< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/02/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 86 ) حكم الحقوق بأقسامها الثلاثة - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

ويرد عليه: -

أولاً: - إنه ذكر أنَّ الحق هو نفس الحكم ولا فرق بينهما سوى أنَّ الحق مقرون بجواز الاسقاط ومستنده في ذلك الشعور الوجداني.

ونحن نقول: - إنه يمكن أن نفسّر حق الخيار مثلاً بملك الفسخ الملازم لجواز الفسخ، فجواز الفسخ الذي هو حكم شرعي يكون ملازماً، فهو ملك الفسخ يعني أنَّ له الخيار في العقد الخياري يعني يملك الفسخ وبالتالي يلازمه جواز الفسخ شرعاً، فإذا بينا المطلب بهذا الشكل فسوف يصير حق الخيار ليس هو مجرد حق الفسخ كما فسّره السيد الماتن وإنما هو ملك الفسخ.

فإنه قال نحن نشعر بالوجدان في باب الخيار أنه يوجد جواز الفسخ، ونحن أيضاً أثبتنا جواز الفسخ ولكن غاية الأمر جعلناه لازماً، يعني قلنا إنَّ الخيار هو ملك الفسخ المستلزم لجواز الفسخ، فجواز الفسخ إذاً لازم شرعي لملك الفسخ، فالخيار هو ملك الفسخ لا نفس جواز الفسخ، نعم جواز الفسخ ملازم لملك الفسخ، وبهذه الطريقة قد أشبعنا ما يشعر به السيد الخوئي(قده) وما نشعر به نحن من أنه في باب الخيار يوجد جواز الفسخ، فنحن أشبعنا حاجة هذا الشعور، إذ بالتالي أثبتنا جواز الفسخ ولكن لم نجعله نفس حق الخيار وإنما جعلناه لازماً لملكية الفسخ، فالخيار هو ملكية الفسخ الملازم لجواز الفسخ، وبهذا ما يشعر به بالوجدان من أنَّ الخيار هو جواز الفسخ قد أشبعنا حاجته وتمكنا من خلال ما نقول من التغلّب على بعض المشاكل التي تواجه السيد الخوئي(قده)، وبناءً على ما ذكرنا فتلك المشاكل لاتي تواجه السيد الخوئي(قده) سوف لا تواجهنا.

ومن المشاكل التي تواجه السيد الخوئي(قده): -

مثلاً قال في المسألة ( 86 ):- يجوز نقل حق التحجير لشخص، فتقول لشخص أنا أنقل لك حق تحجير هذا المكان مقابل كذا فإن نقله جائز.

ونحن نقول: - لو كان حق التحجير مجرد حكم شرعي فلا معنى لجعل الحكم الشرعي ثمناً ولا مثمنا، فإنَّ الحكم الشرعي لا يقبل النقل ولا معنى لنقله وجعله عوضاً أو معوّضاً، والحال أنه اعترف بجواز نقله وذلك من خلال جعله عوضاً أو معوّضاً، فإذاً هذا يدل على أنَّ حق التحجير ليس مجرد حكم شرعي بل هو نحوٌ من ملك شيء ولازم تلك الملكية الحكم الشرعي، لا أنه هو بنفسه هو الحكم الشرعي.

ومن المشاكل التي تواجهه أيضاً: - إنه ذكر أنه يجوز جعل متعلّق حق التحجير - وهو الأرض - ثمناً فيجوز نقله.

ولكن نقول: - كيف يصح نقل الأرض والحال أنه إذا كان حق التحجير مجرد حكم شرعي فالحكم الشرعي لا يتعلّق بمتعلّق وذلك المتعلّق يمكن ويجوز نقله، إذاً هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنَّ الحق ليس مجرد حكم شرعي، وإلا فمتعلّق الحكم الشرعي لا يمكن نقله وإنما هو شيء آخر كما ذكرنا، فهو يملك شيئاً، فله ملكية ولازم هذه الملكية الحكم الشرعي وهو جواز التصرف أو أي شيءٍ آخر.

ومن المشاكل التي تواجهه أيضاً كما يأتي في مسألة ( 124 ) حيث قال:- إنَّ الخيار يورَث، والحال أنَّ الخيار حق.

ونحن نقول: - لو كان الخيار حكماً شرعياً فالحكم الشرعي لا يورث؟!!

إذاً هذه منبهات واضحة على أنَّ ما أفاده من تفسير الحق بنفس الحكم شيء موهون.

إذاً يمكن أن نقول: - إنَّ الحق هو ملك سواء كان ملك الفسخ أو غير ذلك ولكن يلازمه حكم شرعي وهو جواز الفسخ أو جواز شيء آخر، لا أنه بنفسه هو الحكم الشرعي، وإلا كيف يجوز نقله، وهل الحكم الشرعي ينقل؟!!، وكيف متعلقه يمكن جعله عوضاً أو معوضاً، وهل متعلق الحكم الشرعي يقبل ذلك؟!!، وكيف يورث، وهل الحكم الشرعي يورث؟!!..... وهكذا.

ثانياً: - إنه ذكر في جملة كلامه أنَّ الخيار هو عبارة عن الحكم الشرعي بجواز الفسخ ورتّب على ذلك عدم جواز جعله عضاً أو معوضاً، لأنَّ الحكم الشرعي لا يمكن جعله عوضاً أو معوضاً لعدم المالية له فإنَّ العوض والمعوض يلزم فيه أن يكون مالاً، والحكم الشرعي من جواز الفسخ أو غيره ليست له مالية حتى يقبل أن يكون عوضاً أو معوضاً إلا باستثناء موردين ذكرهما.

ونحن نقول:- صحيح أنَّ الحكم الشرعي لا مالية له، ولكن مادام يجوز اسقاطه فهذا جواز الاسقاط قد يجعل له مالية، فالحكم الشرعي تارة لا يجوز اسقاطه فهذا لا مالية له، أما إذا اقترن بجواز الاسقاط، يعني شرعاً محكوم بجواز الاسقاط فنفس جواز الاسقاط يمكن أن يجعل مالية لذلك الحكم الشرعي لأنه اقترن بشيء - أي اقترن بجواز الاسقاط - فنفس جواز الاسقاط يمكن أن يجعل مالية لذلك الحكم الشرعي، وبالتالي يمكن أن يجعل عوضاً أو معوضاً، فالسيد الماتن قال لا يمكن جعله عوضاً أو معوّضاً، ولكن نحن نقول إنه إذا كان يجوز اسقاطه كحق الخيار وافترض أنه جواز الفسخ على تفسيره ولكنه مقرون بجواز الاسقاط، فمادام يجوز اسقاطه فيمكن أن تصير له مالية عرفاً، وبالتالي يمكن أن يقع نفس الخيار عوضاً أو معوّضاً.

هذا كله فيما يرتبط بالسيد الخوئي(قده)، وما ذكرناه من الاشكالين هو ليس من باب الحصر، بل ربما بالتأمل توجد إشكالات أخرى.

ما أفاده الشيخ النائيني(قده): - إنه على ما تقدم أنَّ الحق هو مرتبة ضعيفة من الملك.

ولكن نقول: - إنه قبل أن نتعرض إلى التعليق على ما أفاده نطرح قضية لا بأس بالالتفات إليها، وهي أنه ما هي الملكية بالنظر العرفي؟

والجواب:- إنه لا إشكال في أنَّ الملكية علاقة بين المالك والشيء المملوك، فهذه العباءة مثلاً أنا مالك لها، فالملكية هي علاقة بيني وبين هذه العباءة، وهذا المقدار واضح، ولكن الذي نريد أن نقوله هل الملكية هي عَرَض من الأعراض قائمة بالمالك والشيء المملوك، أو أنَّ الملكية هي مجرّد اعتبار من الاعتبارات العقلائية، فكيف نعتبر جملة من الأمور مثل ورقة النقد فإنَّ الورقة فئة خمسين دينار مثلاً هي معتبرة بهذه القيمة وأنت تأخذها بسرعة لو أعطوها لك أما الورقة العادية فلا تأخذها بسرعة لأنَّ الورقة النقدية معها اعتبار وهو الذي يسندها فهذا الاعتبار هو الذي جعل لها قيمة، فالملكية هي اعتبار من الاعتبارات، والزوجية هي اعتبار من الاعتبارات، فهي كسائر الاعتبارات لا أنها عَرَض قائم بالمالك والمملوك، وإنما هي اعتبار خاص كما أشرنا إليه، أو أن نقول إنَّ الملكية هي أمر انتزاعي تنتزع من الحكم التكليفي، فحينما يقول يجوز لك أن تبيع هذه العباءة ويجوز لك أن تلبسها ويجوز لك أن تهديها فمن هذه الأحكام التكليفية ننتزع أنَّ هذا الشخص الذي ثبتت له كل هذه الجوازات هو مالك، فأيَّ هذه الاحتمالات الثلاثة هو الصحيح؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo