< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة ( 77 ) حكم من باع ملكه وملك غيره – شروط المتعاقدين.

التقريب الرابع:- ما ذ كره الشيخ التبريزي(قده)[1] وحاصله: إنَّ نقل الشيء المملوك الذي يملكه المالك قد حصل ضمن قصد نقل المجموع ولا يلزم أن يكون الشيء قد قصد نقله بنحو الاستقلال بل يكفي أن يكون قصد نقله ثابتاً ضمن قصد نقل المجموع فإنه آنذاك يشمله عموم ( أوفوا العقود ) أو ( أحل الله البيع ) إذا هو يشمل كل ما يصدق عليه بيع فمتى ما صدق ذلك فسوف يشمله، وضمن قصد المجموع قد فرضنا أن يوجد قصد نقل المملوك فحينئذٍ يشمله اطلاق ( أحل الله البيع ) أو عموم ( أوفوا بالعقود ) أو ما شاكل ذلك.

وكأنه(قده) يتصور أن المشكلة هي أنه يلزم في باب البيع أن يكون الشي مقصوداً بنفسه استقلالاً فحاول أن يدفع ذلك بأنَّ القصد الضمني كافٍ، فمادام قد قصد نقل المملوك ضمن قصد نقل المجموع فهو كافٍ، فهو تصوّر أنَّ المشكلة هي هذه، والحال أنها في جانب آخر، وهي أنَّ البيع وعنوان البيع هل يصدق على نقل الأبعاض عرفاً أو أنه يصدق بلحاظ المجموع؟، فلو قصدت نقل ما أملكه وما لا أملكه فالبيع يصدق بلحاظ المجموع والمفروض أنَّ بعض المجموع ليس ملكاً لي، فلا يمكن التمسك بعموم ( أحل الله البيع )، ونقل البعض يشك عرفاً في صدق عنوان البيع عليه، فعلى هذا الأساس إذا كانت هذه هي المشكلة فما أفاده لا يدفع الاشكال.

التقريب الخامس:- ما أفاده الميرزا علي الايرواني في حاشيته[2] حاصله إنه توجد قدمتان مسلَّمتان:-

المقدمة الأولى: - إنَّ الخطاب تعلق بالوفاء لا بالعقد حيث قيل ( أوفوا بالعقود ) فالمطلوب هو الفواء بالعقود لاب نفس العقود فإن التكليف لم يتعلق بنفس العقود بل بالوفاء.

المقدمة الثانية: - إنَّ الخطاب المذكور متوجه إلى الملّاك.

وعلى هذا الأساس نقول:- إنه حينما يبيع الشخص الشيء المملوك منضماً إلى الشيء غير المملوك فخطاب وجوب الوفاء يمكن أن يشمل البعض المملوك، فالمالك لهذا البعض مطلوب منه الوفاء، والوفاء ممكنٌ وذلك بأن يدفع البعض الذي يملكه إلى من المشترى فيقع العقد صحيحاً بلحاظ هذا البعض، قال:- ( والوفاء المتصور للعقد الواقع من مالك البعض هو دفع ما يملكه فلا وجه لرفع اليد عن عموم أوفوا ...... بمجرد عدم شموله لمالك الجزء الآخر ).

والتعليق عليه واضح: - فإنّا لا نمانع من شمول خطاب الأمر بالوفاء لشخصٍ دون الآخر أي هو يشمل من يملك هذا البعض وهذا لا نمانع به ولكن إذا صدق عنوان العقد والبيع والتجارة فكلامنا هنا، فبعد صدق هذا العنوان لا توجد مشكلة، وإنما المشكلة هي أنَّ العقد يصدق بلحاظ المجموع ولا يصدق بلحاظ الأبعاض، خطاب ( أوفوا ) لا يتوجه على مالك البعض بعد فرض الشك في صدق عنوان العقد بلحاظ ما يملكه فإنَّ العقد وقع على المجموع ولم يقع على بعضٍ من دون ضم البعض الآخر فيشك في صدق عنوان العقد فلابد من علاج هذه المشكلة، ومن أراد أن يعالجها فليقل إنَّ العقد يصدق جزماً، ولكن نحن شكّكنا في صدق العقد، وعليه فما ذكره الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) لا ينفع شيئاً.

ومن خلال كل ما ذكرنا اتضح أنَّ التمسك لتصحيح العقد على المملوك بخصوصه على ضوء القاعدة - أي نحن وخطاب ( أوفوا بالعقود ) أو ( أحل الله البيع ) - محل إشكال وذلك للشك في صدق عنوان العقد على بالعض من دون ضم البعض الآخر إليه، ويكفينا الشك ولا ندعي الجزم، لأنا في غنىً عن ذلك - وواقعاً الجزم مشكل -، فيشك في صدق العقد، فلا يجوز التمسك بالعام لأنه يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، نعم سوف يأتي أنه يمكن تصحيح ذلك من خلال الروايات ولكن كلامنا الآن هو بمقتضى القاعدة، فإذاً يشكل الحكم بصحة العقد للشك في صدق عنوان العقد، فالتمسك بالعموم يكون من التمسك به في الشبهة المصداقية.

وربما يضاف إلى ذلك الاشكال من جهتين أخريين: -

الجهة الأولى:- ما أشار إليه الأردبيلي(قده) وقد ذكرناه سابقاً، من أنَّ صحة العقد تتوقف على الرضا والرضا ثابت بلحاظ نقل المجموع وأما بلحاظ الأبعاض فيشك في تحقق الرضا، فإن لم يجزم فلا أقل من الشك فلا يمكن الحكم بالصحة، هذا إذا لم نقل بتعدد العقد، وأما إذا فرضنا أنَّ العقد على المجموع يرجع إلى عقدين عقد على المملوك وعقد على غير المملوك فحينئذٍ يرتفع إشكال فقدان الرضا، لأنَّ العقد على المملوك يشتمل على الرضا، وإنما الاشكال فيما لو قلنا إنَّ العقد واحد فحينئذٍ الرضا ثابت بلحاظ نقل المجموع أما بلحاظ نقل هذا البعض من دون أن ينضم إليه البعض الآخر فيشك في تحقق الرضا.

الجهة الثانية:- جهالة الثمن، فإنَّ الذي يعلم به هو ثمن المجموع وأما ثمن خصوص القسم المملوك فلا يعرف مقداره، ومعلومية الثمن شرط في صحة العقد، أجل الاشكال من هذه الناحية ربما يمكن التغلب عليه بشكلٍ جزئي تارةً أو بشكلٍ كليٍّ تارة أخرى:-

أما التغلّب عليه بشكل جزئي: - فذلك فيما إذا فرضنا أنَّ المملوك وغير المملوك متساويين من جميع الجهات فالثمن المجعول لهما سوف ينقسم إلى قسمين متساويين، فيصير ثمن المملوك معلوماً بعد فرض التساوي بين المملوك وغير المملوك في المقدار والقيمة، فإذاً هذا الاشكال لا يعم جميع الموارد وإنما يختص بغير هذه الحالة.

وأما الجهة الثانية التي يمكن بواسطتها أن يندفع فيها الاشكال وذلك أن يقال: - إنَّ اللازم هو معلومة ثمن المجموع أما أن الشارع يمضي هذا العقد أو لا يمضيه فتلك قضية أخرى، فإذا بنينا على أنَّ اللازم في باب البيع هو معرفة ثمن المجموع، وثمن المجموع هنا معلوم غايته الشارع لا يمضي، وعدم إمضاؤه لا يخل بتحقق الشرط، فإذا بنينا على هذا فسوف يرتفع الاشكال من هذه الناحية - أي من ناحية جهالة الثمن - بشكل كلي.

والخلاصة: - إنَّ الاشكال المهم بمقتضى القاعدة هو من ناحية التشكيك في صدق عنوان البيع والعقد بلحاظ خصوص القم المشكوك وأما التشكيك بلحاظ فقدان الرضا أو الجهالة بالثمن فربما يتغلب عليها بشكل وآخر فالمهم في الاشكال هو أنَّ العقد لا نجزم بصدقه فالتمسك بعموم ( أحلَّ الله البيع ) أو ( أوفوا بالعقود ) يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، هذا كله بمقتضى القاعدة وقد اتضح أنَّ تصحيح البيع بلحاظ القسم المملوك مل إشكال.

وأما بلحاظ الروايات: - فالرواية المهمة هي مكاتبة الصفار وهي جيدة الدلالة والسند، وهي عن الامام العسكري عليه السلام: - ( في رجلٍ باع قطاع أرضين فيحضره الخروج إلى مكة والقرية على مراحل من منزله .... فقال للشهود اشهدوا أني قد بعت فلاناً - يعني المشتري - جميع القرية وإنما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك وإنما له بعض هذه القرية وقد أقرَّ له بكلّها؟ فوقّع عليه السلام:- لا يجوز بيع ما ليس يملك وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك )[3] ، ودلالتها واضحة لأنه باع كلّ القرية وهو له قسمٌ منها والامام عليه السلام قال يصح البيع فيما يملكه ولا يصح فيما لا يملكه.


[2] حاشية المكاسب، الميرزا علي الايرواني، ج2، ص351.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo