< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/02/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 87 ) يشترط في البيع أن لا يكون غررياً - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

وفي مقام الجواب نقول:- إنَّ تطبيق حديث الرفع وجيه في موارد، ففي الواجبات الاستقلالية إذا شككنا أنَّ الدعاء عند رؤية الهلال واجب أو ليس بواجب فتطبيق حديث الرفع هنا شيء وجيه، فنطبقه ونرفع به الوجوب، وهو يرفعه ظاهرياً وليس واقعاً وهذا يكفينا، أو شككنا أنَّ التدخين حرام أو ليس بحرام فمقتضى حديث الرفع هو رفع الحرمة، وهكذا في سائر المحرمات المحتملة الاستقلالية أو الواجبات المحتملة الاستقلالية، وهكذا في الواجب الأقل والأكثر الاستقلالي أو الارتباطي فأيضاً هنا يمكن تطبيق حديث الرفع، فمثلاً أنا لا أعلم هل فاتتني تسع صلوات صبح أو عشرة فهذا أقل وأكثر استقلالين ولماذا سميناه استقلالياً ؟ لأنه حتى لو كان الواجب هو عشرة وأنا أتيت بواحدٍ أو اثنين فقد امتثلت بهذا المقدار، وكذلك الأقل والأكثر، فأنا لا أدري هل السورة واجبة أو ليست واجبة فهل العشرة واجبة أو التسعة واجبة فأرفع وجوب العشرة الذي فيه السورة، وحيث نعلم بوجوب التسعة فنأتي بالتسعة.

أما المجال المشكوك فهو ما ذكره الحاج ميرزا علي الايرواني(قده)، فنحن لا نعلم بأنَّ معلومية العوضين شرط في صحة المعاملة وتأثيرها أو لا، فهو أراد أن يطبق حديث الرفع هنا ونرفع الشرطية وبالتالي شرطية معلومية العوضين لا تكون لازمة، ولكن نقول أنت حينما تطبقه لرفع خصوصية معلومية العوضين فماذا تنفي بذلك، فهل تريد أن تقول إنَّ المعاملة تؤثر بأجزائها وشروطها التسعة في النقل والانتقال من دون الشرط العاشر المشكوك - وهو معلومية العوضين -، أو أنَّ مقصودك أنه حتى التسعة لا تؤثر فنحن نرفع العشرة وكذلك نرفع التسعة؟ فإن قلت مادام الجزء العاشر ليس بثابت فحتى التسعة لا تؤثر أيضاً فهذا خلف مقصودك ومرادك، فأنت حينما تريد تطبيق حديث الرفع فإنك تريد أن تقول إنَّ التسعة هي التي تؤثر وحدها من دون حاجة إلى معلومية العوضين أما إذا أردت أن تقول إنه حتى التسعة لا تؤثر فهذا غير صحيح، وإن كان مقصودك هو اثبات أنَّ التسعة هي التي تؤثر في النقل والانتقال فجوابه إنَّ حديث الرفع هو حديث رفعٍ لا حديث اثبات، فهو لا يقول إنَّ التسعة مؤثرة وإنما هو ينفي فكيف تثبت أنَّ التسعة مؤثرة، وعليه فسوف لا تستفيد من تطبيق حديث الرفع، لأنك إن قصدت بتطبيقه رفع شرطية معلومية العوضين وبالتالي تريد أن تثبت أنَّ التسعة الباقية غير مؤثرة فهذا خلف المقصود، وإن أردت أن تثبت أن التسعة وحدها مؤثرة من دون حاجة إلى معلومية العوضين فهذا معناه أنَّ حديث الرفع صار حديث إثباتٍ لا حديث رفعٍ والحال أنَّ شأنه هو الرفع وليس الاثبات.

إن قلت: - إنه بناءً على هذا لا يمكن تطبيق حديث الرفع في أيّ مورد من الموارد، وسوف لا نستفيد منه في أيّ مورد من الموارد، لأنَّه حديث رفع لا حديث اثبات؟

قلت: - إذا شككنا في حرمة التدخين مثلاً أو في جوب الدعاء عند رؤية الهلال فهنا نحن نريد رفع الوجوب ولا نريد شيئاً آخر، وبهذا استفدنا من حديث الرفع، وهكذا في مبحث الدوران بين الأقل والأكثر، فنحن لا نعلم بأنَّ أجزاء الصلاة تسعة أو عشرة - أي مع السورة -، فالتسعة نعلم من الخارج بوجوبها جزماً ولكن هل اشتغلت الذمة أيضاً بضميمة السورة أو لا فنرفع وجوبها بالبراءة، أما وجوب الباقي فهو ثابت بالعلم الخارجي وليس مشكوكاً ونحن لا نريد أن نثبته بحديث الرفع، وأما حديث الرفع فنحن نريد أن نثبت أنَّ ضم التسعة إلى السورة ليس بلازم أما التسعة فهي واجبة جزماً بالعلم الخارجي، فإذاً هذا الاشكال لا يأتي في سائر الموارد وإنما يأتي هنا.

إن قلت:- إنه يمكن الدفاع عن الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) وذلك بأن يقال إنَّ حديث الرفع هو يرفع كل خصوصية مشكوكة، وفي مقامنا الخصوصية المشكوكة هو شرطية معلومية العوضين، فهذه الشرطية نشك في اعتبارها فنرفعها بحديث الرفع، ففي مقام تأثير السبب - في النقل والانتقال - نرفع هذه الشرطية ونقول إنّ هذه الشرطية ليست ثابتة كقيدٍ في السبب ولتحقق النقل والانتقال، لأنَّ الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) قال هكذا:- ( فينتفي بأصالة عدم الوجوب وجوب كل خصوصية شك فيها بمعنى عدم دخلها في تأثير السبب )، فنقول نحن نرفع شرطية العلم بالعوضين فقط، ولكن نقول صحيح أنك ترفع الشرطية ولكن الشرطية بعنوانها ليست من المجعولات الشرعية حتى تطبق حديث الرفع عليها، وإنما حديث الرفع يرفع المجعول الشرعي المحتمل والشرطية هي مصطلح فلسفي أو منطقي وليس شيئاً شرعياً، أما الشارع فلا توجد عنده الشرطية وإنما هو مصطلح من عندنا، فإذاً حديث الرفع لا يمكن أن نطبقه على الشرطية وإنما نطبقه على واقع الشرطية، وواقع الشرطية هو أنَّ العشرة إذا اجتمعت بما في ذلك العلم بالعوضين نعلم بتأثيره، وأما إذا كانت التسعة من دون ضم خصوصية معلومية العوضين فنشك في تأثيرها، فمرجع الشك في الشرطية إلى أنَّ العشرة تؤثر جزماً أما التسعة من دون العاشر فنحن نشك في تأثيرها، وإذا شككنا في تأثير التسعة وأردت أن تطبق حديث الرفع فهل تريد أن ترفع تأثير التسعة أو أنك تريد أن تثبت تأثيرها؟ وبذلك عاد كلامنا الأول، فإن أردت أن ترفع تأثير التسعة فهذا خلف ما تريد اثباته، لأنك تريد إثبات تأثير التسعة، وإن أردت اثبات أنَّ التسعة مؤثرة لوحدها من دون خصوصية معلومية العوضين فقد قلنا إنه على هذا يكون حديث الرفع حديث رفع لا حديث إثبات.

ولكن هذه المشكلة لا تواجهنا في الواجبات والمحرمات المستقلة فنطبق حديث الرفع هناك، كما لو شككنا في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو شككنا في حرمة التدخين فهناك يوجد مجال لتطبيق حديث الرفع، وهكذا لو شككنا بأنَّ أجزاء الصلاة تسعة أو عشرة فالتسعة واجبة جزماً ولا يوجد عندنا شك فيها وإنما الكلام في التسعة بإضافة الجزء العاشر - وهو السورة - فهذا لا نعلم به فنرفعه بحديث الرفع، أما التسعة فلا نثبت وجوبها بالحديث وإنما نعلم من الخارج بوجوبها جزماً وإنما الكلام في المجموع بما في ذلك الجزء العاشر.

وقد يقال: - إنك إذا لم تقبل بتطبيق حديث الرفع في هذا المورد فأين تستفيد منه.؟

قلت: - نحن نستفيد منه في المحرّمات المستقلة المشكوكة أو الواجبات المستقلة المشكوكة كحرمة التدخين أو جوب الدعاء عند رؤية الهلال أو أجزاء الصلاة الواجبة أنها تسعة أو عشرة وغير ذلك من الأمثلة، أما هذا المورد فنحن ننفي مورديته، لأنَّ لازم تطبيقه صيرورة حديث الرفع حديث إثبات لا حديث رفع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo