< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/10/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 66 ) – شروط المتعاقدين.

وفيه:- صحيح أنَّ عبارة الغاصب مطلقة حيث قال ( بعتك الكتاب بدينار ) ولم يقل ( بدينارٍ لي ) ولكن من الواضح أن هذا في حكم المقدّر ويمكن غضّ التغاضي وغضّ النظر عن المقدّر كالمذكور ، فالمنشأ في الحقيقة ليس هو ملكية الكتاب للمشتري بدينار أنَّ الدينار هو بشكل مسكوت عنه ، كلا ليس مسكوتاً عنه وإنما هو مسكوت عنه في مقام اللفظ أما في مقام القصد والتقدير فهو بدينار للغاصب حيث بنى على أنَّ الكتاب له ، فهذا الثمن لابد أن يبني على أنه له فإنَّ هذا هو لازم ذلك ، افترض أنَّ كلمة الدينار وردت مطلقة ولكن هذا في حكم المذكور ، فالمنشأ هو الحصة الخاصة لا الحصة الخاصة يعني بدينار يرجع إليَّ أنا المنشئ الفضولي ، وهذا نظير بيوعنا العادية فحينما يقول لي البائع بعتك الثلاجة بمليون دينار فالمقصود أنه منك ومن كيسك لا أنه مليون دينار مطلقاً ، وهذا واضح فحينئذٍ هذا مقدّر ويكون بالتالي المنشأ هو الحصّة الخاصة ، يعني بدينار يرجع إليَّ أنا البائع الغاصب ، فالمنشأ هو الحصة الخاصة لا تمليك الدينار بشكلٍ مطلق بل تمليكه إلى نفس الغاصب الفضولي ، فإذاً ما أفاده الشيخ الأعظم(قده) لا ينفعنا شيئاً.

ثم إنَّ الشيخ الأعظم(قده) قال:- إنَّ هذا الحل الذي ذكرته إن نفعني فهو ينفعني فيما إذا كان البائع هو الفضولي بأن قال ( بعتك الكتاب بدينار ) فيأتي هذا الكلام الذي ذكرناه من أن كلمة الدينار لم يوضّح أنها تدخل إلى كيس من فيرجع إلى مقتضى المعاوضة الواقعية ولكن أحياناً يكون المشتري هو الفضولي وتكون الصيغة بأن يقول المشتري ( تملّكت هذا الكتاب بهذه الدراهم ) أو ( اشتريت الكتاب بهذه الدراهم ) هنا في مثل هذه الحال أدخل في ملكه الكتاب فالفضولي هو المشتري الذي اشترى الكتاب وأدخله في ملكه ، ( اشتريت الكتاب أو تملكت الكتاب بهذه الدراهم ) فالدراهم صحيح هي مطلقة ولكن لا يهمنا ذلك ولكن المفروض أنه يقول اشتريت الكتاب فأدخل الكتاب في ملكه ، فعادت المشكلة في مثل هذه الحالة ، وحينئذٍ نسأل ونقول إذا أراد المالك أن يجيز فماذا يجيز فهل يجيز هذا العقد فإنَّ لازمه أنَّ الكتاب سوف يصير ملكاً للمشتري ، لأنَّه بالإنشاء قال ( اشتريت الكتاب أو تملكته ) وإذا كان يدخل الكتاب إليه فهذا لم ينشأ من قبل الفضولي ، فما أنشئ لا يمكن تعلق الاجازة به وما يكن تعلّق الاجازة به لم ينشأ فالإشكال حينئذٍ يعود في مثل هذه الحال - أي في حالة ما إذا فرضنا أنَّ الفضولي كان هو المشتري وأدخل المثمن في ملكه - حينئذٍ إذا صدرت الاجازة من المالك تتعلق بهذا البيع ولازمه صيرورة الكتاب ملكاً للمشتري ولا يأتي الجواب السابق الذي ذكره من أنَّ الثمن مطلق فعل منواله هنا نقول المثمن مطلق ، كلا ليس بمطلق وإنما قال تملكت الكتاب فعاد الاشكال من جديد فماذا نفعل.

أجاب الشيخ الأعظم(قده) بجواب حاصله:- إنَّ تملك المشتري الفضولي الغاصب للكتاب بقوله تملكت الكتاب إما هو من حيث كونه مالكاً للثمن ، يعني من كونه بانياً على تملك الثمن لأنَّ المفروض أنه يشتري لنفسه وهو غاصب فمن هذه الحيثية يدخل الكتاب إلى ملكه فهو يدخل الكتاب إلى ملكه من حيثية أنه هو المالك للثمن وحينئذٍ نقول إنَّ الثابت لشيء من حيثية تقييدية معينة هو ثابت لتلك الحيثية التقييدية ، فتمللك الكتاب ثبت للمشتري الغاصب من حيثية أنه بانٍ أنه مالك للدراهم التي هي ملك المالك فمن هذه الحيثية ثبتت له ملكية الكتاب فنطبق قاعدة وهي أن الثابت للشيء من حيثية تقييدية معينة هو ثابت لتلك الحيثية التقييدية.

فلو قلت لك ( أكرم هذا الانسان العالم ) فإنه توجد حيثية تقييدية وهي العالم ، فثبت وجوب الاكرام من هذه الحيثية ففي الحقيقة وجوب الاكرام ليس ثابتاً لهذا وإنما هو ثابت للعالم أي لتلك الحيثية التقييدية وهذه قضية عرفية ولكن ألفاظها كبيرة ، ففي موردنا نقول كذلك وهو أنَّ المشتري اشترى الكتاب وأدخله في ملكه من باب أنه مالك للثمن وحيث إنَّ المالك للثمن حقيقةً هو المالك وليس هذا الغاصب الفضولي فحينئذٍ تثبت ملكية الكتاب للمالك وليس لهذا الفضولي ، هكذا تغلب الشيخ الأعظم(قده) على المشكلة.

والجواب:- صحيح أنَّ الفضولي قال تملكت الكتاب في مقابل الدينار من حيث أني مالك لدينار ولكن الحيثية التقييدية التي أنشأها ما هي فهل هي حيثية تقييدية مطلقة أو هي مقيدة بكونها ثباته له ومن حث هو ؟ في الحقيقة أن الحيثية التقييدية المنشأة ليست هي المطلقة وإنما المقيدة بي ، يعني تملكت الكتاب مقابل الدينار لكن الدينار المقيد بكوني أنا المالك له فالمنشأ هو المالكية الخاصة ، فالحيثية التقييدية الملحوظة هي الحيثية التقييدية الخاصة والملحوظ في مقام الإنشاء هو الحيثية التقييدية الخاصة لا الحيثية التقييدية المطلقة حتى يأتي ما أفاده الشيخ الأعظم(قده) ، فما أفاده ينفع لو كانت الحيثية التقييدية الملحوظة هي المطلقة ونغض النظر عن المنشأة والحال أنَّ المنشأ هو الحيثية التقييدية الخاصة يعني المالكية الثابتة للفضولي ، فعلى هذا الأساس لا تأتي قاعدة ( إنَّ الثابت للشيء من حيثية تقييدية هو ثابت لتلك الحيثية التقييدية ) فإنَّ هذه القاعدة تتم فيما إذا كانت الحيثية التقييدية الملحوظة هي الحيثية المطلقة وليست المقيدة أما الملحوظة للغاصب المنشئ فهي الحيثية الخاصة فحينئذٍ لا يأتي ما ذكره الشيخ الأعظم(قده).

هذا ما أفاده الشيخ الأعظم(قده) في حل الاشكال الخامس وقد اتضح التأمل فيه.

وقد نقل الشيخ الأعظم(قده) جواباً عن المحقق القمّي(قده):- فإنه أجاب بجوابين علّهما يرجعان إلى جواب واحد:-

الجواب الأول:- إنَّ الاجازة من المالك حقيقتها هي تبديل الرضا ، يعني حينما يقول المالك أجزت هذا البيع فمعنى ذلك أني رضيت بأن يكون الكتاب لك في مقابل أن يكون العوض وهو الدينار لي ، بينما المنشأ أن يكون الدينار للغاصب ، لأنَّ الغاصب بانٍ على أنه يشتري أو يبيع لنفسه ، والقمّي يقول إذا قال أجزت يعيني أبدلت ذلك الرضا من قبل الفضولي أبدلته بكون الثمن لي ، هذا إذا كانت الفضولية من هذا الجانب ، وأما إذا كانت الفضولية من جاب الكتاب يقول بكون الكتاب لي ، فخلاصة جوابه أنه أبدلت الرضا فالاجازة مرجعها إلى ( أبدلت ذاك الرضا برضا جديد ).

الجواب الثاني:- وهو أنه بقوله ( أجزت ) لا يبدل الرضا فقط وإنما يبدل الرضا والايجاب يعني أبدلت الرضا والايجاب اللذين كانا عن الفضولي أبدلتهما بكونهما لي.

وهو واضح الوهن:- فإنَّ الاجازة معناها إمضاء ما صدر لا إنشاء شيء جديد وهذا إنشاء شيء جديد ، كيف تفسّر أجزت بمعنى ابدلت الرضا أو أبدلت الرضا مع الايجاب ؟ إنَّ هذا التفسير لا أساس له عرفاً أو لغةً ، فالاجازة ليس معناها التبديل وإنشاء شيء جديد وإنما معناها إمضاء ما سبق بينما على ما ذكره لا يتحقق إمضاء ما سبق.

والفارق بين جوابه الأول وجوابه الثاني أنه في جوابة الأول أبدل الرضا فقط وأما في جوابه الثاني أبدل الرضا والايجاب يعني أبدل العقد بأجمعه يعني سوف تصير الاجازة هي تبديل العقد بعقد جديد بينما في الجواب الأوّل فتبديل الرضا فقط ، ولكن الاشكال الذي يرد عليهما واحد وهي أنَّ الاجازة هي إمضاء لما سبق وليس إنشاءً لشيء جديد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo