< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 70 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.

الوجه الثاني: - ما نقله الشيخ الأعظم(قده) عن التستري وغيره ممن لفقوا وجوهاً لإثبات البطلان، وحاصله أن يقال: إن يشترط في صحة كل عقد وجود أمور ثلاثة متوفرة في المالك العاقد وهي الملكية والرضا والقدرة على التسليم، ومن الواضح أنه في العقد المتعارف المالك متوفر وأما في عقد الفضولي المتعارف - وهو أن يفترض أن شخصاً يعقد فضولاً عن المالك والمالك يجيز أما غير المتعارف فهو من باع ثم ملك - فهذه الأمور الثلاثة متوفرة في من يصدق عليه عنوان البائع وحينئذٍ المالك حينما يجيز يصدق عليه عنوان البائع والأمور الثلاثة متوفرة فيه فهو مالك وراضٍ - لأنه أجاز - وقادر على التسليم، وأما في مقامنا الذي يفترض فيه أن العقد كان عن شخص بالفضولية ثم الفضولي يصير مالكاً بعد العقد ولكن قبل الاجازة فهنا حينما نذهب إلى المالك الذي أجري العقد عنه بالفضولية والذي اتضح أنه ميت فذلك لم يجز حتى ينتسب البيع إليه، فعلى هذا الأساس لا فائدة في توفر هذه الأمور الثلاثة في حقه.

وبتعبير آخر: - لنفترض أنها متوفرة ونسلّم بذلك ولكنه لم يجِز حتى يصير بائعاً وحتى يعتبر في حقه هذه الأمور الثلاثة فنحن نعتبر هذه الأمور الثلاثة في المالك البائع بحيث يصدق عليه بائع وهذا ليس ببائع إذ هو لم يجز فتوفر الأمور الثلاثة في حقه لا فائدة فيه.

وقبل أن نذكر تعليق الشيخ نقول:- إنَّ هذا المقدار ناقص وليس وجهاً كاملاً، إذ نسلّم أن الأمور الثلاثة معتبرة وهذه الأمور الثلاثة لا ينفع ثبوتها في حق المالك الأصلي الذي مات لأنه لم يجز حتى يصدق عليه أنه بائع ويجدي توفر هذه الأمور في حقه ولكن هذا ناقص إذ من حق قائل أن يقول إن هذه الأمور الثلاثة متوفرة في حق البائع فإنه إذا أجاز فالأمور الثلاثة متوفرة في حقه فهذه قضية لابد وأن يعالجها صاحب هذا الوجه أما أنه لا يذكر هذا فهو شيء ناقص فنياً، والغريب أن الشيخ الأنصاري سكت عن هذه القضية ولم ينبّه عليها وكان المناسب التنبيه عليها.

وأجاب الشيخ الأعظم(قده) عن هذا الوجه بما حاصله: - إنه لابد من التفرقة بين شرطية الرضا وشرطية القدرة، فشرطية الرضا يكفي ثبوتها في حق المالك الأصلي وفي حق البائع الفضولي، لأن الرضا نعتبره لأجل اباحة التصرف، فإذا فرض أن المالك الأصلي كان حياً ورضي بالتصرف فقد ابح التصرف، وإذا فرض أنه لم يكن حياً والبائع الفضولي الذي صار مالكاً إذا رضي فتحصل إباحة التصرف أيضاً فالرضا يكفي تحققه في كل واحد منهما، ولكن القدرة لا يكفي توفرها في حق الفضولي الذي صار مالكاً وأجاز، والوجه في ذلك إن الاجازة تصحح العقد الجامع للشرائط، فإذا لم تكن القدرة موجودة حين العقد فأحد الشرائط يكون مفقوداً في العقد فالاجازة لا تنفع حينئذٍ.

وبهذا قبل الشيخ الأنصاري(قده) الاشكال ولكنه قبله من زاوية القدرة وليس من زاوية الرضا ولم يرد الاشكال من أساسه فإذاً الاشكال وارد يعني لا يصح من باع ثم ملك حتى بالاجازة.

وفي مقام التعليق على الشيخ الأعظم(قده) نقول:- إنَّ القدرة تعتبر في حق من جيب عليه الوفاء، فمن يجب عليه الوفاء بالعقد يجب أن يكون قادراً على التسليم أما من لم يجب عليه الوفاء فلا يلزم توفر القدرة في حقهن ومعلوم أنَّ الذي يجب عليه الفواء هو الفضولي الذي صار مالكاً وأجاز فيتوجه إليه وجوب والوفاء وآنذاك هو قادر على التسليم لأنه مالك فأين المشكلة، وكأن الشيخ الأعظم(قده) في ذهنه أن القدرة معتبرة حين العقد والاجازة لابد أنَّ تتعلق بالعقد الواجد للشرائط، ولكن هذا لا دليل عليه، بل القدرة معتبرة من ناحية أن وجوب الوفاء فرع القدرة فإذا لم تكن القدرة موجودة فلا يمكن وجوب الوفاء، فإذاً متى ما صدق وثبت وجوب الوفاء فآنذاك يلزم توفر القدرة وحينما يجيز المالك الجديد يتوجه إليه وجوب الوفاء والقدرة موجودة، هكذا قل.

أو قل: - إنَّ القدرة معتبرة في حق من يصدق عليه أنه بائع، وهذا من المسلمات، والبائع لا يصدق على المالك الأول لأنه لم يجز حتى يصدق عليه عنوان البائع وحتى تعتبر القدرة في حقه وإنما عنوان البائع صادق على الفضول الذي اتضح أنه مالك واجاز وهو حينما يصدق عليه عنوان البائع يكون قادراً على التسليم، فإذاً البرهان الذي ذكر لإبطال مسألة من باع ثم ملك من ناحية أنه يلزم توفر أمور ثلاثة وهذه الأمور ليست متوفرة اتضح أنه لا مشكلة من هذه الناحية.

وقبل أن ننتقل إلى الوجه الثالث للبطلان نقول: - إنَّ ما ذكرناه في مقام التعليق مبني على تصحيح العقد السابق، بينما الذي ذكرناه في الوجه الأول لإثبات البطلان قلنا في مقام الجواب إنه يمكن التصحيح بنحوٍ يحصل عقد جديد من حين الاجازة، فهذه الاجازة هي بمثابة ( بعت ) تنضم إلى قبول المشتري فيصير عقداً مستأنفاً من حين الاجازة، وما ذكرناه هنا نحتاج إليه إذا غضضنا النظر عن المحاولة الأولى أما بناء على المحاولة الأولى فهذا الدليل لا يأتي، فحينما ذكرنا هذه الدليل الثاني قد غضضنا النظر عن الوجه الأول، وإلا لو أخذنا بالوجه الأول فأصلاً لا أرضية للوجه الثاني من الأساس ولا حاجة لأن نجيب عنه، لأننا نوجد عقداً جيداً لا ربط له بالعقد السابق وحينما يحصل العقد الجديد فكل الشرائط الثلاثة متوفرة فلا مشكلة.

الوجه الثالث: - وحاصله أن يقال: إنَّ من باع ثم ملك هو بمثابة الغاصب، ولنرجع إلى مسألة الغاصب لنرى الحلول التي تذكر لتصحيح عقده فهل تأتي هنا أو لا ظ إن احد الحلول التي تذكر في هذا المجال هو أن يقال عن الغاصب يبني على أنه مالك وحينما يبيع فهو يبيع عن المالك وحينئذٍ إذا قبل المشتري فالثمن سوف يدخل في كيس المالك وليس في كيس الغاصب - هكذا يدعى - وهذا الجواب الذي ذكر هناك لا يأتي هنا، والوجه في ذلك هو الفضولي في مقامنا لا يدعي أنه مالك حيث لم نفرضه هكذا ولا أقل في بعض الموارد لا يدّع أنه مالك كما لو فرض أن شخصاً قال أمام صديقه إني أحبّ سيارة فلان فلو كان يبيعها لي فما أحسن ذلك وكان هذا الصديق يعرف صاحب السيارة ومن معارفه فقال للشخص بعتك السيارة ثم ذهب إلى صاحبها واشترى منه السيارة ثم قدمها لذلك الشخص الذي رغب السيارة فهذا الصديق الوسيط باع ثم ملك إذ اشتراها لنفسه ثم قدمها لذلك الشخص لأنَّ صاحب السيارة قال له بعتكها فهو اشترها ثم قدمها لذلك الشخص الراغب فعلى هذا الأساس هذا الصديق الذي باع ثم ملك لم يدّع الملكية - كالغاصب - حينما باع السيارة للراغب للسيارة وإنما قال فقط ( بعتك )، فعلى هذا الأساس بعد ذلك ذهب واشتراها لنفسه ثم دفعها إلى الشخص الرغب لها، فالمقصود أنه في مسألة من باع ثم ملك لا أقل في بعض الموارد لا يبني على أنه مالك، فهذا الحل الذي ذكر في الغاصب لا يأتي هنا، إذ في الغاصب يبيع بما أنه مالك فيدخل الثمن في كيس المالك أما في مسألة من باع ثم ملك إما أن لا يبني أنه مالك أبداً أو لا أقل لا يبني على ذلك في بعض الحالات كهذه الحالة التي ذكرناها، فإذاً التصحيح الذي ذكر في الغاصب لا يأتي هنا فمعاملة من باع ثم ملك تعود باطلة ولا يمكن توجيه صحتها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo