< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 70 ) من باع ثم ملك – شروط المتعاقدين.

الوجه الخامس: - وهو التمسك بصحية معاوية بن وهب الواردة في العبد الذي تزوج بامرأة حرة من دون إذن المولى ثم بعد أن اعتق سأل الامام عليه السلام عن عقده وهل يحتاج إلى تجديده - ومن الواضح أن هاذ ليس من باع ثم ملك وإنما توج ثم ملك أمره ولكنهما من وادٍ واحد فإذا قبلنا بصحة هذا قبلنا بصحة ذاك - فقال له الامام عليه السلام مادام قد اطّلعوا على زواجك قبل أن تعتق وسكتوا فهذا يكفي، ونصّ الرواية: - ( جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال إني كنت مملوكاً لقوم وإني تزوجت امرأة حرة بغير إذن موالي ثم اعتقوني بعد ذلك فأجدد نكاحي إياها حين اعتقت؟ فقال له: - أكانوا علموا أنك تزوجت امرأة وأنت مملوك؟ فقال: - نعم وسكتوا عني ولم يغيروا علي، قال فقال:-سكوتهم عنك بعد علمهم إقرار منهم اثبت على نكاحك الأول )[1] ونحوه غيره.

وتقريب الدلالة على أنَّ بيع من باع ثم ملك باطل: - وهو أنه لو كان ملك العبد لنفسه موجباً لصحة ما صدر منه إذا أجاز بعد عتقه فلا حاجة إلى أن يسأل الامام عليه السلام عن موقف مواليه وإنما يقول له مادام أنت راضٍ بالعقد وتجيزه فلا مشكلة، فإذاً حينما أخذ الامام عليه السلام بالسؤال عن موقف الموالي يفهم من ذلك أنَّ إجازة ما صدر منه بعد أن ملك نفسه لا تجدي، وحيث لا فرق بين باب النكاح وباب البيع فيلزم حينئذٍ صحة التمسك بهذه الرواية على بطلان بيع من باع ثم ملك - يعني ولا يصح بالاجازة -.

بل ربما يقال بالأولوية، يعني إذا لم يصح في النكاح فبالأولى لا يصح في باب البيع، ووجه الأولوية هو أنه في باب النكاح في مورد الرواية الشخص بقي واحداً ولم يتغير وهو الزوج غايته أولاً كان لا تقبل منه الاجازة لأنه عبد أما الآن فقد صارت له سلطنة على نفسه فتقبل اجازته، وهذا بخلافه في مود من باع ثم ملك، فإنَّ الشخص متعدد إذ البائع في البيع الأول غير المالك الأصلي فإنه في البيع الأول الذي باع هو الولد ولم تكن له سلطنة على الاجازة وإنما كانت السلطنة على الاجازة للوالد بينما بعد موت الوالد مثلاً أو بعد الشراء من أبيه صار المسلط على الاجازة شخص آخر وهو الابن، فإذاً حصل تبدّل في الشخص الذي يجيز فمرة الشخص الذي يتمكن أن يجيز حين صدور البيع الأول هو الأب، لأنه هو كان المالك، أما بعد أن مات الأب الشخص الذي يجيز هو الولد لأنه اصبح مالكاً لأمر نفسه فتغيَّر الشخص، أما في باب النكاح لم يتغيّر الشخص وإنما هو العبد ولكن حال عبوديته ليست له قابلية الاجازة ولكن بالعتق صارت له سلطنة على الاجازة، فإذا لم تقبل منه الاجازة رغم أنَّ الشخص لم يتغيّر فبالأولى لا تكفي الاجازة في مورد تبدّل الشخص كما في من باع ثم ملك.

وقد ذكر هذه الرواية الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب - ولعل التستري هو الذي ذكرها - وتمسك بها [2] - غاية الأمر أنه لم يذكر هذه الأولوية التي ذكرناها - كما أنه لم يذكر رداً عليها.

هذا ولكن ربما أن يقال: - إنَّ باب النكاح له خصوصية والشارع يهتم به أكثر، فمن عدم قبول إجازة من تزوج ثم ملك نفسه لا يمكن أن نفهم منه أنَّ الأمر كذلك في باب البيع، إذ لعل اهتمام الشرع في باب البيع أقل من اهتمامه في باب النكاح، فلا نجزم بوحدة الاهتمام حتى يكون ما هو ثابت في باب النكاح سارياً في باب البيع، فإن قبلت بهذا فبها، وإلا فالاستدلال بالرواية يكون تاماً.

هذا بالنسبة إلى الوجه الخامس، وقد اتضح أنه ليس صافياً من الاشكال.

الوجه السادس: - إنه يلزم من صحة بيع من باع ثم ملك وأجاز اجتماع مالكيتين على مملوكٍ واحد، ومن الواضح أنَّ المملوك الواحد لا يقبل ذلك، حيث نقول إنَّ البيع الأول الذي صدر من الابن بناءً على صحته بالاجازة وكاشفية الاجازة يصير المشتري مالكاً من حين العقد الأول، وهذه قضية مسلّمة، ثم نقول: إنَّ البيع الأول - الذي جرى بين الابن وبين المشتري الأصيل - تتوقف صحته على إجازة الولد حسب ما فرضنا لأنه هو الذي أصبح مالكاً، فصحته موقوفة على أن يجيز المالك وهو الولد، واجازة الولد موقوفة على صحة البيع الثاني - أي الذي حصل بين الوالد والولد حيث باع الأب داره على انبه - حتى يصير الولد مالكاً ويجيز، وصحة البيع الثاني فرع مالكية الب للدار وإلا لا يصح منه البيع، فصبحت الدار في زمانٍ واحد هي ملك للأب - حتى يبيعها للولد - وملك للمشتري الأصيل أيضاً باعتبار أن الاجازة كاشفة، فصارت الدار ملكاً لشخصين المشتري والمالك الأول الأصلي والشيء الواحد لا يتقبل اجتماع مالكيتين مستقلتين فيه، فيلزم هذا المحذور، فإما أن نرفع يدنا عن الكشف حتى لا يلزم هذا المحذور لأنه يأتي بناءً على كاشفية الاجازة، أو أنه بعد بنائنا على كاشفية الاجازة نقول لا يقع العقد صحيحاً بالاجازة، وهذا هو المطوب، وقد أشار الشيخ الأعظم(قده) إلى هذا الوجه حيث قال:- ( الرابع: إنَّ العقد الأول[3] إنما صح وترتب عليه أثره بإجازة الفضولي وهي متوقفة على صحة العقد الثاني المتوقفة على بقاء الملك على ملك مالكه الأصلي فتكون صحة الأول مستلزمة لكون المال المعين ملكاً للمالك والمشتري معاً في زمانٍ واحد وهو محال لتضادهما ).

وليس من البعيد أنَّ المقصود من أنه يلزم اجتماعهما في زمانٍ واحدٍ هو الزمان حين بيع الأب، فحيما يريد الأب أن يبيع فيلزم أن نفترضه الآن مالكاً حتى يتمكن من البيع، فإذا باع فيكون في هذا الزمان مالك، وفي نفس الوقت بناءً على الكشف المشتري الأصيل أيضاً هو مالك، فلزم اجتماع ملكيتين في آنٍ واحد وهو هذا الزمان.

ويوجد سؤال: - أين يكون الاجتماع؟

والجواب: - يمكن أن نصوّره في البيع الأول، كما يمكن أن نصوّره في البيع الثاني، وما ذكرناه هو بلحاظ البيع الأول، فإنه حين البيع الأول سوف يلزم أن يكون المشتري الأصيل بناء على كاشفية الاجازة يكون مالكاً وفي نفس الوقت يكون الأب مالكاً الآن، وإلا إذا لم يكن مالكاً فسوف لا تتولد ملكية المشتري الأصيل، ففي البيع الأول يلزم اجتماع المالكيتين مالكية المشتري ومالكية الأب في زمان واحد وهو حين البيع الأول، فعند تحقق البيع الأول يلزم اجتماع مالكيتين على الدار، فالأب يلزم أن يكون مالكاً حتى يتمكن أنَّ يبع الدار لولده، والمشتري الأصيل أيضاً هو مالك بمقتضى كاشفية الاجازة.

كما يمكن أن نصوّر اجتماع الملكيتين في البيع الثاني، وكلاهما وجيه، لأنه حينما يريد الأب أن يبيع فلابد وأن يكون مالكاً، وقد فرضنا أنه في البيع الأول المشتري كان مالكاً، وهذه الملكية له تبقى مستمرة في ظرف البيع الثاني - يعني إلى زمان ملكية الأب - فإنه في البيع الثاني الأب لابد وأن يكون مالكاً حتى يجري البيع الثاني، فملكية المشتري تكون مستمرة إلى هذا الزمان، وحينئذٍ لزم اجتماع الملكيتين في زمانٍ واحد - ونقصد في البيع الثاني-، فإذاً كلاهما صحيح.[4]


[3] هذه الأولية هي أولية زمانية لأنه بحسب الزمان العقد الأول الذي جرى هو الذي جرى بين الابن والمشتري الأصلي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo