< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 73 ) حكم المال الذي باعه الفضولي عند عدم تحقق الاجازة من مالكه – شروط المتعاقدين.

ذكر السيد الخوئي(قده)[1] في هذا المجال:- أن هذا الغاصب أو السارق يضمن أقل قيمة من ساعات المالية أو أزمنة المالية.

ومقصوده أنَّ هذا الثلج بمرور الزمن واقتراب من فصل الشتاء تأخذ قيمته بالنزل شيئاً فشيئاً فآخر فترة اليت يكون له فهيا مالية بأن كان يساوي درههماً مثلاً وأما في اليوم التالي لا يسوى شيئاً، فآخر ما يصل إليه في أزمنة المالية إذا كان هو الدرهم فيضمن هذا السارق مقدار درهم، أي في آخر فترة لانخفاض قيمة هذا الشيء والتي بعدها يصبح هذا الشيء لا قيمة له ، والوجه في ملاحظ القيمة في آخر ساعات المالية هو أنه بالتالي قد دفعت إليه مالاً كبديل عن ذاك، فهو مادام يسوى درهماً فقد دفعت إليه مالاً يبقى هذا الانخفاض في القيمة السوقية لماذا لا يكون مضموناً ؟ أجاب وقال:- إننا ذكرنا أنَّ انخفاض القيمة السوقية لا يوجب الضمان،.

كان في يمثّل في مجلس درسه المبارك بأنه لو فرض أنَّ القيمة السوقية لشيء معين كالرقي أو البطيخ أو غير ذلك الكيلو بدينار مثلاً فجاء شخص بكيمة كبيرة من الرقي والبطيخ فأدخلها إلى السوق فهبطت القيمة من دينار إلى ربع دينار أو درهم فهل يقول قائل إنَّ هذا الهبوط مضمون على الذي أتى بالكمية الكبيرة من الرقي؟ كلا لا يحتمل أحد ذلك، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنَّ هبوط القيمة السوقية لا يوجب الضمان، فإذا خرجنا بهذه النتيجة المسلّمة نطبقها في مقامنا ونقول صحيح أنَّ قيمة الثلج كانت تعادل عشرة دنانير في فصل الصيف ولكن حينما نزلت إلى آخر ساعات المالية وصار القالب يسوى درهماً فهذا الهبوط في القيمة السوقية لا يكون مضموناً على هذا الغاصب أو السارق.

أقول:- إنَّ هذا المثال ربما يناقش فيه، يعني نسلّم أنَّ ذلك الشخص الذي جاء بكمية من الرقي فعل فعلاٍ جائزاً ولا يكون ضامناَ لهبوط القيمة ولكن لا يمكن أن نخرج من خلال هذا المثال بالنتيجة التي أرادها السيد الخوئي(قده) وهي أنَّ هبوط القيمة السوقية لا يكون مضمونا على الشخص السارق أو الغاصب، لأنه لا يبعد أن يقال إنَّ الشارع قد فسح المجال من هذه الناحية للناس على أن يأتوا للسوق بما شاءوا وتنزل بذلك السعار فإن الشرع المقدس يريد نزول الأسعار حتى يأكل الفقراء، فهذا المقال له خصوصية فإنَّ الشرع أراد ذلك والقضية مبنية على محاولة نزول الأسعار والشرع يريد ذلك، فلا يمكن أن يمثل بهذا المثال، ومن المناسب أن يمثل بمثال آخر غير هذا المثال إذا أراد أن يخرج بالنتيجة التي أرادها وهو ما إذا فرض أن شخصاً سرق من خص آخر شيئاً كثوب أو دار أو سيارة أو غير ذلك وبعد ذلك بيومين أو شهر أو شهرين رجع إلى الصواب واراد أن يرجع تلك الحاجة وكانت تلك الحاجة قد هبطت فأولاً كانت السيارة تسوى خمسة ملايين أما ألآن في تسوى خمسة ملايين إلا مائة أو مائتين ففي مثل هذه الحالة إذا أرجع هذا الشخص السيارة على صاحبها لا يحتمل أحد أنه لابد أن يرجع المائة أو الخمسين وهذا يدل على أن هبوط القيمة السوقية ليس مضموناً وإلا لزم أن يرجع مقدار التفاوت حتى لو كان الهبوط بمقدار نصف دينار أو ربع دينار، فلا نحتمل بمرتكزاتنا العقلائية ذلك بل يكفي ارجاع السيارة نفسها، فإذاً كان من المناسب أن يمثل بمثل هذا المثال وما شاكله لا بالمثال الذي ذكره.

ولكن نستدرك ونقول: - نعم إذا كان الهبوط بمقدار معتد به، كأن كانت السيارة تسوى خمسة ملايين وهبطت قيمتها مليون أو مليونين من دون أن يستعملها، ففي مثل هذه الحالة إذا أراد ارجاعها إلى مالكها فهل يضمن التفاوت أو لا وهل الارتكاز العقلائي أيضاً يقول هو ليس بضامن أو لا؟ إذا كان من الواضح عندنا بحسب الارتكاز العقلائي أنه قاضٍ بأنه لابد من ارجاع الفارق - لأنه فارق كبير - فنسير عليه ونحكم بضمان التفاوت، وإذا كان الارتكاز العقلائي يقتضي العدم فنحكم بعدم الضمان، وإذا فرض حصول تردد فلابد من الاحتياط بالمصالحة القهرية، فيتصالحان بما يتراضيان عليه.

وبهذا اتضح الفارق بين ما ذكرناه وبين ما ذكره السيد الخوئي(قده).

ويوجد مطلبان نلحقهما بالأمر الرابع: -

الملحق الأول: - ما هو الحال بالنسبة إلى الأوراق النقدية، كما لو فرض أن شخصاً غصب من غيره ألف دينار في الزمن السابق وكانت قيمتها أن يشترى بها داراً أما الآن فهي لا تسوى شيئاً، ففي مثل هذه الحالة ما هو المناسب؟

والجواب:- تارة يفترض أنَّ التفاوت يكون يسيراً، بمعنى أنَّ القوة الشرائية لم تهبط بدرجة كبيرة جداً وإنما كان الهبوط شيئاً لا يعتد به عند الناس، ففي مثل ذلك يمكن أن يقال بكفاية ارجاع الألف في زماننا وإن كانت القوة الشرائية بدرجةٍ قليلة ، ومستندنا في ذلك الارتكاز، أما إذا كان الهبوط كبيراً، فهنا لا يكون دفع الألف الجديدة هو دفعٌ للمثل أو القيمة، فلا يكفي دفع ذلك، والمناسب على ما ذكرناه الرجوع إلى الارتكاز العقلائي، وهو قاضٍ بضمان القيمة الثابتة في تلك الفترة الزمنية، فيلزمه أن يدفع إليه مقداراً من المال يمكن أن يشترى به داراً بمستوىً معين كما كان يشترى بالألف السابقة داراً بنفس المستوى.

أو نقول بصياغة أخرى: - إنَّ تلك الألف ماذا كانت تعادل بالنسبة إلى الدولار أو الذهب الذي قيمته كانت ثابتة، فإن كانت تعادل خمس مثاقيل من الذهب مثلاً فيدفع له ما يعادل خمسة مثاقيل، هذا إذا كان الارتكاز العقلائي ثابتٌ بشكلٍ واضخ كما ذكرنا، وأما إذا حصل للفقيه شيء من التردد فمن المناسب أن يحيل على المصالحة القهرية والتراضي فيما بينهما بالشكل الذي يتفقان عليه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo