< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/10/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 67 ) – اشتراط اللفظ في تحقق الاجازة – شروط المتعاقدين.

هذا كله في غير العدة التي تروي عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وأما العدة التي تروي عنها فأمرها سهل لما ذكره النجاشي في ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى ، ومن حسن الحظ العدَّة هنا هي عن أحمد بن محمد بن عيسى ، لأنَّ السند كان هو ( محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل وأحمد بن محمد ) ، وأحمد بن محمد هنا هو ابن عيسى.

ولعلك تقول:- من أين عرفت أن ابن عيسى والحال أنه متعدد فلعله ابن خالد ؟

قلت:- إنه عند المراجعة للأسانيد يعرف ذلك ، فإنَّ محمد بن يحيى الأشعري القمي كثيراً ما يروي عن أحمد بن محمد بن عيسى ، فهذه قرينة على كون المقصود من أحمد هنا هو ابن عيسى.

وقد قلنا إنَّ العدة التي تروي عن أحمد بن محمد بن عيسى يمكن توثيق السند بلحاظها لما ذكره النجاشي في ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى ، فإنَّ النجاشي بعد أن وثّقه قال:- ( إنَّ له كتباً وهي كتاب التوحيد و ...... ، قال لي أبو العباس أحمد بن علي بن نوح[1] أخبرنا بها أبو الحسن بن داود[2] عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم ومحمد بن يحيى[3] وعلي بن موسى بن جعفر وداود بن كورة وأحمد بن إدريس[4] عن أحمد بن محمد بن عيسى بكتبه )[5] ، يعني أنَّ الكليني قال قد وصلتني كتب ابن عيسى بهذا الطريق الذي فيه واسطة واحدة ، والنجاشي ينقل بواسطتين عن محمد بن يعقوب الكليني فيقول إنَّ كتب ابن عيسى وصلتني بواسطة واحدة وهي واسطة محترمة ومقبولة - يعني عدَّة -.

ولو قيل:- كيف هو تقريب الدلالة ، فإنَّ تلك عدّة موجودة في كتاب الكافي وهذه العدة موجودة في كتاب النجاشي فكيف نستفيد منها ؟

قلنا:- إنَّ العدة التي ذكرها الشيخ الكليني هي في الرواية التي نحن فيها[6] إما أن يقصد منها الشيخ الكليني نفس هؤلاء الأفراد الذين ذكرهم الكليني كواسطة لنقل كتب ابن عيسى حسب نقل النجاشي[7] فإن كانت نفسها فبها ونعمت ، لأنه لا أقل ثلاثة منها هم من الثقات ، أو تكون غيرها ، وإذا كانت غيرها يتبين من ذلك أنَّ للشيخ الكليني طريقين إلى كتب وروايات ابن عيسى أحدهما في الكافي والآخر ما نقله النجاشي بالواسطة عن الشيخ الكليني ، وحيث إنَّ هذا الطريق الثاني معتبر كفى حتى وإن فرض جهالة الطريق الأول.

نعود إلى سند الطائفة الرابعة:- وهو ( ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد و أحمد بن محمد جميعاً عن ابن حبوب[8] عن علي بن رئاب[9] ).

الطائفة الخامسة:- وهي ( ما ورد فيمن زوجت نفسها في حال السكر أنها إذا اقامت معه بعدما أفاقت فذلك رضا منها ) ، ونصَّ الرواية:- ( محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد عن محمد بن إسماعيل بن بزيع[10] قال سألت أبا الحسن عليه السلام:- عن امرأة ابتليت بشرب النبيذ فسكرت فزوجت نفسها رجلاً في سكرها ثم أفاقت فأنكرت ذلك ثم ظنت أنه يلزمها ففزعت منه فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج أحلال هو لها أم التزويج فاسد لمكان السكر ولا سبيل للزوج عليها ؟ فقال:- إذا اقامت معه بعدما أفاقت فهو رضا منها ، قلت:- ويجوز ذلك التزويج عليها ؟ قال:- نعم )[11] ، وموضع الشاهد الذي يريده الشيخ الأنصاري(قده) هو قوله عليها السلام ( فذلك رضا منها ) فيدل على أنَّ عقد الفضولي يكفي في اجازته الرضا ، لأنَّ الامام عليه السلام قال ( فهو رضا منها ).

ويردّه:-

أولاً:- إنَّ المفروض أنها زوجت نفسها لا أنها زوجت غيرها ، فعلى هذا الأساس هي خارجة عن محل الكلام ، فإنَّ محل كلامنا هو أنَّ الفضولي عقد لغيره وليس لنفسه وهذه المرأة قد عقدت لنفسها وليس لغيرها.

ثانياً:- المفروض أنها بعدما أفاقت أقامت معه وهذا ما ذكرته الرواية وهذا نحو مبرزٍ ، فلا تدل الرواية على أنَّ الرضا الواقعي يكفي وحده بل لابد أن يكون هناك مبرز ، والمبرز هنا هو الاقامة معه ، ويكفينا الاحتمال ولا نحتاج إلى الجزم بذلك.

وكيف ندخل هذ الرواية في الفضولي - ولو نصف الفضولي - فإنَّ هذه المرأة ليست مملوكة لأحدٍ حتى تدخل في الفضولي ، والشيخ الأعظم(قده) لم يعالج هذه القضية أيضاً ؟

قد يقال:- إنه حينما غابت عن الوعي بسبب السكر جعل العقد أشبه بالفضولي أو نصف فضولي بهذا الاعتبار ، إذ انه لا يوجد لها الرضا حين العقد لأنها فاقدة للوعي الكامل.

ولكن يبقى إشكال آخر:- وهو أنَّ هذه المرأة هل كانت قاصدة للعقد أو ليست قاصدة له حين السكر ، فإن كانت قاصدة فالعقد يكون صحيحاً ولا يحتاج إلى أن تقيم معه وترضى بعد ذلك لأنها قاصدة من البداية ، وإن لم تكن قاصدة فالعقد يكون باطلاً من أساسه ، لأنه لا يوجد عندها قصد ، فأصلاً العقد ليس بمتحقق ، فكيف نعالج هذه المشكلة ؟

والجواب:- يمكن أن يقال إنها قاصدة ولكن ليس لها رضا ، فإذا قبلنا بكون القصد موجوداً ولكنه ليس مجامعاً مع الرضا فحينئذٍ تكون الفضولية متحققة باعتبار عدم وجود الرضا ، فينحل هذا الاشكال ويتصوّر لنا الفضولية حينئذٍ.

ولكن قلنا إنه حتى لو قلنا بأنَّ هذه الرواية من مصاديق الفضولية ولكن لا يمكن الاستشهاد بها للإشكالين اللذين أشرنا إليهما.


[1] وهو من أجلة اصحابنا.
[2] وهو من أجلة أصحابناً ايضاً.
[3] علي بن ابراهيم ومحمد بن يحيى من الثقات.
[4] وهؤلاء الثلاثة ثقات ايضاً.
[6] وهي الطائفة الرابعة هي ( محمد بن يعقوب عن عدة من اصحبنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعاً عن ابن محبوب عن علي بن رئاب ).
[7] فالعدة الموجودة في الكافي إما أن يقصد منها نفس العدة التي ذكرها النجاشي عن الكليني.
[8] والحسن بن محبوب من أجلة اصحابنا، وقد ذكر في ترجمته أن والد الحسن بن محبوب قال للحسن كل حديث تكتبه عن علي بن رئاب أعطيك عليه درهماً، ولذلك كثرت روايات الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب.
[9] وعلي بن رئاب من أجلة اصحابنا، وكان له أخ اسمه اليمان بن رئاب لكنهما كانا على طرفي نقيض فعلي بن رئاب كان من عليّة أصحابنا الامامية وأما اليمان بن رئاب كان من عليّة الخوارج وكانا يجتمعان في كل سنة ثلاثة أيام ويتناظران وحينما يفترقان لا يسلّم احدهما على الآخر ولا يخاطبه، وقد ذكر ذلك صاحب جامع الرواة في ترجمة علي بن رئاب ينقلها عن مروج الذهب للمسعودي.
[10] وهو صاحب وراية ماء البئر ( ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلا ... )، وهو ايضاً صاحب رواية ( من ذهب عند قبر أخيه المؤمن وجلس ووضع أصابعه على قبره متوجهاً إلى القبلة وقرأ سبع مرات إنا أنزلناه في ليلية القدر غفر له ). وقد وقع الكلام في أنه ( غفر له ) يرجع إلى أي منهما فهل يرجع إلى الميت أو إلى الحي ؟ لعله يرجع للاثنين معاً وقد ذكرت ذلك في جروس تمهيدية في القواعد الرجالية

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo