< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 77 ) حكم من باع ملكه وملك غيره – شروط المتعاقدين.

بيد أنه إذا رجعنا إلى تقرير درسه[1] لم نجد فيه التعبير الذي ذكرناه - يعني إذا كان المالك واحداً يصح أن يقصد كل مالك البيع بلحاظ المخالف أما إذا كان المالك متعدد فهذا لا يمكن - وإنما عبّر بتعبير آخر يلازم ما ذكرناه، فإذاً تعبيرنا الذي نقلناه يختلف عن التعبير الموجود في المحاضرات ولكنهما واحد بحسب المؤدى.

قال(قده):- ( إذا كان المالك واحداً ففي مثل هذه الحالة الأدلة المانعة من بيع المماثل مع الزيادة - وهي أدلة حرمة الربا - منصرفة ولا تشمل ما إذا كان يوجد مثقال ذهب وإلى حنبه مثقال فضة وفرضنا أنَّ المالك كان واحداً فهنا لا يصدق عليه أنه باع الجنس بمثله مع الزيادة )، ولم يبين أكثر من هذا، ولكن نحن نقول: لابد وأن ينصرف كل جنسٍ إلى مخالفه مادام المالك واحداً فالأدلة المانعة عن ببيع الشيء بمماثله مع الزيادة فتلك الأدلة لا تشمل هذه الحالة - أي مثقالي ذهب مع مثقالي فضة من جهة المبيع ومثقال ذهب مع مثقال فضة من جانب الثمن - وإنما هي منصرفة.

ثم قال:- وأما إذا كان المالك مختلفاً - يعني كان المالك للمثمن واحداً بأن كان مالكاً لمثقالي ذهب مع مثقالي فضة يريد بيع الجميع بمثقال ذهب للمشتري ولكن هناك ضميمة وهي مثقال فضة ولكنه ملك لشخصٍ آخر ففي مثل هذه الحالة حتى لو أجاز مالك ذلك المثقال الآخر فهنا الانصراف غير ثابت بل يصدق بالتالي أنَّه باع الجنس بمثله مع الزيادة، ونحن عبّرنا وقلنا إنَّ الانصراف لابد أنه لا يتحقق، فهذا التعبير الذي ذكرناه ( وهو أنه ينصرف كلٌّ إلى مخالفه ) في الحالة الأولى - أي إذا كان المالك واحداً - ولكن لازم كلامه هو هذا الذي ذكرناه، قال(قده):- ( إذا كان كل من الدرهم والدينار ملكاً للبائع فباعهما بدرهمين ودينارين لم يصدق أنه باع مثلاً بمثله مع الزيادة لانصراف الأدلة عما إذا كان المبيع جنسين ولو كان الثمن أيضاً كذلك فلا يلزم الربا المفسد للبيع وأما إذا فرضنا أن الضميمة كانت ملكاً لغير البائع فالبائع إنما هو بائع حقيقةً لمال نفسه فإنه مكلف بالوفاء بالإضافة إلى العقد الذي أوقعه على ماله ليس بائعاً حقيقةً لمال غيره إذ ليس مكلفاً بالوفاء بالإضافة إليه حتى لو أجاز المالك فهو بائع لجنس واحد بمثله مع الزيادة ).[2]

وفي مقام التعليق نقول: - إنه مادام مالك الشيء الآخر قد أجاز فحينئذٍ سوف يصدق أنه بيع مثقالان ذهب مع مثقالي فضة بمثقال ذهب مع مثاقل فضة فيصير مشمولاً الروايات فالروايات من هذه الناحية لم تشترط أن يكون المالك واحداً والمناسب هو هذا، يعني بالتالي إذا كان ضمن الضميمة من المالك الواحد يصحح البيع كذلك الحال فيما لو كان هناك مالكان فإنَّ النكتة للتصحيح إذا كانت هي أن ينصرف كل إلى مخالفة مثلاً فهذه النكتة تأتي هنا أيضاً، ولنلاحظ الروايات: -

الرواية الأولى: - الشيخ بإسناده عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( لا بأس بألف درهم ودهم بألف درهم ودينارين إذا دخل فيها ديناران أو أقل أو أكثر فلا بأس به )[3] ، يعني أنَّ المهم أن يدخل إلى جانب الشيء ضميمة فإنَّ هذا المقدار يكفي.

الرواية الثانية: - صحيحة ابن الحجاج التي رواها محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: - ( سألته عن الصرف ....... فقلت له: - أشتري ألف درهم وديناراً بألفي درهم، فقال: - لا بأس بذلك إنَّ أبي كان أجرأ على أهل المدينة منّي فكان يقول هذا فيقولون إنما هذا الفرار، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار، وكان يقول لهم:- نعم الشيء الفرار من الحرام إلى الحلال )[4] .

ومن كلتا الروايتين نستفيد أنَّ نفس ضم الضميمة هي موجبة للتحليل أما أن تكون الضميمة ملكاً لمالك الجزء الآخر فهذا لا مدخلية له فإنَّ نفس ضم الضميمة - مادام المالك يجيز - هو فرار من الحرام إلى الحلال، يعني هو صرف شرعي قهري فهذا يكون جائزاً فعلى هذا الأساس لا فرق من هذه الناحية.

والغريب من السيد الخوئي(قده) أنه تكلم بالكلام السابق من دون أن يذكر هاتين الروايتين، وكان من المناسب له أن يذكرهما ثم يناقش دلالتهما.

تبقى فضية جانبية: - وهي أنَّ عبد الرحمن بن الحجاج وهو من أكابر أصحابنا ولكنه قال ( سألته عن الصرف )، يعني أنَّ هذه الصحيحة مضمرة، وحينئذٍ قد يستشكل في حجيتها.

فيأتي ما ذكرناه أكثر من مرة وهو: -

أولاً: - إما أن نتغلب على هذه المشكلة بأنّ نقول إنَّ عبد الرحمن بن الحجاج حيث إنه من أكابر أصحابنا كزرارة ومحمد بن مسلم ولا يليق به الرواية عن غير الامام عليه السلام، فنفس هذا يكون قرينة معيّنة على كون المسؤول هو الامام عليه السلام عليه السلام.

والاشكال على هذا الجواب بأن يقال: - إنَّ هذا يتم فيما إذا كان عبد الرحمن أو زرارة يسأل في أواخر عمره فآنذاك لا يليق به أن ينقل عن غير الامام عليه السلام، أما إذا كان في أوائل عمره فحينئذٍ لا بأس أن ينقل عن شخصية من الرواة غير الامام عليه السلام، وحيث لا معيّن لكون هذا النقل في آخر أيام عمره، فحينئذٍ لا يمكن التمسك بهذا البيان، وهذا الاشكال سيّال في هذا المورد وفي غيره من الموارد.

نعم المناسب التمسّك بالبيان العام الذي أشرنا إليه سابقاً: - وهو أنَّ ظاهرة الاضمار بنفسها هي على خلاف الأسلوب العرفي، فلو جاء شخص وقال ( قلت له وقال لي ) من دون أن يذكر مرجعاً معيناً فلا نقبل منه هذا فإن هذه ظاهرة ملفتة للنظر ومرفوضة، إلا إذا كان المرجع معروفاً بين جميع الأطراف، وحيث لا توجد شخصية متفق عليها بين جميع الأطراف أن تكون هي المعهودة سوى الامام عليه السلام فيتعين أن يكون المرجع هو الامام عليه السلام.

وقد يشكل على هذا البيان ويقال: - لعله كان يوجد مرجع معهود بين الطرفين غير الامام عليه السلام بالعهد الخاص.

قلت: - حيث إنَّ هذه الرواية قد سجّلت في أصول أصحابنا لتصل إلى جمع الأجيال ولم يرد الاحتفاظ بها لخصوص الطرفين فلابد وأن يكون المرجع معهوداً لجميع الأجيال وليس هو إلا الامام عليه السلام.

وأما مقالة من قال في حل مشكلة الاضمار: - من أن الاضمار نشأ من التقطيع، يعني أنَّ الامام عليه السلام كان مذكوراً في البداية ولكن بعد قطّعت الرواية فذكر تعبير ( قلت له ) مستقلة عمّا سبق فحصلت ظاهرة الاضمار، وقد كان السيد الحكيم يتمسك بهذا الرأي.

لكن يرد عليه: - إنَّ هذا يتم فيما إذا فرضنا الجزم بأنها قُطّعت، ولكن من أين نحصل على الجزم بكونها قد قُطِّعت من رواية ذكر فيها اسم الامام عليه السلام فإنَّ هذا أول الكلام، فمن جزم بذلك فنعم، ولكن تحصيل هذا الجزم أمرٌ مشكل.

فإذاً الأنسب التمسّك بالبيان العام الذي أشرنا إليه.


[1] محاضرات في الفقه الجعفري، الخوئي، ج2، ص475.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo