< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/11/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة (81 ) حكم المعاملات التي يجريها الأب أو الجد على نفس الصبي بإجارته أو ما شاكل ذلك – شروط المتعاقدين.

النقطة الثالثة: - لا يجوز للاب وهكذا الجد طلاق زوجة الصبي.

والظاهر أنَّ المسألة اتفاقية ولا خلاف فيها بين الأعلام.

وما هو التوجيه الفني لذلك؟

رب قائل يقول: - نحن لا نحتاج إلى توجيه الفني، فإنَّ ثبوت الولاية على الطلاق يحتاج إلى دليل، أما عدم ثبوت الولاية على الطلاق فهو مقتضى الأصل الأولي، فإنَّ مقتضاه عدم وجود ولاية لشخصٍ على آخر، فعلى هذا الأساس لا نحتاج إلى دليلٍ على عدم صحة تطليق الأب أو الجد زوجة الطفل بل جواز الطلاق هو الذي يحتاج إلى مثبت أما العدم فهو مقتضى الأصل الأولي، فكل شخصٍ لا حق له على الآخر في تطليق زوجته أو بيع داره أو غير ذلك.

قلنا: - إنَّ هذا شيء وجيه علمياً، بيد أنَّ هذا الكلام يتم فيما إذا فرض أنه لا توجد بعض الروايات التي ربما يستفاد منها ثبوت الولاية المطلقة للأب أو الجد لا في خصوص البيع والشراء والخروج عن هذه الدائرة العامة يحتاج إلى دليل، ولكن توجد رواية لعلها تصلح في هذا المجال، وهي معتبرة محمد بن مسلم المتقدمة، وقد رواها محمد بن الحسن بإسناده عن السحن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه، قال:- يأكل منه ما شاء من غير سرف، وقال:- في كتاب علي عليه السلام:- الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً إلا بإذنه والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها، وذكر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال لرجل:- أنت ومالك لبيك )[1] ، وسندها معتبر، والامام عليه السلام بيّن فيها حكماً وقال ( له أن يأخذ من ماله ما شاء ) ثم ذكر حكماً ثانياً وقال ( له أن يقع على جاريته ) وعلل بأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أنَّ الولد وماله لأبيه، والتعليل يعمِّم، فحينما ذكر الامام عيه السلام هذين الحكمين فليس لهما خصوصية، فيثبت بذلك العموم، إذاً ربما يقال إنَّ هذه الرواية يستفاد منها العموم.

وفي المقابل قد يناقش ويقال: - إنه يمكن استفادة العموم، يعني يمكن أن نقول إنَّ هذه الرواية صحيح أنها دلت على التعميم ولكن ليس في كل مجال وغنما في خصوص دائرة ضيقة وهي باب الأموال، حيث قال الامام عليه السلام ( له أن يأخذ من ماله ما يشاء ويقع على جارية ابنه )، فالجارية مال من الأموال أيضاً أما أكثر من ذلك كما هو الحال في موردنا فلا، فإنَّ الوالد يريد أن يطلق زوجة الابن فإنَّ هذه ليس أموالاً وإنما هذه الزوجة حرة فهذه ليست داخلة في دائرة عموم الرواية، هكذا يقال.

أو يقال:- إنَّ غاية ما نستفيد من هذا التعليل هو أنَّ الأب في مجال مصالحه ومنافعه وفوائده يتمكن أن يتصرف في مال الولد اما في الأمور التي هي ليست في مصالحه ومنافعه كما في موردنا فإنه في طلاق زوجة الطفل لا توجد منافع فحينئذٍ لا يستفاد من هذه الرواية الولاية العامة إلا في دائرة منافع ومصالح الوالد، ونحن لا نريد الجوم بهذا ولكن نريد أن نقول إن استفادة العموم بالدائرة الوسيعة من هذه الرواية - وهو الذي نستفيد منه - وإن كان شيئاً ممكناً ولكن يمكن رفض العموم شيئاً وجيهاً أيضاً، فالجزم بالعموم ربما يكون مشكلاً، ونحن من المترددين في ذلك، فليس من الواضح عندنا استفادة العموم.

وبالتالي إذا فرضنا أنَّ هذه الرواية صالحة لثبوت العموم فنحتاج إلى دليل لعدم الجواز.

والدليل على عدم الجواز هو معتبرة محمد بن مسلم الأخرى المتقدمة عن أبي جعفر عليه السلام: - ( في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ فقال: - إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم، قلت:- فهل يجوز طلاق الاب؟ قال:- لا )، فإذا هذا دليل صالح لعدم الجواز حتى وإن كان عموم الولاية ثابت بمعتبرة محمد بن مسلم السابقة - والتي قلنا إنه يوجد تردد في استفادة العموم منها - ولكن هذه المعتبرة الأخرى لمحمد بن مسلم تصير مخصّصة لها، فإنَّ الامام عليه اللام قال (لا ).

إن قلت: - إنَّ هذه المعتبرة خاصة بالأب ونحن نريد أنه لا ولاية للأب والجد؟

قلت: - إنه لا يحتمل الفصل والتفصيل من هذه الناحية بين الأب والجد، على أنه يمكن التمسك بفكرة الأولوية، فإذا كان الأب لا يجوز له رغم كونه ألصق بالابن والجد إنما يكون له اتصال من خلال الابن، فإذا لم تثبت الولاية للابن فبالأولى لا تثبت الولاية للجد.

فإذاً هذه الوراية تكون مخصصاً لعموم الولاية إن استفدناه من معتبرة محمد بن مسلم الأولى وإن لم نستفد العموم كفانا عدم الدليل، بل الدليل على العدم.

إن قلت: - إنه يوجد دليل ثالث على أنَّ الأب وهكذا الجد لا يجوز له أن يطلق زوجة ابنه، وهو ( الطلاق بيد من أخذ بالساق )، ومن أخذ بالساق هو الزوج ،فعلى هذا الأساس الطلاق بمقتضى هذه الروايات هو بيد الزوج، فمقتضى هذا العموم أنه لا يجوز لغير الزوج أن يطلق، فنتمسك بهذه الروايات لإثبات المطلوب، وقال صاحب الجواهر(قده):- ( بلا خلاف فيه منّا بل الاجماع بقسميه عليه للنبوي المقبول " الطلاق بيد من أخذ بالساق")[2] .

ولكن نقول:- هذا الحديث ليس موجوداً في كتبنا الروائية إلا في مورد واحد، حيث ينقله الميرزا النوري(قده) في مستدرك الوسائل[3] عن عوالي اللآلي الذي رواياته كلّها مراسيل، قال صاحب المستدرك:- ( أبن أبي جمهور في درر اللآلي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:- "الطلاق بيد من أخذ بالساق" )، فلو تم هذا الحديث سنداً فلا بأس به، ولعل قائل يقول إن شهرة العمل به تكون جابرة لسنده، وأما إذا لم يكن تاماً فيصلح التمسك به كمؤيد، وإذ لم تتمسك به حتى على مستوى المؤيد فنقول يكفينا صحيحة محمد بن مسلم التي تخصص دليل عموم الولاية، فلو ثبت عموم لدليل الولاية فسوف نخصصه بصحيحة محمد بن مسلم الثانية التي قالت ( لا يجوز للأب أن يطلق زوجة ابنه ) ويكفينا ذلك، أما حديث ( الطلاق بيد من أخذ بالساق ) نجعله مؤيداً، وهذا لا بأس به.

النقطة الرابعة: - قال السيد الماتن: - ( وفي هبة المدّة والفسخ تردد وإشكال وإن كان الأقرب الجواز )، كما لو كان في زوجة ابنه الصبي أحد العيوب الموجبة للفسخ كالبرص أو الجذام أو ما شاكل ذلك من العيوب، فهل يجوز للأب أن يفسخ العقد الدائم أو أنه يهب المدة الباقية في عقد النكاح المنقطع فإنَّ هذا ليس بطلاق فهل يجوز أو لا ؟

قال السيد الماتن: - فيه تردد وإشكال، وإن قال بعد ذلك الأقرب الجواز.

ووجه التردد واضح: -

لأنه من جهة: - إنَّ الفسخ مثل الطلاق فإذاً لم يجز الطلاق - يعني أن الزوجة نجعلها تنفصل عن الزوجة - فكذلك في هبة المدة سوف يصير انفصالاً أيضاً، لأنه عند هبة المدة سوف يصير تعجيلاً في الانفصال، وهو يكون بمثابة الطلاق، كذلك الحال في الفسخ البرص أو الجذام فإنه سوف يصير تفريقاً بين الزوجين، فكما أنَّ الطلاق مفرّقٌ ولا يجوز فالفسخ وهبة المدة أيضاً مفرقان، هذا من زاوية.

ومن زاوية أخرى ربَّ قائل يقول: - إنَّ عنوان الطلاق هو الذي لا يجوز وقد دل الدليل على ذلك، أما هبة المدّة والفسخ ليس طلاقاً، نعم هو بحكم الطلاق ولكنه ليس طلاقاً، وحينئذٍ ندور مدار الطلاق، فنتمسك بعموم دليل الولاية.

فإذاً القضية ذات احتمالين من هذه الناحية.

ومن ناحية أخرى نقول أضافة: - وهي إنَّ عموم الولاية بذلك الشكل الوسيع كما قلنا قد يتردد فيه، وحينئذٍ هناك تردد في ثبوت الولاية في هذا التفريق، فيكفينا هذا التشكيك لإثبات عدم الجواز، وسوف تصير النتيجة أنه لا يجوز لهما ذلك.

إذاً هناك تردد من هذه الناحية، فمن يرى ثبوت عموم في دليل الولاية فنقول إنَّ الذي خرج هو الطلاق أما غير الطلاق فلم يخرج من عموم دليل الولاية، فنتمسك بلحاظ هبة المدة والفسخ بعموم دليل الولاية، فإذا القضية من هذه الناحية تختلف باختلاف ما نبني عليه من أنه يوجد عموم لدليل الولاية أو لا، فإن بنينا على وجود العموم فنقول إنَّ الطلاق قد خرج من ذلك العموم أما الفسخ وهبة المدرة فليسا بطلاق فعموم دليل الولاية يشملهما فيثبت الجواز، أما إذا أنكرنا العموم فلا يثبت جواز هذين الأمرين، والسيد الماتن مال إلى أنه يجوز لهما ذلك، فإذاً لابد أنه يبني على استفادة العموم من دليل الولاية، فنقول إنَّ الفسخ وهبة المدة لم يثبت أنهما طلاق فيجوز له العمل بعموم دليل الولاية.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo