< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/02/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 87 ) - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

مسألة ( 87 ): - يشترط في البيع أن لا يكون غررياً. وتكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة ولا تكفي في غير ذلك بل لابد أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره به عند البيع من كيل أو زون أو عدّ أو مساحة معلوماً. ولا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع كبيع المكيل بالوزن وبالعكس إذا لم يكن البيغ غررياً. وإذا كان الشيء مما يباع في حالٍ بالمشاهدة وفي حالٍ أخرى بالوزن أو الكيل كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن والحطب محمولاً على الدابة بالمشاهدة وفي المخزن بالوزن واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل فصحة بيعه مقدّراً أو مشاهداً تابعاً للمتعارف...........................................................................................................تشتمل هذه المسألة على أربع نقاط والمهم منها هو النقطة الأولى والثانية: -

النقطة الأولى: - يشترط في صحة البيع ألا يكون غررياً.

النقطة الثانية: - تكفي المشاهدة فيما تعارف الاكتفاء فيه بالمشاهدة ولا تكفي في غير ذلك.

النقطة الثالثة: - يكفي التقدير بغير المتعارف كالكيل يوزن أو الموزون يكال إذا لم يلزم الغرر.

النقطة الرابعة: - إذا اختلفت حالة الشيء ففي مرة يباع جزافاً ومرة بالكيل كالحطب إذا كان على الدابة تكفي حينئذٍ فيه المشاهدة أما إذا كان في المخزن فحينئذٍ يكون بالكيل، وكذلك الحليب فإنه يباع بالكيل ثم بعد ذلك صار يباع بالوزن، فإذاً إذا اختلفت حالة الشيء مرة يباع بالكيل ومرة بالمشاهدة فيتبع حكم كل حالة بلحاظ تلك الحالة، وأيضاً هو مثّل بمثال اللبن المخيض، فلو فرض أن كان موجوداً في السقاء فحينئذٍ بيعه يصير في السقاء وإذا كان في المخزن فحينئذٍ يباع الكيل، فهذه حالات متعارفه عندهم فتتبع كل حالة متداولة عند العرف.

ويوجد تعليق على النقطتين الأولى والثالثة: - وهو تعليق لفظي.

التعليق على النقطة الأولى: - إنه في النقطة الأولى قال ( يشترط في البيع ألا يكون غررياً )، وهنا يوجد مطلبان:-

المطلب الأول: - كيف يكون البيع غررياً فإنه لم يبين ذلك؟، ولكن السيد الحكيم(قده) في المنهاج القديم بيّن ذلك، ولكن السيد الخوئي(قده) حذف ها البيان، أما كيفية كون البيع غررياً ؟كما لو كان موزوناً وبيع بالمشاهدة، قال السيد الحكيم(قده): - ( مسألة2:- يشترط في كل من العوضين أن يكون معلوماً مقداره المتعارف تقديره به عند البيع من كيل أو وزن أو عدّ أو مساحة فلا تكفي المشاهدة ولا تقديره بغير المتعارف فيه عند البيع كبيع المكيل بالوزن وبالعكس وكبيع المعدود بالوزن وبالكيل وبالعكس )، فالسيد الحكيم(قده) أتى بهذه الجملة الطويلة، ولكن السيد الخوئي(قده ) حذف هذه الجملة الطويلة وأتى بكلمة ( غرري )، فالمقصود أن غررياً يعني انه يبيع الموزون مثلاً بالمشاهدة أو بالكيل، أو أنه يبيع المكيل بالوزن أو بالمشاهدة وهكذا.

المطلب الثاني: - ذكر السيد الخوئي(قده) أنه يلزم أن لا يكون البيع غررياً، وتعبير ( غررياً ) فيه إيحاء إلى أنَّ مدرك ذلك هو حديث ( نهى النبي عن بيع الغرر )، فاشترط بأن لا يكون غررياً لهذا الحديث النبوي لأنه ورد فيه كلمة ( غرر ) دون غيره والحال أنَّ السيد الخوئي(قده) يرفض هذا الحديث ولم يتمسك به، فإذا لم تتمسك به فلماذا تعبَّر بتعبير ( غرر ) بل عليك أن تعبّر بتعبير السيد الحكيم(قده) حتى يزول هذا الإيحاء الباطل؟!!

أما النقطة الثالثة فيوجد مطلب يرتبط بها:- فهي قالت ( إذا كان الشيء موزوناً فيجوز بيعه مكيلاً كما لو كان مكيلاً لا يجوز بيعه موزوناً مادام يلزم الغرر )، فكيف أنه مرة لا يلزم غرر ومرة أخرى يلزم الغرر، فهو لم يبيّن هذا؟ والمقصود هو أنَّ الكيل تارة يؤخذ مرآةً للكيل أو بالعكس فحينئذٍ لا يلزم الغرر، لأنه إذا كان موزوناً فقد تعيّن وزنه من خلال الكيل، وإذا فرض أنه مكيل فسوف يتعين من خلال الوزن مادام أخذنا الكيل والوزن كمرآة وطريق إلى الآخر، أما إذا لم نأخذه كمرآة وطريق إلى الآخر فسوف يلزم الغرر، فهذه القضية تحتاج إلى توضيح، فعلى هذا الأساس المكيل لا يجوز بيعه بالوزن وكذلك العكس إلا إذا لم يلزم الغرر كما إذا أخذ أحدهما كمرآةٍ للآخر فهنا لا يلزم الغرر.

فإذاً هذه المسألة تشمل على أربع نقاط: -

أما النقطة الأولى: - وهي أنه لا يجوز أن يكون البيع غررياً، يعني يباع الموزون بالكيل أو بالعكس أو بالمشاهدة، فلماذا يلزم أن يكال المكيل ويوزن الموزون ولا يكفي العكس أو المشاهدة، يعني ما دليل الضبط بالكيل أو الوزن؟، وسيأتينا روايات دالة على ذلك، ولكن لو قطعنا النظر عن الروايات فما هو المرجع؟ المرجع هو الأصل اللفظي إن كان وإلا فالأصل العملي، فيصير الترتيب هو أنه إن كانت هناك نصوص فنأخذ بها وإذا لم توجد نصوص نأخذ بالأصل اللفظي وإن لم يكن أخذا بالأصل العملي، أما ماذا تقتضي الروايات أو الأصل اللفظي أو الأصل العملي؟ إن هذا سيأتينا، فإن كانت توجد روايات فبها فنأخذ بها، أما إذا لم تكن هناك روايات أو كانت مجملة وصرنا على الأصل اللفظي وشككنا في اشتراط الكيل أو الوزن فما هو مقتضى الأصل اللفظي؟ والأصل اللفظي يعني أن تلاحظ اطلاق ﴿ وأحلَّ الله البيع ﴾ أو ﴿ تجارة عن تراض ﴾ أو ﴿ أوفوا بالعقود ﴾، أي هذه العمومات أو الاطلاقات هي المرجع فنلاحظها ونرى ماذا تقتضي، فهل يقتضي أن يكون الموزون لابد أن يوزن أو تكفي فيه المشاهدة أو الكيل؟

والجواب:- إنَّ ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ يقول إنه كلما صدق العقد عليك أن تفي به سواء ولا يلزم فيه العربية والماضوية والمعلومية أو غير ذلك، فالمهم أنَّ يصدق العقد ولا يلزم فيه شرائط، وهكذا ﴿ أحل الله البيع ﴾ فإذا صدق البيع فقد أحله الله ولا يلزم فيه شرائط، فنفس اطلاق ﴿ وأحل الله البيع ﴾ ينفي شرطية العربية والماضوية والمعلومية لأنه يقول كلما صدق العقد فقد أحله الله وكلما صدق بيع فقد أحله الله وكلما صدق عليه أنه تجارة فكلوا منها فالعمومات تقتضي نفي شرطية وقيدية ما يشك في شرطيته وقيديته في مطلق المعاملات، هذا هو الأصل اللفظي، وهذا شيء متفق عليه تقريباً، ولكن لو لم يكن الأصل اللفظي موجوداً أو كان يوجد فيه قصور فهنا قالوا إنَّ الأصل العملي يقتضي الفساد، لأنه سابقاً لم يترتب أثر على هذه المعاملة والآن حينما حصلت نشك هل ترتب الأثر أو لا فنستصحب عدم ترتب الأثر، فإنَّ الأصل العملي وهو الاستصحاب وهو يقتضي عدم ترتب الأثر.

بيد أنَّ الحاج ميرزا علي الايرواني(قده)[1] أراد أن يتمسك بحديث ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) لرفع الجزئية المشكوكة أو الشرطية المشكوكة، والفرق يكون كبيراً، فعلى رأي المشهور الأصل العملي يقتضي الفساد لأنه سابقاً لم يترتب أثر على هذا البيع والآن نشك في ترتب الأثر فنستصحب عدم ترتب الأثر، بينما على رأيه الأصل العملي يقتضي الصحة وترتب الأثر لأننا نرفع الشرطية والجزئية المشكوكة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo