< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 73 ) حكم المال الذي باعه الفضولي عند عدم تحقق الاجازة من مالكه – شروط المتعاقدين.

بيد أنَّ العلمان السيد اليزدي والشيخ النائيني ذهبا إلى إمكان الحكم بجواز التصرف: -

أما ما أفاده السيد اليزدي(قده) فحاصله: - إنَّ المالك تارة يجهل فساد العقد وتارة يعلم بفساده، فإن كان يجهل الفساد فلا يجوز التصرف، لأنَّ المالك وإن أذن بالتصرف ولكن أذن باعتقاد أن العقد صحيح ولو كان يعلم بأنه فاسد فلعل لا يرضى، وأما إذا كان المالك عالماً بالفساد ورغم ذلك أجرى العقد فيمكن أن يقال بجواز تصرف المشتري، وذلك باعتبار أن الاذن مستبطن في اعتبار الطرف - المشتري - مالكاً، لأن مالك العين اعتبر أن المشتري مالكاً واعتبار الملكية تارة يكون ممضى فالإذن يكون متحققاً بشكل صحيح شرعي، وأما إذا لم يكن ممضى فبالتالي المالك اعتبر أنَّ هذا المشتري مالكاً، فإذا اعتبره مالكاً فلازمه الإذن في التصرف وإن كان هذا الاعتبار ليس بممضى شرعاً، ولكن باعتبار أنه مالك يكون آذناً بالصرف ضمن اعتبار المشتري مالكاً، والمفروض أنَّ هذا الاعتبار موجود، لأنه يعلم بفساد العقد ومع ذلك المالك يجري العقد، وهذا معناه أنه آذنٌ ضمن اعتباره المشتري مالكاً، فيجوز للمشتري التصرف، قال:-(لا ينبغي الاشكال في عدم جواز التصرف فيه مع جهل الدافع وأما مع علمه فيمكن الاشكال فيه وإن كان باقياً على ملكه وذلك للإذن فيه ضمن التمليك ودعوى أنَّ الإذن مقيد بالملكية وهي غير حاصلة مدفوعة بأن القيد ليس إلا الملكية في اعتبار البائع وهي حاصلة)[1] .

وفيه: - إنَّ الشخص إذا كان مالكاً واعُتبِر مالكاً فلا حاجة له آنذاك في الاذن بالتصرف فلو بعتك شيئاً واعتبرتك مالكاً وكان الاعتبار صحيحاً شرعاً وتم العقد فهل يحتاج ذلك إلى أن أقول له أذنت لك في التصرف؟ فهو يمكنه أن يجيب ويقول إني صرت مالكاً أما أنك تأذن أو لا تأذن فهذا لا مدخلية له، فإن المالك له حق التصرف من دون حاجة إلى كسب الإذن من الغير، هذا إذا كان الاعتبار ممضياً، وأما إذا لم يكن الاعتبار ممضياً فالأمر كذلك أيضاً، فيقال إنه بعد اعتبار المشتري مالكاً من قبل البائع لا حاجة إلى الإذن له في التصرف ونقول إنَّ هذا الإذن مستبطن في الاعتبار، فهذه المنهجية باطلة.

فالمناسب أن نقول:- إنه حينما كان البائع المالك يعلم بأن العقد باطل وأن المشتري ليس بمالك واقعاً ولكن رغم علمه بكونه أجنبياً وعلمه فساد العقد هو يرضى بتصرفه وإلا لما تعامل معه ودفع إليه المبيع، فإن التعامل من قبل المالك مع علمه بفساد العقد وترتيب آثار العقد يدل عرفاً على أنه راضٍ بتصرف المشتري، ولعل هذا هو مقصود السيد اليزدي(قده) ، وهو شيء صحيح، ولكن لا نحتاج إلى البيان الذي ذكره، فإن هذا المقدار قد ذكرناه في البداية وقلنا لا يجوز للمشتري التصرف إلا إذا أحرز رضا المالك بالتصرف رغم فساد العقد، أما من أين يحرز المشتري رضا المالك فهذه قضية ثانية، ولا نحتاج إلى البيان الذي ذكره.

وكل هذا الكلام يأتي في العقد الفاسد الذي أجراه المالك نفسه ولا يأتي في محل كلامنا، لأنَّ المفروض أنَّ المعاملة في محل كلامنا هي بين الفضولي والمشتري والفضولي حتى لو اعتبر المشتري مالكاً فاعتباره لا ينفع شيئاً، فهذا المطلب هو ذكره في العقد الفاسد في غير الفضولي، ونحن أردنا أن نشير إلى هذه الفكرة فقط ثم في نهاية الإشارة نوضح أنه حتى لو تم هذا البيان وقبلناه فهو يتم فيما إذا كان طرف العقد هو المالك ولا يجري في الفضولي.

وأما بيان الشيخ النائيني(قده) فحاصله: - إنَّ الجنس لا يتقوم بفصلٍ خاص وإنما يبقى بأحد الفصول، فالإذن بمثابة الجنس وهو يتحقق بفصل من الفصول وأحد الفصول هو العقد الصحيح، فإنه يوجد إذنٌ، ومن جملة الفصول العقد الفاسد فإنه حتى مع فرض فساد العقد يمكن أن نفترض تحقق الإذن من قبل المالك، إذ زوال الفصل الخاص - وهو العقد الصحيح - لا يلازم زوال الجنس وهو الإذن والرضا فإنَّ الجنس يتقوم بفصل من الفصول، قال:- ( قد يقال بجواز تصرف القابض لأن فساد المعاملة لا يوجب زوال الإذن والرضا بالتصرف الذي كان في ضمن العقد لأن الجنس لا يتقوم بفصلٍ خاص )[2] .

والجواب عليه واضح حيث نقول: - صحيح أنَّ الجنس يتقوم بفصل من الفصول فيمن بعد زوال الفصل الأول تحقق فصل ثانٍ، ولكن الإمكان لا يلازم الوقوع، وكلامنا هو في مرحلة الوقوع وأنه هل يوجد إذنٌ حقاً أو لا، ومجرد الإمكان لا يثبت الوقوع وهذا شيء واضح.

إن قلت: - لماذا لا نتمسّك بالاستصحاب، فنقول نحن نشك في زوال الإذن بعد زوال الفصل الخاص - وهو العقد الصحيح - فنستصحب بقاء الإذن؟

قلنا: - إن الإذن لم نحرزه في البداية حتى نجري الاستصحاب فيه، فإنَّ المفروض أنَّ العقد جرى وهو باطل، فالإذن ليس بمحرز في البداية حتى نشك في زواله، وإنما نشك في أصل ثبوته ضمن العقد الفاسد، فالاستصحاب لا مجال له.

وعلى أي حال إنَّ هذا الوجه خاص أيضاً بالعقد الفاسد الذي يجريه المالك ولا ينفع في باب الفضولي.

إذاً هذان بيانان لإثبات إمكان الحكم بجوز التصرف، ولكن لو تما فهما يجريان في العقد الفاسد من غير جهة الفضولية، أما من جهة الفضولية فلا يأتيان.

والنتيجة النهائية التي ننتهي إليها: - هي أنه لابد من احراز رضا المالك فآنذاك يجوز التصرف، لأنه ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منه )، أما أنه كيف تحرز رضا المالك فهذه قضية ترتبط بك، وإذا شككت بأنه يرضى أو لا يرضي فيبنى على عدم الرضا، وبالتالي يبنى على عدم جواز التصرف.


[1] الحاشية على المكاسب، اليزدي، ج1، ص95.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo