< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة مسألة ( 76 ) حكم الثمن إذا ردَّ المالك البيع الفضولي ولم يمض المعاملة، مسألة ( 77 ) – شروط المتعاقدين.

الحكم السادس: - قال السيد الماتن(قده): - ( وكذا الحكم في المال غير الملوك لشخصٍ كالزكاة المعزولة ومال الوقف المجعول مصرفاً في جهة معينة أو غير معينة أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه مع وجوده وكذا مع تلفه على النهج المذكور ).

ما تقدم في الأحكام الخمسة كان ناظراً إلى العين الشخصية المملوكة لشخص معين والآن نفترض أن الكلام هو في العين المملوكة للجهة كالفرقاء والعلماء وما شاكل ذلك أو بنحو الوقف أو بنحو الزكاة أو غير ذلك، ومن الواضح أنَّ الولاية تكون للولي على هذا الوقف أو غيره والولي مرة يكون معيناً من قبل الواقف فيكون هو الولي وهذا لا كلام فيه وأخرى يفترض انه لم يعني الولي أو انه عينه ومات فتنتهي النوبة إلى الحاكم الشرعي فيكون هو الولي.

ومن باب الفائدة نقول: - لماذا تنتهي النوبة إلى الحاكم الشرعي فما هو المستند؟

إنَّ المستند في ذلك هو أنَّ هذا الشيء لابد من وجود شخص يتصرف فيه على طبق ما وقف عليه وإلا إذا لم يوجد شخص فكيف تنتظم أمور هذا الوقف أو غيره، وهل هو مطلق الناس أو هو شخص معين؟ لا إشكال في أنه عند الدوران بين مطلق الناس وبين الحاكم الشرعي القدر المتيقن هو الحاكم الشرعي باعتبار أنه يعرف كيف يتصرف، فالذي عرف كيف يتصرف هو الحاكم الشرعي والمرفوض أنه مجتهد وعادل ولا أقل نقول هو القدر المتيقن، يعني نقول إنَّ الأمر يدور بين أن تكون الولاية وهذا المقام ثابت لمطلق الشخاص أو خصوص الحاكم الشرعي فالقدر المتيقن هو الحاكم الشرعي فيلزم الاقتصار على القدر المتيقن للجزم بثبوت الولاية له والشك في ثبوت الولاية للدائرة الأوسع.

ونفس هذا الكلام يأتي في القاصر أو المجنون فإذا كان يوجد قاصر أو مجنون فهو يحتاج إلى ولي ولا يمكن أن يبق من دون ولي فيدور الأمر بين أن يكون الولي هو مطلق الناس أو الحاكم الشرعي فيتمسك بهذا البيان لإثبات الولاية للحاكم الشرعي.

فهذا المال الوقفي مثلاً ولايته ترجع إلى الحاكم الشرعي والحاكم الشرعي يتصرف على طبق المصلحة، فإذا رأى المصلحة في أجاز البيع فيجيز وإذا لم ير المصلحة في ذلك فلا يجيز فالأمر يدور مدار المصلحة، وأما في الأملاك الشخصية كما لو ككان عنك ملكاً وقد بيع بالفضولية فإجازتك وعدمها لا يدور مدار المصلحة، ومن الواضح أنه ينبغي للعاقل أن يتصرف على طبق المصلحة ولكن لو صار بناءه على أنه يجيز ولو من دون مصلحة فهنا لا مشكلة، لأنَّ هذا الشيء ملكه الخاص فيتصرف فيه بما يشاء اللهم إلا أن يبلغ هذا في حد الذي يكون فيه سفيهاً، ولكن نفترضه ليس بهذه الدرجة فله الحق في أن يتصرف كما يحب بخلافه في الحاكم الشرعي فإنه يتصرف على طبق المصلحة فإن رأى المصلحة في الاجازة يجيز وإن لم يرَ المصلحة فلا يجيز.

وحينئذٍ نقول:- إذا فرض أنَّ شخصاً باع الوقف ورأى الحاكم الشرعي المصلحة في الاجازة فحينئذٍ لا مشكلة ويترتب على ذلك أنَّ الثمن المجعول في البيع الفضولي يأخذه الحاكم الشرعي والمثمن تصير ملكاً للمشتري، وأما إذا لم يجز الحاكم الشرعي فتارة يفترض ان العين موجودة وأخرى يفترض أنها تالفة فإن كانت العين موجودة فأخذها ممن هي في يده والثمن يرجع إلى صاحبه الأصلي - وهو المشتري - وكأنه لم يكن هناك بيع، فالحاكم الشرعي يأخذ العين الزكية أو الين الوقفية ويرجع الثمن إلى مالكه، وأما إذا فرض أنه رد البيع وكانت العين تالفة فله الحق في أن يرجع على البائع لأنه صار صاحب يد على العين الموقوفة كما أنَّ له الرجوع على المشتري، وقد قلنا يصير استقرار الضمان بمقدار البدل الواقعي على المشتري لا بمقدار الثمن، إذ ربما يكون الثمن أكثر أو يكون أقل فالمدار على البدل الواقعي فإذا كانت العين تالفة فللحاكم الشرعي الحق في أن يرجع على البائع أو يرجع على المشتري، فإن رجع على البائع وأخذ البدل منه رجع البائع بالبدل الذي ضمنه على المشتري.

ولكن نلفت النظر إلى قضيتين: -

القضية الأولى: - وهي وفروغ عنها ونحن لا ننبّه عليها لأنها واضحة، ولكن قد يغفل عنها، وهي أنه إذا ردَّ الحاكم الشرعي المعاملة فالثمن إذا كان قد أخذه البائع من المشتري فسوف يرجع ويأخذه من البائع، لأنَّ هذه المعاملة قد رُدَّت فيكون الثمن باقياً على ملك مالكه السابق وهو المشتري،

القضية الثانية: - إذا رجع المالك على البائع بالبدل فربما يكون البدل أكثر من الثمن المسمى، ففي مثل هذه الحالة يرجع البائع على المشتري بمقدار الثمن في البيع الفضولي، وأما الزائد على مقدار الثمن فمتى ما كان المشتري مغروراً من قبل البائع فلا يرجع البائع على المشتري بمقدار الزيادة لأنه مغرور بلحاظه.

وأما إذا رجع المالك على المشتري فحينئذٍ نقول يدفع إليه البدل ولكن إذا كان البدل أكثر من الثمن المسمّى فإن كان المشتري مغروراً رجع على البائع بالزيادة وإلا فلا.

 

مسألة ( 77 ):- لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك وتوقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك فإن أجازه صح وإلا فلا وحينئذٍ يكون للمشتري خيار تبعّض الصفقة فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائ

..........................................................................................................

تشمل هذه المسالة على حكمين: -

الحكم الأول: - لو باع شخص ملكه مع ملك غيره سويةً صح البيع فيما يملكه وتوقفت صحة البيع فيما لا يملكه على اجاز المالك.

الحكم الثاني: - إذا لم يجز مالك الشيء الآخر للبيع - يعني بطل البيع بلحاظ الشيء الآخر - يثبت للمشتري خيار تبعّض الصفقة.

وهذه المسألة لها شبيه وهي مال لو باع شخص ما يُملَك مع ما لا يملَك، كما لو باع شاةً مع الكلب، فكلا المسألتين من وادٍ واحد والنكات واحدة.

وهناك قضية جانبية: - وهي أنَّ الشيخ الأعظم(قده) [1] [2] [3] في المكاسب تعرض إلى كلا المسألتين، فتعرض أولاً إلى مسألة ما يملِك وما لا يملِك ثم تعرض إلى مسألة ما يُملَك وما لا يُملَك ولكنه فصل بينهما بمسألة أجنبية عنهما، وهي مسألة أنه لو كنت أملك نصف الدار وكان النصف الآخر لصديقي فقلت لشخص بعتك نصف هذه الدار فهل يحمل على نصف البائع أو على نصف الشريك أو على النصف المشاع؟، فهو ذكر هذه المسألة وكان من المناسب أن يذكر المسألتين معاً ثم يذكر هذه المسألة بعدهما، وقد ذكرهما صاحب الشرائع(قده)[4] متصلتين معاً.

والمهم أنا نريد أن نعرف حكم بيع من باع ملك نفسه مع ملك غيره فهل نحكم بفساده رأساً أو نحكم بالصحة بلحاظ ملك نفسه؟

ذكر صاحب الجواهر ما نصه: - ( لا خلاف في صحة بيعه ونفوذه فيما يملك ..... بل ظاهرهم الاجماع عليه كما اعترف به في الرياض )[5] .

ولكن من الغريب بعد الاتفاق أو الاجماع مال المحقق الأردبيلي(قده)[6] إلى بطلان البيع رأساً لأنَّ الرضا وطيب النفس متعلق بالمجموع، قال ما نصه:- ( ويحتمل البطلان رأساً فإنه إنما حصل التراضي والعقد على المجموع وقد بطل وما حصل على بالعض التراضي والعقد إذ حصوله في الكل لا يستلزم حصوله في الجزء ).


[6] مجمع الفائدة والبرهان، المحقق الأردبيلي، ج8، ص162.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo