< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/11/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة (82) حكم نصب أحد الأبوين وصياً على الأطفال مع فرض وجود الأب الآخر، مسألة (1239) من كتاب النكاح ( هل يجوز للوصي أن يزوج الصبي والصبية مع وجود الأب الآخر؟ ) – شروط المتعاقدين.

الرواية الثانية: - وراية محمد بن اسماعيل بن بزيع، وهي: - ( محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال:- سأله رجل عن رجلٍ مات وترك أخوين وابنة والابنة صغيرة فعمد أحد الأخوين الوصي فزوّج الابتة من ابنه ثم مات أبو الابن المزوّج فلما أن مات قال الآخر أخي لم يزوج ابنه فزوج الجارية من ابنه، فقيل للجارية أي الزوجين أحبُّ إليك الأول أو الآخر؟ قال:- الآخر، ثم إنَّ الأخ الثاني مات، وللأخ الأول ابن أكبر من الابن المزوّج فقال للجارية:- اختاري أيهما أحب إليك الزوج الأول أو الزوج الآخر؟ فقال:- الرواية فيها أنها للزوج الأخير وذلك أنها قد كانت أدركت حين زوّجها[1] وليس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراكها )[2] .

وسند الرواية لا مشكلة فيه: - فإنَّ محمد بن يحيى هو الأشعري القمي الذي يروي عنه الكليني كثيراً وهو ثقة، وأحمد بن محمد فهو إما ابن عيسى الأشعري القمي أو ابن خالد البرقي وكلاهما ثقة، ومحمد بن إسماعيل بن بزيع ثقة أيضاً.

وتقريب دلالتها على المعارضة وأن عقد النكاح الصادر من الوصي باطل أن يقال: - إنها قالت إنَّ الزوج الأخير هي التي اختارته والامام عليه السلام قال هي للزوج للثاني لأنها قبلت به حين ادراكها وبلوغها، فيتبين أنَّ عقد الوصي - وهو الأخ الأول - باطل، فإذا كان العقد صحيحاً وقد صدر من أهله ووقع في محله فحينئذٍ لا معنى لأن يقال إنَّ المدار على العقد الثاني لأنها قبلت له حينما أدركت، وإنما العقد الأول شرعي وصحيح وقد صدر من الوصي فإذا كان عقد الوصي صحيحاً وممضي شرعاً فهذه البنت مزوّجة والمزوّجة لا تتزوج ثانية فإنَّ هذا غير جائز، فإذاً حينما قالت الرواية إن المدار على العقد الثاني رغم أن العقد الأول صدر من الوصي فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن عقد الوصي باطلاً فتكون هذه الرواية لما ذكرناه سابقاً حيث اثبتنا أن عقد الوصي من قبل الأب أو الجد إذا زوج الصغير أو الصغيرة لكن هذه الرواية تكون معارضة له فلا يكون صحيحاً.

وفي الجواب ربما يقول قائل: - إنَّ هذه الرواية مضمرة، لأنها قالت ( عن محمد بن إسماعيل سأله رجل عن رجل )، ولا نعرف من هو المسؤول فهي لم تذكر الامام عليه السلام.

ولكن نقول:- إنَّ هذه كسائر المضمرات وما هو الجواب هناك فهو الجواب هنا، وقد ذكرنا في كتاب دروس تمهيدية في القواعد الرجالية أنه يمكن أن نذكر بياناً عاماً لإثبات حجية المضمرات من دون تفصيل خلافاً للتفصيل الموجود، لأنه يوجد تفصيل يقول إنه لابد أن نلاحظ الطرف فإن كان من أجلة الأصحاب الذين لا يليق بهم أن يرووا عن غير الامام عليه السلام مثل زرارة ومحمد بن مسلم فمن هذا نستكشف أنَّ المسؤول هو الامام عليه السلام، وبهذا يصير تفصيلاً بين ما إذا فرض أن يكون الراوي من أجلة الأصحاب أو من غيرهم، وهذا البيان يحتاج إلى ضميمة وهي أنَّ مثل زرارة حينما روى هذه الرواية فهو قد رواها حين تقدم عمره فهنا لا يليق به أن يروي إلا عن الامام عليه السلام، ولكن لعله رواها في بداية حياته، فإذاً هذه مشكلة تواجه من يبني على هذا الرأي، ولكن الرأي الذي نقوله هو أن نقول إنَّ ظاهرة الاضمار غريبة وملفتة للنظر وليست متداولة عند أهل اللسان، فلابد وأن نفترض أن مرجع الضمير هو شخص معهود بين الأطراف ولأجل معروفيته اتكل على الاضمار، وحيث إنه لا يوجد في أوساط الشيعة الامامية الذين يروون هذه الروايات شخص معهود لدى الجميع إلا الامام عليه السلام فيكون هذا قرينة على كون المرجع هو الامام عليه السلام، فإذاً لا مشكلة من ناحية الاضمار.

ونحن نقول في مقام ردّ الرواية نقول مثلاً: - إنَّ الرواية قالت: ( سأله رجل عن رجل مات وترك أخوين وابتة والابن صغيرة فعمد أحد الأخوين الوصي )، ومن قال إنَّ هذا الأخ وصي فإنَّ هذه دعوى فعله لأجل هذا لم يعِر الامام عليه السلام لدعوى وصايته لأنها من دون مثبت، وحينئذٍ لا تكون قدحاً ورداً على ما نحن فيه.

وجوابه: -

أولاً: - كان من المناسب للإمام عليه السلام أن يستفصل ويسأل عن وصايته ويقول هل وصايته كانت ثابتة أو غير ثابتة فهو لم يستفصل، وهذا يدل على أنَّ مجرد الوصاية لا تكفي حتى وكانت ثابتة وإلا لاستفصل.

ثانياً: - سلّمنا أنَّ هذه الأخ هو وصي ولكن من قال إنه وصي أيضاً حتى في مسألة الزواج، بل لعله وصي في الأمور العامة كأموالهم ورعايتهم لا في التزويج، والوصي الذي هو محل كلامنا هو ما كان وصياً في التزويج.

والجواب كما تقدم: - حيث نقول كان من المناسب للإمام عليه السلام أن يستفصل ويقول ( هل كان هذا الشخص وصياً في التزويج أو لا فإن لم يكن وصياً في التزويج فلا ينفع ذلك وإن كان وصياً في التزويج فعقده ماضٍ ) والحال أنَّ الامام عليه السلام لم يستفصل ولم يعتنِ لذلك وإنما حكم من دون استفصال.

ثالثاً: - إنَّ الرواية قالت فيما بعد: ( فقال: - الرواية فيها إنها للزوج الثاني )، وهذا التعبير في الرواية غريب، فإنَّ طابع الروايات لا يوجد فيها مثل هكذا تعبير، وإنما كان الأئمة عليهم السلام يجيبون مباشرة ولم يقولوا إن الروايات فيها كذا وكذا وإنما هو يعرف الروايات ويتكلم مباشرة ، ولعل هذا التعبير هو من الناحية المقدسة عجل الله تعالى فرجه الشريف كما قرأنا في ذلك روايتان أحداهما تقول ( كلما انتقل من حالة إلى أخرى قال ..... ) الواردة في باب الاستصحاب في الأصول، فإنَّ ذاك كان عهد تقية وأراد الامام عليه السلام أن يعيش حالة خفاء، أما بقية أئمتنا عليهم السلام عدى الناحية المقدسة فهذا ليس متداولاً بينهم.

وقد تقول: - لنقل إنَّ هذه الرواية هي عن الناحية المقدسة، فإنَّ اسم الامام عليه السلام لم يذكر فيها.

قلنا: - إنَّ محمد بن إسماعيل بن بزيع لم يعاصر الغيبة الصغرى وإنما هو معاصر للإمام الرضا عليه السلام والامام الجواد عليهما السلام أما ما بعدهما فلا.

فإذاً هذه الرواية ملفتة للنظر، وقبولها صعب، فيرد علمها إلى أهله، فلا يمكن الاستناد إليها لما ذكرنا، وعلى هذا الأساس تبقى الروايات السابقة من دون معارض.


[1] حين زوّجها:- أي حين تزوجها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo