< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 70 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.

الوجه الثاني لتصحيح معاملة الغاصب أن يقال: - إن البيع مبادلة مال بمال لا أكثر، فإذا أبدلت هذا الكتاب بدرهم وقلت أبدل هذا الكتاب بدرهم فهذا هو البيع، وبعد ذلك إذا فرض أنه اتضح أن مجري البيع الفضولي أنه مالك فيتمكن أن يجيز ذلك البيع، لأنَّ البيع هو مبادلة والمبادلة قد حصلت فيقول أجزت تلك المبادلة لنفسي فيقع البيع لنفسه، وهذا طريق قصير جيد، وبناءً على هذا يتمكن كل إنسان أن يجيز البيع ولكن بشرط أن يكون مالكاً حين الاجازة، وهذا الذي باع ثم ملك هو مالك الآن فيتمكن أن يجيز.

أجاب وقال: - نحن لا نقول بانه البيع هو أصل المبادلة ولا يمكن أن يقال كذلك، نعم الذي يقال وقلناه هو أنه لا يلزم في المبادلة أقصد شخص هذا المالك أو خص ذلك المالك الثاني بأن أقول هكذا ( أبدلت هذا الكتاب عن زيد بدينار عن عمروٍ )، فتشخيص الذات ليس بلازم، أما اعتبار أن يكون ذلك البيع عن المالك فهذا شيء ضروري، فهكذا يلزم أن أقول ( ابدلت هذا الكتاب بدينا عن مالكه ) ولو كنت لا أعرف مالكه، فحيثية المالك لابد من أخذها وإلا لا يصدق أنه بيع في اللغة أو العرف.

فإذا اتضح أنه بد وأن يجرى البيع عن المالك بهذا الشكل ففي مقامنا نقول لا معنى لأنَّ يقول الفضولي الذي باع ثم اتضح أنه مالك ( أجزت بيع الكتاب عن مالكه - والذي هو في الواقع هو والد الفضولي - بدينارٍ - والدينار للمشتري الذي هو زبد بن أرقم غير المعروف - لنفسي ) وهذا لا معنى إذ كيف البيع الذي جرى بين الوالد الذي مات وبين زيد بن أرقم يجيزه لنفسه فإنَّ هذا لا يمكن.

إذاً اتضح من خلال هذا أنَّ تصحيح معاملة الغاب تكون بوجهين وكليهما لا يأتيان في مقامنا بعد فرض أن من باع ثم ملك في مقامنا هو بمثابة الغاصب ومعاملته بمثابة معاملة الغاصب وفي الغاصب يوجد وجهان لتصحيح معاملته ولكن كلا الوجهين لا يأتيان في المقام، ثم قال:- ( فالمتحصل أنَّ هذا الايراد مما لا جواب له أبداً )[1] ، يعني صار الاشكال عنده مستحكم فكيف قال في المنهاج أقربها الثاني - أي الصحة - مع الاجازة ؟، لكن هذه قضية ليست مهمة.

وفيه: -

أولاً: - إنه ذكر في البداية من باع ثم ملك هو بمثابة الغاصب فما يقال في تصحيح معاملته يقال في معاملة من باع ثم ملك، ونحن نقول هو أحياناً كالغاصب وأحياناً أخرى ليس كالغاصب، فإذا فرض أنَّ الابن لم يبع عن نفسه وإنما باع بالفضولية عن والده فهنا لا يصير غاصباً ولا بحكم الغاصب وإنما هو مجرد فضولي، وبيع من باع ثم ملك لا ينحصر بأن يبيع عن نفسه، بل قد يبع عن نفسه وقد يبيع عن المالك، فإذا باع عن المالك فهو ليس كالغاصب حتى يجري فيه ما يجري في الغاصب.

إلا أن يكون مقصوده من كالغاصب، يعني أنَّ هذا ليس من مصاديق الغاصب وإنما المقصود هو ما يقال في الغاصب وإن لم يكن هذا البائع غاصباً، فما يقال في الغاصب إذا أريد تطبيقه هنا لا يمكن ذلك.

ولكن هذا ركيك: - لأنه إذا لم يكن غاصباً فما يقال في الغاصب كيف نطبقه هنا؟!!

ثانياً: - إنَّ ذكر أنه يوجد بيانان لتصحيح معاملة الغصب البيان الأول أن نقول هو يبيع عن عنوان المالك ثم يطبق عنوان المالك على نفسه، وقال إن هذا لا يجري لأن من باع ثم ملك لا يدّعي الملكية أبداً، قال: - ( من الواضح أن الفضولي في المقام لا يدعي الملك ابداً ).

ونحن نقول:- إنَّ هذا ليس بصحيح أيضاً فلماذا لا يدعي الملك ابداً فقد يكون يدعي الملك كما إذا كان الولد غير بار بوالده فيبيع ملك والده قبل موته كما أنه يبيعها عن نفسه، وإذا باعها عن نفسه يعني أنه بنى وادّعى أنه مالك، فماذا يقال إنه في مسألة من باع من ملك الفضولي لا يدعي الملك أبداً وإنما قد يبيع عن نفسه وقد يبيع عن المالك فإن باع عن المالك فهذا فضولي متعارف لا يدعي الملكية وإن باع عن نفسه فهذا يدعي الملكية ويصير مثل الغاصب فما أفاده في رد الشق الأول من الدليل قابل للتأمل وإن تم فهو يتم في بع الموارد دون جميعها.

ثانياً: - إنَّ ذكر في الشق الثاني من بيانه إن المعاملة ليست هي أن يبنى على أن البيع هو مبادلة مال بمال فإذا كان مبادلة مال بمال فكل من أجاز بعد فرض كونه مالكا فينفع هذا صار مالكاً فيجيز فينفع ذلك، ولكنه أجاب وقال إن البيع ليس هو مجرد مبادلة وإنما مأخوذ فيه بعض العناصر نعم تشخيص المالك وأنه زيد بن ارقم ليس بلازم أما تشخيص المالك فهو لازم، ولكن نقول إنَّ هذا خلاف ما تقم منه في تعري فالبيع فإنه ذكر في تعريف البيع ما نصه: - ( البيع هو نقل المال بعوض بما أنَّ العوض مال لا لخصوصية فيه، والاشتراء هو إعطاء الثمن بإزاء ما للمشتري غرض فيه بخصوصه في شخص المعاملة )، فالبيع هو أن تعطي شيئا في مقابل الحصول على شيء لا لخصوصية فيه أي أن تحصل على نقود - أي حيثية المالية - وأما الشراء فهو لخصوصية كونه كتاب مثلا لا كل مال في مقابل دينار مثلاً، فهو فرّق بين البيع وبين الشراء بهذا الشكل من دون أخذ خصوصية ( عن المالك ).

ولعل قائل يقول: - إنه ليس في مقام البيان من هذه الناحية.

ولكن أردنا لفت النظر إلى أنه في تعريفه للبيع لم يأخذ هذا القيد.

ثالثاً: - أن يقال: لو رجعنا إلى الروايات لا نجد هذه الدقة وإنما نجد أنه إذا أجاز المالك صح البيع، أما أنَّ ذاك الشخص كيف أجرى المعاملة وهل أجراها عن نفسه أو عن المالك أو بهذا الشكل أو بذاك فهذا كله ليس بمهم، بل المهم أنه إذا صدرت صورة بيع فالمالك له حق الاجازة، فإن أجاز صح البيع، لا توجد هذه التدقيقات، فالفضولي بأيّ شكلٍ باع سواء عن نفسه أو عن غيره أو عن المالك فكل هذه الأمور ليست معتبرة، ومن هذه الروايات صحيحة محمد بن قيس الواردة في بيع الوليدة حيث باع الابن وليدة أبيه فأولدها المشتري ثم جاء مالك الوليدة فاسترجع الوليدة وابنها فطالب المشتري بابنه فعلمه الامام عليه السلام وقال له خذ ابن مالك الوليدة الذي باعك الوليدة حتى يجيز لك مالكها البيع، فحينما فعل المشتري ذلك أجاز المالك بيع ابنه، فالرواية هنا دلت على أنه أجاز فصح البيع أما أن الولد كيف أجرى البيع هل عن نفسه أو عن المالك وأنه هل قصد أصل المبادلة أو قصد الإضافات فكل الأشكال المحتملة موجودة والامام عليه السلام لم يستفصل فدل على أنَّ الأمر سهل من هذه الناحية، ولا يخفى لطفه.

فهذا الرواية تثبت أنه إذا صدرت إجازة من المالك فحينئذٍ يصح البيع مهما فرض اجراء المعاملة من قبل الفضولي، فحينئذٍ السيد الخوئي ذكر تقديرين على اجراء المعاملة فتارة يجريها عن المالك وهو باطل أو أنه يجريها بمبادلة فهذا لا يكفي أيضاً، لأنَّ البيع ليس مجرد مبادلة، ولكن نقول سواء أجراها بهذا الشكل أو بذاك أو بأشكال أخرى فالكل ممول لعدم الاستفصال فيثبت بذلك أنه ليس من المهم كيفية اجراء الفضولي للمعاملة.

إن قلت: - إنَّ هذا مقبول ولكن بناء عليه فلنتمسك بنفس الرواية لتصحيح مسألة من باع ثم ملك لا بالعمومات لأنه إذا كانت عندنا هكذا رواية فلنتمسك بها من دون حاجة إلى التمسك بالعمومات فلماذا التمسك بالعمومات؟

والجواب: - نحن نريد أن نتمسك بالرواية من زواية أن الفضولي كيف أجرى المعاملة فإنَّ هذا ليس بمهم، فهذا المقدر هو الذي نريد أن نستفيده ولا يمكن أن نستفيد أكثر من ذلك، ونحن كانت مشكلتنا مع السيد الخوئي(قده) أن الفضولي يجري المعاملة بهذا الشكل أو بذاك وهو يقول إنه في الإجراء بهذا الشكل أو ذاك إشكال، ونحن نقول لا إشكال بمقتضى صحيحة محمد بن قيس، لأنّ الامام عليه السلام قال:- ( خذ ابنه حتى يجيز لك البيع )، فهذا المقدار هو الذي نريده، ولا يمكن أن نتمسك بها لتصحيح معاملة من باع ثم ملك، أذ لم يفترض أنَّ من باع قد ملك، بل قد فرض أنه لم يملك وإنما الوالد موجود على قيد الحياة، فلا يمكن التمسك بهذه الصحيحة لإثبات صحة معاملة من باع ثم ملك، نعم لا مانع التمسك بها لإثبات ما أردناه، وهو أنَّ الفضولي الذي يجري المعاملة ليس من المهم اجرائها بهذا النحو أو ذاك، وإنما بأيّ شكلٍ أجراها فإذا حصلت الاجازة من المالك كفى ذلك في الحكم بالصحة، فهذا المقدار يمكن أن نستفيده من الرواية، أما صحة معاملة من باع ثم ملك لا يمكن أن نستفيده منها، فنذهب حينئذٍ إلى العمومات، فيصير الدليل هو العمومات بعد ضم هذه الرواية.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo