< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/11/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 82 ) حكم نصب أحد الأبوين وصياً على الأطفال مع فرض وجود الأب الآخر ، مسألة ( 1239 ) من كتاب النكاح ( هل يجوز للوصي أن يزوج الصبي والصبية مع وجود الأب الآخر؟ ) – شروط المتعاقدين.

النقطة الخامسة: - إنَّ في جواز نصب أحد الأبوين وصياً في فرض وجد الأب الآخر ولكن ينصبه على أن يكون وصياً بعد وفاة الآخر ووفاته هو، ولكن هذا النصب تحقق في ظرف وجود الأب الآخر، فهل يقع هذا صحيحاً؟ ذكر السيد الماتن إنَّ فيه إشكالاً.

وتوضيح ذلك أن نقول: - تارةً أحد الأبوين ينصب الوصي في حال وجود الأب الآخر ويكون المقصود نصبه في عرض الأب الآخر، يعني أن هذا الشخص يُعمِل وصايته مع فرض حياة الأب الأخر، وأخرى ينصبه في طول وفاة الأب الآخر فمتى ما توفي الأب الآخر يكون وصياً فعّالاً، والنقطة الخامسة ناظرة إلى الحالة الثانية ولكن نحن ذكرنا الشقين لاستيعاب الموضوع.

فإن كان المقصود هو الأول:- فهذا قد تقدم في النقطة الرابعة، وقد ذكر السيد الماتن(قده) إنَّ هذا باطل، لأنه قد يقال إنَّ هذا تقييد وجَنَفٌ على ولاية الجد وهو لا يجوز، ولا أقل يقال إنَّ دليل الولاية قاصر عن الشمول له، ولكن نحن ابدينا احتمالاً وقلنا إلا بناء على أننا نستفيد من معتبرة محمد بن مسلم بعد ضم فكرة عدم الاستفصال حيث إنَّ الراوي سأل الامام أنَّ شخصاً ينصب من بعده من يلي أمر الأطفال والامام عليه السلام لم يستفصل، وهي رواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( سئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمال لهم وأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال وأن يكون الربح بينه وبينهم، فقال:- لا بأس به من أجل أن أباهم قد أذن له في ذلك وهو حي )[1] ، فهنا الامام عليه السلام لم يستفصل ويقول إنَّ الجد موجود أو ليس بموجود، فربما يقال إنه بضم عدم استفصال الامام نفهم من هذه الرواية أنَّ الأب مثلاً إذا نصب وصياً حتى في حال وجود الجد فهذا لا يؤثر ويكون تصرف الوصي في عرض الجد، وهذا احتمال وجيه ولكن لم نجزم به.

وإن كان المقصود هو الثاني: - فإن مشينا مشية حسابية دقية فالمناسب هو الجواز، لأنه إذا مات الجد أوّلاً والأب ينصب وصياً بعد وفاة الجد فيقول إنَّ هذا النصب إذا كان بعد وفاة الجد صحيحاً فالمفروض صحته هنا أيضاً، فهنا يقول الأب للوصي أنت فعّال بعد موت الجد لا في عرضه، فإذاً كلتا الحالتين لا فرق بينهما، فإذا جوّزت نصب الوصي بعد موت الجد بحيث يكون النصب بعد موت الجد فجوّزه في حال حياة الجد ولكن بشرط أن يكون هذا الوصي فعّالاً بعد وفاة الجد لأنه لا فرق بين الموردين، فإذا قبلت بأصل النصب بعد وفاة الجد فاقبله قبل وفاة الجد مادام هذا الوصي يصير فعّالاً بعد وفاة الجد.

ولكن نقول في الجواب: - إنَّ ما ذكر هو احتمال وجيه ولكن مجرد الوجاهة والامكان لا يكفيان لإثبات الوقوع، فنحن في صحة أصل هذا النصب من قبل الأب في حال حياة الجد وإن كانت الفعّالية بعد وفاة الجد نحتمل صحته وهو ممكن ولكن مجرد الإمكان والوجاهة لا يكفيان في اثبات الوقوع إلا أن يكون لدينا دليل يثبت أنَّ النصب للوصي من قبل الأب صحيح حال حياة الجد مادامت فعّالية الوصي تكون بعد وفاة الجد، فإن وجد الدليل فبها ونعمت، ولكن حيث لا دليل فعلى هذا الأساس تكون صحة هذا لنصب محل إشكال، ولذلك السيد الماتن وغيره استشكلوا من هذه الناحية.

وقد قلت: - إلا إذا قلنا إنَّ معتبرة محمد بن مسلم فيها دلالة على ذلك بعد ضم فكرة عدم الاستفصال، فإن قلنا بذلك فحينئذٍ يصح النصب حال حياة الجد حتى إذا فرض أنَّ فعَّالية الوصي تكون في حال حياة الجد، وهذا ليس معروفاً بين الفقهاء، أما أنك تريد أن تستفيد فقط أنه ينصبه في حال حياة الجد ولكن فعّاليته تكون بعد موت الجد فمعتبرة محمد بن مسلم لو دلت عليه فهي تدل عليه وعلى صحّة أن يكون فعّالاً حتى في حالة وجود الجد، وهذا المدلول الكبير لم يِصر إليه الفقهاء، والتنصيف والتبعيض في المدلول بعدما كان المدلول واحداً محل إشكال.

إذاً انتهينا إلى أنَّ ما ذكره السيد الماتن من أنَّ نصب الأب الوصي في حال حياة الجد على أن يكون هذا الوصي فعّالاً بعد موت الجد لا دليل على صحته، فتكون هذه المسألة محل إشكال من هذه الناحية.

 

وقبل الدخول في المسألة التالية نذكر من باب الاستيعاب مسألة: - وهي أنه هل يصح للوصي أن يزوّج اليتيم أو اليتيمة ماداما صغاراً؟، فإن السيد الماتن لم يتعرض إلى هذه المسألة هنا، وإنما تعرَّض إليها في باب النكاح في المسألة ( 1239 ) حيث قال ما نصّه:- ( للوصي ولاية النكاح على الصبي إذا نص عليه الموصي وكذا على المجنون واضطر إلى التزويج والأحوط استئذان الحاكم ).[2]

فإذاً السيد الماتن وجماعة اثبتوا الولاية للوصي في تزوج الصبي والصبية، ولكن رفض المحقق في الشرائع، قال:- ( ولا ولاية للوصي وإن نص له الموصي على النكاح على الأظهر )، فإذاً المسألة خلافية.

والمناسب هو جواز تزويج الوصي للصبي والصبية وذلك لأمرين: -

الأمر الأول: - التعليل الوارد في معتبرة محمد بن مسلم المتقدمة، حيث قال: - ( سئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمال لهم وأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال وأن يكون الربح بينه وبينهم، فقال:- لا بأس به من أجل أن أباهم قد أذن له في ذلك وهو حي)، فالإمام عليه السلام قال ( من أجل أنَّ أباهم قد أذن له في ذلك وهو حي)[3] ، فهذا التعليل يدل على أن كل شيء كان يجوز للأب حال حياته فيجوز له أن يأذن للوصي بذلك وعليه فسوف يقع صحيحاً من الوصي، ومن المعلوم أنه إذا كان الأب حياً فيجوز له أن يزوّج بنته الصغيرة بالاتفاق وقد دلت عليه الروايات، فبمقتضى التعليل المذكور في الرواية أنه إذا أذن الأب وهو حي للوصي بذلك فسوف يقع من الوصي صحيحاً.

الأمر الثاني:- هو أنه ورد في بعض الروايات أن من جملة من بيده عقدة النكاح هو الموصى له، وإن كانت الروايات الثلاث المتقدمة فيها ( الأخ ) أيضاً، وكانت الرواية الأولى منها:- ( سألته عن الذي بيده قعدة النكاح، قال:- هو الأب والأخ والرجل يوصى إليه )، على منوالها الرواية الثانية، وذلك الثالثة وهي موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( في قول الله عزَّ وجل" فإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" قال:- هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصى إليه )،[4] فإذاً الوصي إذا أوصي بذلك فسوف تكون عقدة النكاح بيده فيستطيع أن يزوج الصبي والصبية، فعلى هذا الأساس الدلالة واضحة ولكن المشكلة كما قلنا هي اشتمال المتن على كلمة ( الأخ ) والمعروف بين الأصحاب أنَّ الأخ ليس كذلك، ففي مثل هذه الحال هل نبعّض في المتن ونقول بعدم حجيته في مقدار ( الأخ ) أما الباقي فهو حجة ونأخذ به، وقد قال الكثير من الفقهاء بذلك، وهذا يكون حسب النظرة الحسابية الدقية، ولكن إذا نظرنا إلى مدرك حجية نقل الراوي للمتن الذي هو السيرة فإذا كان شخصاً في أخباره يوجد بعض الأشياء التي توجب التوقّف فهل العقلاء يأخذون بأخباره أو لا؟ لا أقل نشك في انعقاد سيرة العقلاء على ذلك، ولا نجزم بأنهم يأخذون بمتن يشتمل على بعض الأمور المرفوضة فحينئذٍ لا نتمكن أن نقول بحجية هذا النقل لأنَّ السيرة العقلائية ليس من المعلوم أنها جارية على ذلك، فإذاً هذه مسألة خلافية.

إذاً يوجد مدركان لإثبات المطلوب غايته أنَّ المدرك الثاني ربما يكون فيه تأمل فيبقى المدرك الأول لا شيء فيه وهو يكفينا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo