أو أنَّ المقتضي لثبوت الأرش أو الردّ هو معتبرة زرارة المقتدّمة، فإنه قد أخذ في ثبوت الخيار فيها كلا الأمرين - يعني عدم العلم بالعيب والتبرؤ منه - فهي دالة بلفظها بوضوح على ذلك حيث قالت:- ( أيما رجل اشترى شيئاً وبه عيب وعوار لم يتبرأ إليه ولم يبيّن له فأحدث فيه بعدما قبضه شيئاً ثم علم بذلك العوار وبذلك الداء أنه يمضي عليه البيع ويرد عليه بقدر من نقضص من ذلك الداء ... )، يعني إذا تبرأ البائع أو بيَّن العيب للمشتري لم يثبت الأرش أو الردّ.

ولكن من حقك أن تتساءل وتقول:- إنَّ الوارد في الرواية هو قوله عليه السلام ( ولم يبيّن له ) فالشرط هو أنه لم يبيّن له بينما الشرط الذي أخذ في المتن ذالي ذكره السيد الخوئي(قده) هو العلم، أي إذا كان المشتري عالماً بالعيب فلا خيار بينما الذي أخذ في الرواية ( ولم يبين له العيوب ) يعني إذا بيّن له العيوب فالمدار في الثبوت والعدم هو على التبيان وعدم التبيان وليس على علم المشتري بالعيوب وعدم علمه بها.

والجواب:- إذا أردنا التماشى مع ألفاظ الرواية وتركنا عرفيتنا فالأمر كما ذكر، أما إذا تماشينا مع عرفيتنا فتبيان البائع للعيب وعدم تبيانه مأخوذ بنحو الطريقية إلى علم المشتري بالعيوب وعدم علمه، لا أنَّ التبيان نفسه له خصوصية، فالعرف يلغي خصوصية تبيان البائع وعدم تبيانه وإنما يجعل المدار على علم المشتري بالعيوب وعدم علمه، وعليه تكون الرواية دالة على المطلوب بعد ادخال هذا العنصر.

والخلاصة من كل هذا:- إذا فرض أنَّ المشتري كان عالماً بالعيوب أو أن البائع تبرأ من العيوب سقط خيار الردّ والأرش معاً للقصور في المقتضي الذي هو الشرط الضمني، كما أنَّ معتبرة زرارة قاصرة الدلالة عن ثبوت الأرش أو الردّ، وحتى لو سلّمنا أنها ناظرة إلى الردّ ولكن نقول مع ذلك نحن نفهم بعرفيتنا أنه لا فرق بين الردَّ والأرش من باب أنَّ المشتري يعلم باليعب أو أن البائع قد تبرأ من العيوب فاحتمال الخصوصية ليس بموجود.

وحينما أراد صاحب الجواهر[1] أن يستدل على ذلك في حالة علم المشتري بالعيب أو حالة تبرؤ البائع عن العيب قال:- ( يدل عليه ... وإلى مفهوم خبر زرارة ).

ويوجد تساؤلان في عبارته هذه:-

التساؤل الأول:- إنه عبر يتعبير ( مفهوم ) يعني أنَّ خبر زرارة يفهم منه في حال التبرؤ أو العلم بالعيب لا ردَّ ولا أرش، وهنا لا توجد جملة شرطيّة حتى يقال يوجد لها منطوق ومفهوم والحال أنه لا توجد أداة شرط في المورد فكيف عبّر بكلمة ( مفهوم )؟

يوجد دفاعان عنه:-

الأول:- لعل مقصوده من كلمة (مفهوم ) ليس في مقابل المنطوق، وإنما مقصوده هو أنَّ المستفاد من كلام الامام ليه السلام هو هذا المعنى.

الثاني:- إنه حتى لو كان مقصوده بالمفهوم ما يقابل المنطوق فهذا ممكن إذ ربما يقال إنَّ لرواية تشتمل على أداة شرط غايته ليست مذكورة باللفظ إنما هي بمثابة اللفظ - إنّ صح التعبير - لأنَّ الرواية قالت ( أيما رجل ) وهذا التعبير لا يبعد استفادة الشرطية منه.

التساؤل الثاني:- إنه عبر بكلمة ( خبر ) والحال أنها معتبرة فكيف يعبر عنها بهذا التعبير؟

وفي الجواب نقول:- يحتمل أنه عبّر عنها بالخبر من باب عدم التزامه بالمصطلحات، كما يحتمل أنه عبّر عنها بالخبر من باب أنَّ موسى بن بكر الواسطي لم يرد في حقه توثيق.

ولكن قلنا فيما سبق:- صحيح أنه لم يرد في حقه توثيق ولكن توجد عبارة ذكرها أحد الأعلام حيث قال فيها:- (أحاديث موسى بن بكر الواسطي وهو مما لا خلاف فيه بين اصحابنا )، فهذا التعبير يدل على اعتباره.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo