< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 70 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.

الوجه الرابع:- ما نقله الشيخ الأنصاري عن صاحب المقابيس [1] وحاصله: إنه بناءً على كون الاجازة كاشفة فهي كاشفة في جميع الموارد لا انها كاشفة في غير موردنا وأما في موردنا - أي من باع ثم ملك - نقول هي ليست كاشفة، كلا فإن المثبت لكاشفيتها لو تم فهو يثبت الكاشفية في جميع الموارد بما في ذلك محل كلامنا، فإذا ثبت أنه بناء على كاشفية الاجازة فهي كاشفة حتى في موردنا من باب وحدة نكتة الكاشفية فإنها واحدة بلحاظ جميع الموارد، فبناءً على كاشفية الاجازة يلزم أن يخرج الملك من كيس الفضولي - الذي باع ثم ملك - حينما يجيز إلى المشتري قبل أن يدخل هذا الشيء في ملكه وهذا شيء مستحيل، فمثلاً لو باع الفضولي دار أبيه لزيد بن أرقم يلزم أنه لو أجاز الفضولي بعدما ملك الدار أن تخرج الدار من ملكه وتدخل في ملك المشتري قبل أن تدخل في ملك هذا البائع الفضولي وهو شيء مستحيل، وكونه مستحيلاً باعتبار أنَّ مفروض كلامنا أنَّ الفضولي - وهو الابن - باع دار أبيه لزيد بن أرقم ثم بعد ذلك ملك هذا الابن هذه الدار، وحينما ملكها بشراءٍ من والده مثلاً أو مات والده ففي مثل هذه الحالة بعدما ملكها حينئذٍ سوف يجيز البيع الذي صدر منه، وحينئذٍ سوف تدخل الدار إلى ملك هذا المشتري الأصيل من حين العقد، والمفروض أنَّ هذا العقد جرى قبل أن يموت الوالد أو قبل أن يشتري الولد الدار من والده، فموت الوالد صار بعد الشراء، فحينئذٍ العين خرجت من ملكه إلى زيد بن أرقم بالبيع قبل أن تدخل إلى ملك الفضولي من خلال موت والده و الشراء من والده، فيلزم خروج العين من ملكه قبل أن تدخل إلى ملكه وهذا شيء غير ممكن - ولكن هذا المحذور يأتي بناءً على أن الاجازة تكشف عن تحقق الملكية منحين عقد الفضولي والمفروض أن عقد الفضولي بين العاقد الفضولي وبين المشتري الأصيل قبل أن يموت الوالد - فملكية الابن الفضولي صارت بعد البيع فحينئذٍ قبل أن يتملك هذا المشتري الفضولي خرجت العين من ملكه بإجازته للبيع الذي صدر منه، ومن الواضح أنَّ الاجازة تصير بعد موت الوالد، وقد قلنا إنَّ موت الوالد هو بعد بيع الفضولي، فالولد حينئذٍ يجيز بيع الفضولي لأنه صار مالكاً فيجيز ما صدر منه، فتنتقل هذه الدار إلى ملك المشتري قبل موت الوالد، أي من حين العقد وقبل أن تدخل في ملك الفضولي.

وأجاب الشيخ الأعظم وقال:- صحيح أنَّ الاجازة كاشفة وانها تكشف عن حصول الملك من البداية ولكن الاجازة تكشف عن تحقق الملك من البداية من حيث أمكن وبالمقدار الممكن، فالاجازة تكسف في كل مورد بحسبه فإن أمكن أن تكشف من حين عقد الفضولي فهي تكشف من ذلك الحين وإن لم يمكن ذلك فمن حيث أمكن، وفي موردنا حيث لا يمكن أن تكشف الاجازة عن تحقق ملكية الدار لزيد بن أرقم من حين العقد، لأنَّ العقد صدر قبل موت الوالد وقبل موت الوالد لم تنتقل الدار إلى الابن الفضولي، فلا تكشف عن تحقق الملكية من حين العقد، وإنما تكشف من حيث أمكن، والذي يمكن هو من حين موت الوالد، فهي تكشف بهذا المقدار، فصحيح نحن نبني على أنَّ الاجازة كاشفة ولكنها تكشف بالمقدار الممكن وهنا المدار الممكن أن تكون كاشفة من حين موت الأب لا من حين العقد الفضولي.

فإن قلت: - إنَّ لازم هذا أنَّ المالك يمكن أن يخصص اجازته بما بعد عقد الفضولي بفترة، فعلى هذا الأساس يلزم أن تلتزم بذلك فالمالك الذي يجيز يقول أجزت لا من بداية العقد الفضولي بحيث يحصل انتقال من حين عقد الفضولي بل بعد عقد الفضولي بيوم أو يومين، وهل تلتزم بهذا؟

أجاب وقال: - نحن لا نلتزم بذلك، إذ المفروض أنه يمكن أن تحصل الملكية من حين العقد فـتأجيلها إلى ما بعد العقد بيوم أو يومين لا يصح، فنحن نقول الاجازة تكشف من حيث أمكن، وفي هذا النقض الذي ذكرته المفروض أنه يمكن أن تكشف عن الملكية والنقل والانتقال من حين العقد، فلا يمكن تأخير الملكية على ما بعد العقد فإنَّ هذا إشكال غير وارد.

ثم أطال الكلام في ذلك ولكن نكتفي بهذا المقدار.

وهو شيء وجيه: - يعني تصير النتيجة أنه بناءً على كاشفية الاجازة نبني على أنها كاشفة بالمقدار الممكن، ومادام قد بنينا على ذلك فلا يرد آنذاك إشكال الشيخ أسد الله التستري(قده).

ولكن هناك إشكالات ثلاثة ترتبط بالمقام: -

الاشكال الأول:- ما أشار إليه الشيخ النائيني(قده)[2] وحاصله: إنَّ عقد الفضولي الذي صدر من الابن نفترض أنه قد صدر في يوم السبت مثلاً وفي يوم الاثنين ملك الفضولي الدار - التي باعها فضولاً والتي كانت لوالده - بالشراء من والدهن فإذا باعها الالد عليه فهذا عبارة أخرى عن الرد، يعني بالدلالة قد ردّ الوالد البيع الفضولي الحاصل على داره يوم السبت الإلتزامية فإذا ردّه لا يمكن آنذاك أن يجيزه الولد الفضولي، لإنَّ هذا من الاجازة بعد الرد، والاجازة بعد الرد لا تنفع.

وقد يقول قائل: - إنَّ الاجازة لا تجدي بعد الرد يعني فيما إذا صدرا من شخصٍ واحد هو المالك - يعني الأب - فهو يرد بيع الفضولي أوّلاً ثم يجيزه، وهذا هو الذي تقدم وبحثناه، فإنَّ المنظور هو هذه الحالة - أي الاجازة التي تكون من نفس المالك بعد ردّ نفس المالك - أما هنا فالاجازة من الفضولي، فالفضولي هو الذي يجيز لأنه صار مالكاً، وأما الرد يكون من الأب، فصار الرد والاجازة من شخصين وليس من شخصٍ واحد، فلا يدخل هذا تحت الكبرى التي تقول إنَّ الاجازة بعد الرد لا تجدي شيئاً، وإنما يقال ذلك فيما إذا كان الرد والاجازة متحققين من طرفٍ واحد وليس من طرفين.

قلت:- إنَّ النكتة التي ذكرت لعدم اجداء الاجازة بعد الرد في صورة وحدة المجيز والراد تأتي هنا أيضاً ولا فرق من هذه الناحية، فصحيح أنَّ الكلام الذي تقدم هو فيما إذا كان المجيز والراد واحداً، ولكن إنما خصّص بذلك من باب أنَّ الفرض المتعارف هو ذلك، ولكن النكتة لا تختص بذلك المورد، فإنَّ الاجازة إنما لا تجدي بعد الرد باعتبار أنه إذا تحقق الرد فقد انحلّ عقد الفضولي فالاجازة لا تجدي شيئاً، وهذه النكتة لا تختص بما إذا كان الطرف واحداً بل تعم ما إذا فرض تعدد الطرف وكان المجيز شخصاً والراد شخصاً آخر، فمن هذه الناحية لا ينبغي أن نتوقف.

والمناسب في مقام الجواب أن يقال: -

أولاً: - إنَّ كلام الشيخ النائيني(قده) مبنائي، وحينما يأتي الشخص بإشكال فلابد أن يأتي بإشكال ليس على مبناه هو فإنَّ هذا خاص به، فإنه تقدّم فيما سبق بحث هذه المسألة وذكرنا أنَّ الرد المسبق لا يؤثر على الاجازة وفاقاً للسيد لماتن، قال(قده): - ( الرابع من شرائط المتعاقدين ..... والمشهور أن الاجازة بعد الرد لا أثر لها ولكنه لا يخلو عن إشكال بل لا يبعد نفوذها ).

ثانياً: - إنَّ ما ذكره أخص من المدعي، فهو يتم فيما لو فرض أنَّ الأب بعد جريان عقد الفضولي باع الدار على ولده، أما إذا انتقلت إلى الولد بالموت فلا يأتي هذا الكلام، فما ذكره الشيخ النائيني(قده) خاص بحالة انتقال الدار مثلاً إلى الفضولي بالبيع من قبل الوالد، والاشكال لابد أن تكون أرضيته وسيعة وليست ضيقة على بعض الفرضيات.

ثالثاً: - إنَّ كون بيع الوالد على الولد يعدّ رداً هو أوّل الكلام، فإنَّ الوالد قد لا يعلم ببيع الولد فلا يقصد الرد ولا يلتفت إليه أبداً، وحتى لو كان ملتفتاً فالوالد يريد أن يبيع دراه على ابنه من باب أنه لا يناسب مثل هذا العمل، فهو يُملّك الدار لولده أمّا أنَّ ذاك العقد قد رّده فلا، لأنه قد يكون ليس في صدد ذلك وإنما يريد أن تصير نفسية الولد طيبة جليلة فأراد أن يهذّبه فباع الدار له وليس له نظر إلى ذلك العقد الصادر وأنه يريد أن يردّه، نعم هو ملتفت إليه ولكنه لا يهمه.

فإذاً لا توجد دلالة التزامية في المقام بحيث نقول إنَّ بيع الوالد على الولد فيه دلالة التزامية على أنَّ الوالد قد ردّ بيع الفضولي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo