< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/11/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 82 ) حكم الوصي في التصرف بأموال الصبي والصبية بالتجارة – شروط المتعاقدين.

تعديل واضافة للاستدلال السابق: - وهو أنَّ الاستدلال بهذه الروايات التي قالت من بيده عقدة النكاح ثلاثة أحدهم الوصي طريقة الاستدلال بأحد بيانين: -

البيان الأول: - ما تقدم حيث قال السيد الخوئي حيث إنه إذا كان الوصي بيده عقدة النكاح فبالأولى يجوز له التصرف في المال وتكون له ولاية على المال، فإنه حينما تكون له ولاية على الأهم وهو البضع فعلى هذا الأساس الولاية له على أموال الطفل بالأولوية.

البيان الثاني: - حيث نقول إن واحدة من هذه الروايات التي في صدد بيان الآية الكريمة ﴿ إلا أن يعفونَ أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ﴾ حيث أن الآية الكريمة أعطت الولي حق العفو عن المهر أو نصف المهر، فإذاً كان يتمكن أن يعفو عن المهر رأساً فبالألوية يجوز له التعامل على المهر.

وفي مقام التعليق نقول: -

إن كان المقصود هو البيان الأول فجوابه: - هو الجواب السابق حيث نقول إنَّ أهمية النكاح والفرج هي التي دعت الشرع المقدس إلى أن يجعل الولاية لشخصٍ عاقل يتدخل فيها، بخلاف المال فإنه ليس قضية مهمة كالفرج، فعله لأجل أهمية الفرج جعلت الولاية للوصي، وهذا لا يستلزم جعل الولاية له على المال بالبيع والشراء لأنه ليس مهماً بتلك الدرجة، فالأولوية باطلة، وهذا لا نبرزه على سبيل الجزم بل يكفينا الاحتمال فنحن نحتمل أن أهمية الفرج هي التي دعت الشرع يجعل شخصاً ينظر في القضية وبيده عقدة النكاح.

وإن كان المقصود هو البيان الثاني فجوابه:- إنَّ هذه الأولوية ليست جزمية، فهي ليست قطعية عرفية، نعم لو كان حق العفو عن مال الزوجة قد ثبت للوصي في موارد متعددة وليس في مورد واحد فتعدد حق العفو يعطينا أولوية قطعية بأنه إذا جاز له ذلك جاز له التصرف في المال بالبيع والشراء، أما أنه له الحق في موردٍ واحدٍ فحصول الأولوية القطعية في جواز تصرفه في المال بالبيع والشراء أول الكلام، فإنَّ هذا قد ثبت له في مورد واحد خاص ولعله لنكتة وحكمة غابت علينا فلا يمكن الجزم بالأولية ، إنما نجزم بالأولوية فيما إذا تعدد مورد العفو ولم يختص بموردٍ واحد، ومادام قد ثبت له ذلك في موردٍ واحدٍ فالجزم بالأولوية شيء صعب.

إن قلت: -كيف أنه في مورد عقدة النكاح الذي هو موردٍ واحد أيضاً يتمكن الوصي أنَّ يزوجها، فأنت من هذا المورد الواحد نستنتج وجود أولوية في جواز البيع والشراء والتصرف في أموال النبت، فلولا النكتة التي أبرزناها - وهي أنه لعل أهمية الفرج تعكس الأولوية - وبقطع النظر عنها تكون الأولوية موجودة، فكيف هناك لأجل موردٍ واحد تسلّم بالأولوية لولا الذي أبرزناه أما هنا فأنت تنكر الأولوية في مودنا وتقول إنَّ مورداً واحداً لا يكفي لتحقيق الأولوية؟

قلت: - إنَّ ذاك فرجٌ، فالوصي يزوّجها هذه قضية مهمة كبيرة، فإذا جاز في القضبة الكبيرة أن تكون الولاية له فإذاً يجوز له أن يتصرف في المال، أما في موردنا فإنه يوجد عفو عن المال، وهذا ليس مورداً مهماً حتى إذا ثبتت له الأولوية هنا ثبتت الأولوية في جواز التصرف في المال، نعم إذا تكرر جواز العفو فالعرف حينئذٍ يرى ثبوت الأولوية، فإنه إذا جاز له العفو في موارد متعددة فحينئذٍ يحصل الجزم بجواز تصرفه وثبوت الولاية له في أموال الصبي.

إذاً التمسك بهذه الروايات التي تمسك السيد الخوئي بها محل إشكال لما ذكرنا، هذا بقطع النظر عمّا تشتمل عليه الروايات من كلمة ( الأخ )، وإلا فذاك إشكالٌ آخر، وقد قلنا إذا كانت كلمة ( الأخ ) موجودة فالتمسك بالروايات يصير صعباً بقطع النظر عمّا ذكرناه، لأنها مشتملة على شيء مرفوض والعقلاء لا نجزم بانعقاد سيرتهم على التبعيض، وإن كان البعض يقول بالتبعيض، ولكن القضية ليست حسابية رياضية حتى تقول بالتبعيض، وإنما هي قضية راجعة إلى العقلاء، فلو سمعت كلام شخصٍ يشتمل على شواذ فهل يؤخذ بكلامه أو لا؟ فهنا لا يجزم بانعقاد سيرة العقلاء على التفكيك والتبعيض في المتن الواحد، ونحن لا نريد أن نقول بالجزم بالعدم وإنما نشك في انعقادها وهذا يكفينا.

والنتيجة التي انتهينا إليها: - هي أنَّ التمسك بالروايات التي ذكرها السيد الخوئي(قده) وغيره لإثبات ولاية الوصي على التصرف في المال من باب أنه بيده عقدة النكاح أو العفو محل تـأمل.

والأجدر التمسك بوجهين: -

الوجه الأول: - سيرة الناس فإنها جارية في الزمن الماضي على جعل وصي على أطفاله، وهذه القضية كانت متداولة وأحد الأشياء التي يفعلها الوصي هو التصرف في أموالهم بما يصلح أمرهم، وحيث لا ردع شرعي عن سيرة الناس هذه فيثبت بذلك الامضاء.

مضافاً إلى أنه يمكن أن نضيف شيئاً آخر غير مسألة الامضاء: - وهو أنَّ نقول إنَّ هذه مسألة ابتلائية كانت موجودة وحكم المألة الابتلائية لابد أن يكون واضحاً، وإذا رجعنا إلى الفقهاء وجدنا أن هناك اجماعاً ولم ينقل خلاف في ثبوت الولاية للوصي حيث قال صاحب الجواهر(قده):- ( نصّاً وفتوىً بل إجماعاً بقسميه )[1] ، فإذاً هذا يورث الاطمئنان للفقيه بن الحكم الشرعي هو ثبوت الحق للوصي في التصرف في أموال الأطفال حسب المصلحة.

ولو نوقش في ثبوت الاجماع الذي ذكره صاحب الجواهر فلا أقل إذا كان يوجد مخالف فهو قليل، فمثل هكذا مسألة مشهورة لابد أن يكون حكمها مشهوراً، والحكم المشهور هو ثبوت الولاية.

الدليل الثاني: - الروايات، وننقل في هذا المجال ثلاث روايات تدل على شرعية الوصاية للوصي وأن عمله نافذ: -

الرواية الأولى: - ما أشرنا إليه مكرراً وهي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام: - ( أنه سئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمالٍ لهم وأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال وأن يكون الربح بينه وبينهم، فقال:- لا بأس به من أجل أن أباهم قد أذن له في ذلك وهو حي )[2] ، فهذه الرواية دلالتها واضحة جداً حيث دلت بوضوح أنَّ عمل الوصي نافذ وعللت ( من أجل أن أباهم أذن له وهو حي ).

وقد قلنا إن سندها هو ( محمد بن يعقوب عن احمد بن محمد عن علي بن الحسن عن السحن بن علي بن يونس [ يوسف ][3] عن مثنى بن الوليد عن محمد بن مسلم )، وقد قلنا إنَّ أحمد بن محمد الذي يروي عنه محمد بن يعقوب الكليني هو العاصمي، وعلي بن الحسن هو التيملي وهو ابن فضّال الثقة، أما الحسن بن علي يونس [ يوسف ] فهو قد يشكك فيه وقد أبرزنا فيما سبق بعض القرائن على أن هذا الرجل ثقة لا مشكلة فيه ببيان تقدم فميا سبق، فإذاً الرواية تامة دلالة وسنداً.

الرواية الثانية: - وهي: - ( محمد بن الحسن بإسناده عن صفوان بن يحيى عن العيص بن القاسم ع أبي عبد الله عليه السلام قال:- سألته عن اليتيمة متى يدفع إليها مالها؟ قال:- إذا علمت انها لا تفسد ولا ضيّع. فسألته إن كانت قد تزوجت، فقال: - إذا تزوجت فقد اقطع ملك الوصي عنها )[4] والسند بين الشيخ الطوسي وصفوان معتبر، وكذلك العيص بن القاسم ثقة، والرواية قالت ( فقد انقطع ملك الوصي عنها )، وهذا معناه أنَّ الوصي المجعول من قبل الأب أو الجد أمره ماضٍ عليها ولكن حينما تتزوج فحينئذٍ لا حق له عليها وتنقطع ولايته عليها، فدلالتها واضحة على أنَّ الوصي أمره نافذ عليها وبالنسبة إلى مالها، والرواية واردة في المال حيث قالت ( متى يدفع إليها مالها؟ )، فيثبت المطلوب.

الرواية الثالثة: - وهي:- ( محمد بن عقوب عن محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن إسماعيل بن سعد الأشعري قال:- سألت الرضا عليه السلام عن رجل مات بغير وصية وترك أولاداً ذكراناً غلماناً صغاراً وتك جواري ومماليك هل ستقيم لأن تباع الجواري؟ قال:- نعم )[5] ، وجميع رواة السند ثقات.

ومحل الشاهد هو ( سألت الرضا عليه السلام عن رجل مات بغير وصية )، فهذا يعني بالدلالة العرفية أنه إذا كان قد أوصى شخصاً فوصيته نافذة.

يبقى شيء: - هو أن هذه الروايات الثلاث ليس فيها أطلاق للاب والجد ولكن القدر المتيقن هو الأب لأنها واردة مثلا ( عن رجل مات بغير وصية) فهذا، وهذا الرواية السابقة عليها ( سألته عن اليتيمة متى يدفع إليها مالها؟ فقال: - إذا تزوجت فقط انقطع ملك الوصي )، ولكن أي وصي فهل هو وصي الأب أو وصي الجد والقدر المتيقن هو وصي الأب، فكيف نعمم هذه الروايات للوصي من قبل الجد؟

نقول: - إنَّ الرواية الأولى فيها كلمة حيث قالت ( من أجل أنَّ أباهم أذن له وهو حي ) يعني مادام قد أذن في حال حياته فإذنه جائز لأنه للاب حق التصرف في الحياة فإذا أذن لشخصٍ في التصرف حال وفاته فهذا مقبول وهذا نعممه للجد، فإنَّ الجد في حياة الأب له الحق في التصرف في أموال الطفل كالأب، فمن هذا التعليل يمكن أن نستفيد منه التعميم للجد أيضاً.


[3] هذا ما هو موجود في الفقيه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo