< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/02/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 87 ) يشترط في البيع أن لا يكون غررياً - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

ذكرنا أنَّ الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) ذهب إلى أنَّ الأصل العملي يقتضي الصحة، لأنَّ الأصل العملي هنا هو البراءة - أي ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) - ومقتضى ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) هو رفع كل شيء مشكوك، فكما لو فرض أنه شككنا أن التدخين حرام أو ليس بحرام فهذا شك في التكليف النفسي ومقتضى ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) هو البراءة، كذلك الحال في المقام فإنا نشك في شرطية معلومية العوضين ومقتضى إطلاق حديث الرفع رفع هذه الشرطية أما من قال إنَّ حديث الرفع يشمل الأحكام الوضعية، نعم لو كان يشملها لرفع شرطية معلومية شرطية العوضين ويثبت أن المعلومية ليست لازمة.

ولكن من قال إنه يشمل الأحكام الوضعية، بل لعله خاص بالأحكام التكليفية؟

قال: - إنه توجد رواية طبق فيها الامام عليه السلام حديث الرفع على الحكم الوضعي، وهي صحيحة صفوان والبزنطي حيث رويا عن الامام عليه السلام أنَّ شخصاً يستكره على اليمين فيحلف والامام عليه السلام طبّق حديث الرفع لرفع صحة هذا الحلف، وهذا معناه أنَّ حديث الرفع يشمل الأحكام الوضعية.

ولا تقل: - إنَّ هذا الحديث يرفع صحة ما استكره أما نحن فنريد أن يرفع شرطية معلومية العوضين، فهذا المورد لا ربط له بموردنا، فإنَّ هذا الحديث يرفع صحة اليمين حالة الإكراه، فلا ينفعنا لرفع شرطية معلومية العوضين التي هي كجهولة عندنا.

قلنا: - لنقرأ الرواية أولاً لنلاحظ أنها خاصة بهذا الشيء أو لا.

أما الرواية فهي صحيحة البزنطي وصفوان جميعاً عن أبي الحسن عليه السلام: - ( في الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك أيلزمه ذلك؟ فقال:- لا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله " وضع عن أمتي ما أكرهوا عليه وما لا يطيقون وما أخطأوا " )[1] .

وقد يشكل ويقال: - صحيح أنَّ هذا يرفع الصحة ولكن في هذه الأمور الثلاثة - وهي ما أكرهوا عليه وما لا يطيقون وما أخطأوا - وهذه الثلاثة ليست محل كلامنا، فنحن كلامنا في رفع ما لا يعلمون وفقرة ( رفع ما لا يعلمون ) هي ليست أحد فقرات هذا الحديث؟

وفي الجواب نقول: - صحيح أنَّ الحديث ذكر هذه الثلاثة ولكن سوف يثبت بهذا الحديث أنها تعم رفع الحكم الوضعي فحديث رفع التسعة الذي منه هذه الثلاثة إذا ثبت في ثلاثة من التسعة أنها تعم الحكم الوضعي بقرينة السياق يثبت أنَّ حديث الرفع في رفع التسعة أيضاً يشمل ( رفع ما لا يعلمون ) فيرفع الحكم الوضعي، لأنَّ ثلاثة من التسعة الرفع فيها رفع للحكم الوضعي، فإذا ثبت الرفع للحكم الوضعي في ثلاثة من هذه التسعة ثبت الرفع للحكم الوضعي في بقية التسعة.

نعم يوجد إشكال آخر: - وهو أن الصحيحة قالت ( الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق أو بصدقة ما يملك ) والحلف بالطلاق والعتاق والصدقة بما يملك باطلة في نفسها عندنا والحلف لا يصح إلا بالله تعالى وصفاته، فهذه الرواية لا يمكن الاستشهاد بها أصلاً لأنه يوجد فيها خلل من الأساس فإنَّ الحلف بهذه الأمور الثلاثة باطل عندنا، وعليه فسوف لا تنفعنا هذه الصحيحة.

لكن الجواب: - إنَّ هذه مناقشة في قضية جانبية.

لكن لنغض النظر عن هذا الشيء ولنفترض أنَّ القسم بهذه الأمور صحيح، أو نقول إنه حتى لو كان القسم باطل فلنجزئ في المدلول، فبلحاظ هذا المدلول - أي بلحاظ هذا القسم - يكون مطروحاً، أما بلحاظ كون حديث الرفع يرفع الصحة نأخذ به.

فإذا قبلنا بأنَّ حديث الرفع يرفع الأحكام الوضعية مثل الصحة فحينئذٍ نتمسّك بإطلاقه لرفع شرطية معلومية العوضين، قال(قده): - ( لا مانع من هذه الأصالة بناء على جريان البراءة في الأحكام الوضعية كما يظهر من استدلال الامام عليه السلام بحديث الرفع على فساد طلاق المكره وعتاقه فينتفي بأصالة عدم الوجوب وجوب كل خصوصية شك فيها بمعنى عدم دخلها في تأثير السبب ........ ولا يبقى معها مجال الرجوع إلى استصحاب عدم ترتب النقل والانتقال لأنَّ هذا في مرتبة السبب وذاك في مرتبة المسبب والاستصحاب إنما يقدم على أصالة البراءة حيث يكونان في مرتبة واحدة)[2] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo