< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 70 ) من باع ثم ملك – شروط المتعاقدين.

السؤال الثاني: - ما هو المحذور من اجتماع ملكيين في وقت واحد بعد ما نلتفت إلى أنَّ الملكية هي أمر اعتباري ولا محذور في اعتبار ملكيتين على شيء واحد في زمان واحد فإنَّ الاعتبار سهل المؤونة، وإذا التزمنا بها فحينئذٍ يرتفع الاشكال من أساسه؟

والجواب: - إنَّ هذا وجبه إذا فرض أنَّ حق التصرف كان ثباتاً لكلا المالكين، فالمشتري الأصيل له حق التصرف أو المالك الأصلي - أو الولد الفضولي المجيز - له حق التصرف فلا بأس، كما هو الحال في الوكيلين عن شخص واحد، فإنَّ لكل وكيل الحق في التصرف فيجوز حينئذٍ اجتماع مالكيتين بها المعنى أي بمعنى ثبوت حق التصرف لكيلهما إن تصورنا ذلك، أما بعد العلم بأنَّ حق التصرف ثابت لأحدهما دون الآخر كما هو الحال في المقام، فإنَّ حق التصرف ثابت إما للمشتري الذي صار مالكاً أو للمالك الأصلي أو الولد الفضولي بعد تملكه، فإن كان حق التصرف ثابت لهما معاً فهذا صحيح، ولكن نحن نعلم أنَّ حق التصرف ثابت لأحدهما دون الآخر فعلى هذا الأساس كيف تثبت كلتا الملكيتين والحال أنَّ لازم ذلك ثبوت حق التصرف لهما ونحن نعلم أن حق التصرف ثابت لأحدهما، فعلى هذا الأساس لا يمكن الالتزام بثبوت المالكيتين او الملكيتين لأن لازم ذلك ثبوت حق التصرف لكليهما، والمفروض أننا نجزم من الخارج أنَّ حق التصرف ثابت لأحدهما وليس لكليهما فتحصل منافاة بين الملكيتين باعتبار هذا العلم الخارجي.

التساؤل الثالث: - إنه بناءً على صحة فكرة تبدل صفحة الواقع إذا حصل نماء فلمن يكون، فهل يكون للمالك الأول أو يكون للمالك الثاني، فلو فرض أنَّ النماء حصل قبل تملك الفضولي واجازته فها النماء يكون في ملك المالك الأصلي - أي الأب - وبعد أن يجيز الابن تتبدل الصحة ويصير المشتري مالكاً في تلك الفترة التي كان يملك فيها الأب، يعني من حين العقد يصير هذا المشتري مالكاً وبالتالي يصير النماء ثابتاً في ملكه مادام قد تبدلت صفحة الملكية واقعاً فالنماء لمن يكون؟

والجواب: - إنَّ هذه قضية جانبية وتساؤل يتوجه إلى من يلتزم بتبدل صفحة الواقع وحينئذٍ إما أن نصير إلى التصالح أو الرقعة أو غير ذلك.

وعلى أي حال الذي نريد أن نقوله: - إنَّ هذا تساؤل جانبي لا يلزم منه استحالة تبدل صفحة الواقع، وافترض أننا عجزنا عن الجواب ولكن لا تصير فكرة تبدل صفحة الواقع غير ممكنة ولابد من رفع اليد عنها.

التساؤل الرابع: - إنه قد يقول قائل: إنَّ التمسك بالعمومات مثل ( أوفوا بالعقود ) لتصحيح بيع من باع ثم ملك بناءً على الكشف فرع فكرة التبدل في صفحة الواقع كي لا يلزم محذور اجتماع المالكيتين والحال أنَّ أصل الفكرة أثبتنا وقوعها من خلال العمومات، فلزم الدور أو ما يشبه الدور؟

والجواب: - إنه لا إشكال في ثبوت الظهور للعمومات في الشمول لكل عقد بما في لك عقد من باع ثم ملك، فإذاً أصل الظهور في الشمول لكل عقد مسلّم ولا يمكن التشكيك.

فإذا ظهور العمومات في الشمول لمحل كلامنا شيء مسلّم لا يمكن لأحد التشكيك فيه وبعد ثبوت هذا الظهور في الشمول يكون هذا الظهور دالاً بالالتزام على ما ذكرناه من تبدل صفحة الواقع، ولا يكون ثبوت فكرة تبدل صفحة الواقع موقوفاً على ثبوت الظهور في الشمول، فإذا كان الظهور مسلم بأنه ثابت فإذاً ينقطع الدور وعليه فلا إشكال من هذه الناحية.

والنتيجة النهائية من كل هذا: - هي أن بيع من باع ثم ملك لا إشكال فيه من ناحية هذه الإشكالات الستة، وإن كان هناك إشكال فهو لما سيأتي من الروايات.

الوجه السابع: - التمسك بالروايات، فتوجد بعض الروايات يمكن أن يفهم منها بطلان هذه المعاملة، وسنقرأ بعضها وسوف ننتهي إلى أنَّ صحة بيع من باع ثم ملك محل إشكال لأجل الروايات لا لأجل الوجوه الستة المتقدمة، والروايات على ثلاث طوائف، والمهم مهنا ما ورد في العين الشخصية: -

من قبيل:- صحيحة يحيى بن الحجاج قال: - ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلٍ قال لي اشتر هذا الثوب وهذه الدابة وبعنيها أربحك فيها كذا وكذا، قال:- لا بأس بذلك، اشترها ولا تواجبه البيع قبل أن تستوجبها أو تشتريها[1] )[2] ، ومورد الرواية كما ذكرنا هو العين الشخصية.

وتقريب الدلالة:- هو أنَّ الامام عليه السلام قال لا تبعها قبل أن تتملكها بالشراء، فأوّلاً لابد أن تشتريها، فإذا صرت مالكاً بعد الشراء يصح لك أن تبيعها له، أما أنك تبيعها له قبل أن تشتريها ثم تشتريها فلا يصح ذلك، ويدخل آنذاك المورد تحت قاعدة من باع شيئاً لم يملكه ثم ملكه والامام عليه السلام نهى عن هذا الشيء، وحيث لا يحتمل أن تكون الحرمة والنهي تكليفياً فيكون ارشادياً إلى الفساد، يعني أنَّ هذا البيع فاسد، فبيعك للشيء قبل أن تشتريه يكون فاسداً، بل عليك أن تشتريه أوّلاً وتصير مالكاً له ثم بِعهُ على الغير، فإذاً الرواية واضحة جداً في بطلان بيع من باع ثم ملك.

وقد يقول قائل: - لماذا هذا البيع باطل فإنه لا موجب للبطلان؟

والجواب: - إنَّ قوله تعالى ( الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين ) فتعال إلى صفات المتقين تجد أولها ( الذين يؤمنون بالغيب )، فالإيمان بالغيب قضية مهمة جداً، فإنَّ الرواية دلت على أنَّ الامام عليه السلام حكم بأنَّ هذا البيع باطل وأنا سوف أقبل بهذا الحكم ولا أناقش في سببه ، أما أننا نريد أن نبحث أنه هل توجد نكتة جانبية أو أنَّ القضية غيبية بحتة فهذا أمرٌ آخر، أما أننا نشكك لأجل أننا لا نعرف النكتة فهذه قضية مرفوضة.

فإذاً دلالة الرواية واضحة على المطلوب، وسندها أيضاً لا بأس به، وهو ( الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد عن محمد بن عيسى عن يحيى بن الحجاج )، ويوجد سند ثانٍ ( محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد مثله )، يعني ( أحمد بن محمد عن محمد بن عيسى عن يحيى بن الحجاج )، وكلا الطريقين معتبر، فإنَّ سند الشيخ إلى أحمد بن محمد بن عيسى - وهو ثقة جليل - معتبر، ومحمد بن عيسى معتبر وكذلك يحيى بن الحجاج معتبر، فإذاً الرواية معتبرة ولا إشكال فيها.


[1] ومن الواضح أنَّ ( قبل أن تستوجبها أو تشتريها ) هذه قضايا جانبية، وليس من البعيد أنها ترديد من الراوي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo