< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 77 ) حكم من باع ملكه وملك غيره – شروط المتعاقدين.

وأما سند الشيخ الطوسي إلى محمد بن علي بن محبوب فهو:- ( وأخبرنا بجميع كتبه وراياته الحسين بن عبيد الله[1] وابن أبي جيد عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن محمد بن علي بن محبوب )[2] ، والمشكلة في أحمد بن محمد بن يحيى، فإن محمد بن يحي هو العطار الثقة ولكن ابنه أحمد فهو لم يوثق، فعلى هذا الأساس هذا الطريق محل تأمل من ناحية أحمد، ولكن من بنى أنَّ مشايخ الاجازة هم ثقات فهو من مشايخ الاجازة وعليه فسوف يكون الطريق لا مشكلة فيه، ولكن لو فرضنا أن هذا الطريق ليس بتام فهل يوجد طريق آخر أو لا؟

إنه يوجد طريق آخر في الفهرست، قال الشيخ الطوسي(قده): - ( وأخبرنا بها أيضاً جماعة عن محمد بن علي بن الحسين[3] عن أبيه ومحمد بن الحسن[4] عن احمد بن إدريس[5] عنه[6] )، والمشكلة في تعبير ( جماعة ) فإن هؤلاء الجماعة مجهولون فقد يتوقف من هذه الناحية، والجواب واضح وهو أنَّ اجتماع ثلاثة من مشايخ الطوسي على الكذب شيء بعيد، نحن إذا أخذنا مشايخ الشيخ الطوسي فاحتمال أن هؤلاء الثلاثة هم من غير الموثقين بعيد جداً بل حتى لو كانوا من غير الموثقين فإن اجتماعهم على الكذب شيء بعيد، فإذاً هذا الطريق لا مشكلة فيه، ولكن لو فرضنا أنَّ تعبير ( جماعة ) يضر فهل يوجد طريق آخر لاعتبار الرواية أو لا؟ فلنلاحظ الرواية نجد أنَّ صاحب الوسائل قال: - ( ورواها الصدوق بإسناده عن عمر بن حنظلة )، وإذا ذهبنا إلى مشيخة الشيخ الصدوق وجدناه يقول:- ( الحسين بن أحمد بن إدريس[7] رضي الله عنه عن أبيه عن محمد بن أحمد بن يحيى[8] عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى[9] عن داود بن الحصين[10] عن عمر بن حنظلة[11] )[12] ، والمشكلة في الحسين بن أحمد بن إدريس فلم يوجد توثيق في حقه، فلو قلنا إنَّ الشيخ الصدوق قد ترضّى عنه أكثر من مرة ترضيه يكفي لإثبات وثاقته فبها، وإن لم تقبل بهذا فتوجد محاولة أخرى وهي أنَّ الشيخ الصدوق روى عنه في المشيخة في موارد متعددة حيث وقع في بداية الطريق، فمثلاً في طريق الصدوق على داود الرقي حيث بدا الشيخ الصدوق السند بالحسين بن احمد بن إدريس[13] ، وكذلك في طريقه إلى بشار بن يسار[14] ، وكذلك في طريقه إلى محمد بن علي بن محبوب[15] ، وكذلك في طريقه إلى عبد الله بن القاسم[16] ..... وهكذا ولعله يوجد خمسة عشر مورد من هذا القبيل، وحينئذٍ نضم مقدمةً وهي أنَّ إكثار الشيخ الصدوق عنه في نقل كتب الأصحاب وأنه يأخذ كتب الأصحاب بواسطته يورث لنا الاطمئنان بأنه ثقة عند الشيخ الصدوق وإلا فما معنى أن يبتدئ السند به إذا لم كن ثقة؟!!، نعم قد يتساهل الإنسان مرة أو مرتين أما أنه يتساهل مرات متعددة فهذا شيء ليس مقبولاً.

وإذا لم تقبل بهذا فإنه توجد طريقة ثالثة، وهي أنَّ هارون بن موسى التلعكبري وهو من أجلة أصحابنا قال الشيخ الطوسي في ترجمته في باب من لم يرو عنهم - أي لم يرو عنهم في رجاله - :- ( هارون بن موسى التلعكبري يكنى أبا محمد جليل القدر عظيم المنزلة واسع الرواية عديم النظير ثقة )[17] ، فهذا الشخص الذي هو من أجلة اصحابنا وعنده هذه الأوصاف عنده إجازة من الحسين بن أحمد بن إدريس، فإذا كان بهذه المنزلة فهل يحتمل أنه يأخذ الاجازة من شخصٍ ليس بثقة؟!! إن هذا بعيد جداً.

ولا يقولنَّ قائل:- لعل هذا في بداية عمر التلعكبري لا أنه حينما صار قمّةً.

قلنا: - إنه حتى لو كان في البداية ولكن الانسان لا يذهب في كسب الاجازة من شخصٍ لم تثبت وثاقته عنده.

وقد ذكر الشيخ الطوسي هذه الاجازة في رجاله في باب من لم يرو عنهم في ترجمة الحسين بن أحمد بن إدريس حيث قال:- ( الحسين أحمد بن إدريس القمي الأشعري يكنى أبا عبد الله روى عنه التلعكبري وله منه اجازة )[18] ، وعبارته واضحة في ذلك.

هذه ثلاثة أمور تصب في صالح وثاقة الحسين بن احمد بن إدريس.

فإذاً الرواية يمكن الاعتماد عليها من حيث السند، وأما من حيث الدلالة فقد قلنا إنها تدفع الاشكال الأول والثاني من الإشكالات الثلاثة.

الرواية الثالثة: - ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: - ( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:- إني كنت عند قاضٍ من قضاة المدينة وأتاه رجلان فقال أحدهما:- إني اكتريت من هذا دابةً ليبلّغني عليها من كذا وكذا إلى كذا وكذا بكذا وكذا فلم يبلّغني الموضع، فقال القاضي لصاحب الدابة:- بلّغته إلى الموضع؟ فقال: - قد أعيت دابتي، فقال له القاضي: - ليس لك كراء إذا لم تبلّغه إلى الموضع الذي اكترى دابتك إليه، قال:- فدعوتهما إليَّ فقلت للذي اكترى ليس لك يا عبد الله أن تذهب بكراء دابة الرجل كله، وقلت للآخر يا عبد الله ليس لك ان تأخذ كراء دابتك كله ولكن انر قدر ما بقي من الموضع وقدر ما أركبته فاصطلِحا عليه ففعلا )[19] ، فمثلاً لو أركبه ثلاثة أرباع الطريق وبقي ربعه فالاجارة قد وقعت صحيحةً فيستحق صاحب الدابة ثلاثة أرباع الأجرة، ولكن بما أنَّه يصعب تحديد الثلاثة أرباع بالدقة فلابد أن يصير التعيين بنحو التقريب ويتصالحا عليه، أما إذا أمكن تحديد المسافة بالدقة فلا حاجة إلى المصالحة حينئذٍ، فهذه المصالحة هي من باب عدم إمكان ضبط المسافة بالدقة.

وطريق هذه الرواية هو:- ( الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم )، وهنا نحتاج إلى الطريق بين الصدوق وبين الحسن بن محبوب، وقد قال في مشيخته هكذا:- ( محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه عن عبد الله بن جعفر الحميري وسعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب )[20] ، والمشكلة في محمد بن الحسن بن المتوكل فإنه لا يوجد توثيق واضح في حقه، فإن بنينا على كفاية الترضّي فبها، وإلا فيوجد طريق آخر وهو أنَّ الشيخ الصدوق كثيراً ما بدأ السند في المشيخة به وهذا الإكثار قد يورث الاطمئنان بوثاقته.


[1] وهو الغضائري الأب وهو ثقة.
[2] الفهرست، الشيخ الطوسي، ص411، رقم الترجمة624.
[3] وهو الصدوق.
[4] وهو محمد بن الحسن بن الوليد.
[5] الشعري الثقة.
[6] أي عن محمد بن علي بن محبوب.
[7] وأحمد بن إدريس الأشعري يروي عنه الشيخ الكليني في الكافي كثيراً ولعله هو ابو علي الأشعري وهو من أجلة اصحابنا، والحسين هو ابنه.
[8] ومحمد بن أحمد بن يحيى هو صاحب كتاب نوادر الحكمة ( دبة شبيب) وهو ثقة، .
[9] ومحمد بن عيسى وصفوان ثقتان.
[10] وهو ثقة.
[11] على الكلام فيه، ولكن قل باعتباره ولو لرواية صفوان عنه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo