< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/01/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 86 ) حكم الحقوق بأقسامها الثلاثة - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

ثالثاً: - ذكر الشيخ الأعظم(قده) في جملة كلامه أنَّ الانسان لا يمكن أن يملك ما في ذمته، فعلى هذا الأساس متى ما جعل الثمن هو العوض الذي في ذمة البائع فسوف يملك ما في ذمته فيؤثر السقوط، قال: - ( والحاصل إنه يعقل أن يكون مالكاً لما في ذمته فيؤثر تمليكه السقوط ولا يعقل أن يتسلط على نفسه، والسّر أنَّ هذا الحق سلطنة فعلية لا يعقل قيامها .... )[1] .

والذي نريد أن نقوله للشيخ الأعظم(قده): - إنه قال إنه يعقل أن يكون الشخص مالكاً لما في ذمته فيؤثر السقوط، وتوجد عندنا وقفة قصيرة هنا حيث نقول: إنه إذا كان يعقل أن يملك ما في ذمته فليتحقق ذلك من دون حاجة إلى أن نذهب إلى السقوط فلماذا قلت يسقط ما في ذمته؟!! إنما قل ( يعقل أن يكون مالكاً لما في ذمته فيكون مالكاً )، فإنه إذا كان ملكاً الانسان لما في ذمته شيئاً معقولاً فلا معنى حينئذٍ لأن يؤثر السقوط، وإذا فرض وجود المانع وأنه لا يمكن أن يملك ما في ذمته ففي مثل هذه الحالة لا يؤثر في السقوط لأنه لا يمكن أن يملك ما في مته حتى يؤثر السقوط. وهذا إشكال في قضية جانبية وليس في لبّ المطلب.

فكان من المناسب للشيخ فراراً من هذا الاشكال ألا يأتي قضية أنه يعقل أن يملك ما في ذمته وإنما يقول يكون مالكاً لما في ذمته بمعنى السقوط فعل الأنسب هو هذا حتى لا يرد عليه الاشكال من هذه الناحية.

فإذاً هذا اشكال جانبي على الشيخ الأعظم وهو إشكال ظريف وكان من المناسب للشيخ فراراً من هذا الاشكال أن لا يأتي قضية ( أنه يعقل أن يملك الانسان ما في ذمته، وإنما يقول ( يكون مالكاً لما في ذمته بمعنى السقوط )، فعل الأنسب كان هو هذا حتى لا يرد عليه الاشكال من هذه الناحية.

وبهذا فرغنا من مناقشتنا للشيخ الأعظم(قده) في الحق الثاني.

الحق الثالث: - وهو الذي يقبل النقل ويقبل السقوط مثل حق التحجير وحق الإحياء أو السبق.

وفي مثله نقول: - إننا لا نحتاج هنا إلى وجود من عليه الحق، وإنما حق التحجير هو علاقة بين الشخص وبين ما حجَّره أما من عليه الحق فلا نحتاج إليه، وهكذا بالنسبة إلى حق السبق كما لو سبقت إلى مكانٍ في المسجد مثلاً فهذه علاقة بيني وبين هذا المكان ولا نحتاج إلى طرف ثالث وهو من عليه الحق، فإذاً على هذا الأساس لا نحتاج إلى طرف ثالث كما احتجنا إليه في القسم الثاني، وفي مثل هذه الحالة هل يصح أن يكون ثمناً أو لا؟

والجواب: - أخذ الشيخ الأنصاري بالتردد فقال المناسب من ناحية لا مانع أن يكون ثمناً ولكن صاحب المصباح المنير قال إنَّ البيع هو ( مبادلة مال بمال ) كما أنَّ الفقهاء قالوا إنَّ العوض والثمن لابد أن يكونا مالاً، فمن هذه الناحية يشكل الأمر في جعل هذا الحق من القسم الثالث ثمناً من ناحية اشتراط المالية في العوض - الثمن -.

وفي مقام التعليق نقول: -

أولاً: - إنه عند العقلاء هل يستحق هذا الحق المقابلة بالمال أو لا، يعني لو كان شخصاً قد حجّر مكاناً فهل يستحق هذا أن يقابل بالمال أو لا؟ إنَّ هذا يستحق أن يقابل بالمال، كما لو حجّر مكاناً في موقع جيد فنقول له تنازل عن حقك هذا وسوف نعطيك كذا مقداراً من المال وهذا مقبول عقلائياً، ومادام يقابل عند العقلاء بالمال فسوف يصير مالاً وإلا كيف يجعل العقلاء مقابله مالاً، فهذا نحو من المال، وهكذا لو سبقنا شخص إلى مكان شريف كالمكان قرب رأس الامام الحسين عليه السلام فإنَّ هذا يقابل بالمال عند العقلاء، فلماذا تشكك في أصل مالية هذا الحق؟!! بل هو مال عند العقلاء.

ثانياً: - لنفترض أنه ليس بمال ولكن ما الملزم بكون العوض في باب البيع يلزم أن يكون مالاً؟!، فنحن لا نسلّم أنه يلزم في الثمن أن يكون مالاً، بل يكفي أن يكون شيئاً عقلائياً قابلاً لأن يجعل ثمناً عقلائياً عند العقلاء.

وهناك مناقشة لعبارة الشيخ الأعظم(قده) في هذا الموضع:- فإنه ذكر عبارة ناقصة حيث قال:-( وأما الحقوق القابلة للانتقال كحق التحجير وغيره فهي وإن قبلت النقل وقوبلت بالمال في الصلح إلا أنَّ في جواز وقوعها عوضاً للبيع إشكالاً من أخذ المال في عوضي المبايعة لغة وعرفاً مع ظهور كلمات الفقهاء ......... في حصر الثمن في المال )[2] ثم انتقل إلى مطب جديد، فهو ذكر ( من أخذ المال في عوضي المعاملة ) ولكنه لم يذكر عِدلاً لـهذه الـ( من ).


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo