< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/10/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 80 ) جواز تصرف الأب والجد وإن علا في مال الصغير في المعاملات– شروط المتعاقدين.

الرواية الثالثة: - وهي رواية محمد بن مسلم، وهي ليست واردة في التصرف في الأموال على خلاف الرواية الأولى والثانية، فإنَّ الروايتين الأوليين كانتا واردتين في إذن الأب في التصرف في أموال أطفاله، وقد قلنا إنَّ هذا يدل بالالتزام أنه له حق التصرف وإلا كيف يحق له أن يأذن، أما هذه الرواية فهي واردة في التزويج، فإنَّ الأب يتمكن أن يزوّج ابنه الصغير أو بنته الصغيرة من ابن أو بنت رجلٍ غير بالغين أيضاً فيقبل ولي الصبي أو الصبية الآخر بهذا الزواج، فالرواية التي يجوّز تزويج الأبناء الصغار ماداما لم يبلغا الحلم نفهم منها بالأولوية جواز التصرف في أموالهم البيع والشراء.

إن قلت: - ما ربط هذه الرواية بمسألتنا فإنَّ كلامنا هو في البيع والشراء وما شاكل ذلك؟

قلت:- إنَّ هذا تصرف في البضع، وهو أهم من البيع والشراء، فإذا كانت الولاية للوالدين الولاية على تزويج الصبيين والحال إن المورد هو مورد البضع ومنه يكون الولد فبالأولى تثبت الولاية للوالدين على أموال الطفل بالبيع والشراء، وممن تمسك بذلك الشيخ الأعظم(قده) حيث قال:- ( ويدل عليه قبل الاجماع الأخبار المستفيضة المصرحة في موارد كثيرة وفحوى سلطنتهما على بضع البنت في باب النكاح )[1] ، وكان من المناسب أن يقول ( على بضع البنت والابن )، لأننا نريد ان نثبت ان الأب يجوز له التصرف في البيع الشراء في بيع أموال طفله نبتاً كان او ولداً ولكن هذا واضح، ووافقه السيد الخوئي(قده)[2] على ذلك.

إذاً هما تمّما هذه الروايات التي بهذا المضمون - أي الواردة بتزويج الأبوين أولادهما الصغار - بعد ضمَّ الأولوية.

والرواية هي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: - ( في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ فقال: - إذا كان أبوهما اللذان زوجاهما فنعم. قلت:- فهل يجوز طلاق الأب؟ قال:- لا )[3] .

ونذكر قضية جانبية ينبغي أن تكون واضحة: - وهي أنَّ الأب يستطيع أن يزوج ابنه الصغير أو بنته الصغيرة ولكن إذا تم الزواج ثم بعد ذلك اختلف أبوا الصغيرين فلا يستطيع أب الولد أن يطلقهما، ومستند ذلك مثل هذه الرواية.

وشاهدنا أنَّ الرواية جوّزت أن يزوّج الأبوان الطفلين، فإذاً الولاية موجودة على الزواج وبضمّ الأولوية يثبت أنَّ للأبوين الولاية في التصرّف في أموال الطفلين بالبيع والشراء.

وهذه الرواية رواها صاحب الوسائل عن محمد بن مسلم أيضاً مع اختلاف يسير، ونصّها:- ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصبي يزوّج الصبية، قال:- إن كان أبوهما اللذان زوجاهما فنعم جائز ولكن لهما الخيار إذا أدركا فإن رضيا بعد ذلك فإن المهر على الأب، قلت:- فهل يجوز طلاق الب على ابنه في صغره؟ قال:- لا )[4] .

وسندها معتبر أيضاً، وهو ( محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن العلاء عن محمد بن مسلم )، فكلّهم عدول مؤمنون.

ويمكن في الجواب أن نقول:- إنَّ الاهتمام بالبضع هو يحول دون الأولوية، فإنَّ البضع مادام أمره مهمّاً يستدعي أن يوضع بيد الشخص الأمين الثقة وهو الأب، لأنَّ الطفل لا يستطيع أن يتصرف جيداً، بخلاف المال فإنَّه ليست له تلك الأهمية أما البضع فهو مهم، فنحتمل أنَّ اهتمام الشارع بالبضع - ويكفينا الاحتمال - هو من باب أنه لا يريد أن يقع هذا الطفل أو الطفلة في أيدي غير نظيفة فجعل الولاية للأب، وهذا بخلاف المال فإنه ليست له تلك الأهمية فيمكن أن لا تجعل للأب الولاية عليه لأنه غير مهم فيترك أمره إلى الولد، فالولد حينما يكبر هو الذي يتصرف، أما مادام بَعدُ صغيراً فلا حق للوالد أن يتصرّف فيه، فالأولوية ليست موجودة، ومما يرشدنا إلى عدم الأولوية أن النبت الباكر لا يجوز لها أن تتزوج من دون إذن وليها، ولكن هل للأب الولاية في التصرف في أموالها؟ كلا ليس له ذلك، فهو له ولاية عليها في أمر الزواج فهي لا تستطيع ان تتزوج من دون إذن ابيها ولكن أموالها فلها الحق في أن تتصرف فيها ببيع وشراء من دون حاجة إلى كسب الإذن من الأب، وهذا معناه أنَّ الزواج له نحوٌ من الأهمية هذه الأهمية تستدعي أن يشرك فيها العاقل اللبيب وهو الأب، بخلاف المال فإنه ليست له تلك الأهمية، فلا يلزم حينئذٍ بالأولوية ثبوت الولاية للأب بالنسبة إلى المال، فإذاً هذه الأولوية ممنوعة، إذاً اتضح أنَّ دلالة هذه الرواية ليس تامة وإن تم سندها.

الرواية الرابعة: - وهي لمحمد بن مسلم أيضاً، وهي واردة في الأكل، بالأب يتمكن أن أكل من أموال ولده، فلو دخل الأب إلى بيت الابن فله أن يأكل ما يريد ولا حاجة إلى كسب الإذن من الابن، بل يجوز له أن يتصرف في أموال ولده بالأكل كأن يشتري سيارة من أموال ولده، فإذا جاز الأكل من أموال الولد مجاناً ومن دون مقابل جاز بالأولوية العرفية البيع والشراء بأموال الولد للولد، والأولوية هو أنه حينما جاز لك الأكل من أموال ولدك من دون مقابل جاز لك بالأولوية البيع والشراء للولد، وهي معتبرة محمد بن مسلم، وقد رواها الشيخ الطوسي بإسناده عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن زرين عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:- ( سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه، قال:- يأكل منه ما شاء من غير سَرَف. وقال:- في كتاب علي عليه السلام إنَّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً إلا بإذنه والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لرجل أنت ومالك لأبيك )[5] ، وقد قلنا إنَّ تقريب بالدلالة هو أنه إذا جاز التصرف والأكل من غير ضرورة فبالأولى يجوز التصرف من دون أكلٍ وإنما بمعاملةٍ كأن يشتري له من ماله دراجة هوائية أو ما شاكل ذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo