< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/08/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

الطائفة العاشرة:- وهي صحيحة الحلبي وقد روها الشيخ الطوسي بإسناده عن الحسن بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي ، وهذا السند أعلائي ، ويضاف إليه أنه قد رواه المحمدون الثلاثة فلا مشكلة فيه وطريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد معتبر أيضاً ، ونصّ الرواية:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى ثوباً ولم يشترط على صاحبه فكرهه ثم ردّه على صاحبه فأبى أن يقيله [ يقبله ][1] إلا بوضيعة ، قال: لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة فإن جَهِلَ فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه ردّ على صاحبه الأول ما زاد )[2] ، ومضمونها واضح ، فإنَّ المشتري ردّ الثوب على البزاز فرفض البزاز أخذه وإرجاع ثمنه إلى المشتري وإنما قال له بل ارجع لك أقل من ثمنه - أي بوضيعة - والامام عليه السلام قال لا يصلح الرد بوضيعة ، ولو باع البزاز بقيمة أكثر مما باعه على هذا المشتري الأول فكل الثمن يصير للمشتري الأول ، لأنَّ الاقالة بوضيعة باطلة فعلى هذا الأساس الثوب باقٍ على ملك المشتري الأوّل ، فحينما يبيعه البزاز فكّل الثمن سوف يصير للمشتري الأول.

وتقريب دلالتها على صحة بيع الفضولي أن يقال:- إنه حينما كانت الاقالة بوضيعة باطلة فالثوب باقٍ على ملك المشتري الأوّل ، وحينما باعه البزاز بزيادة فهذا بيع لملك الغير - الذي هو المشتري الأول - ، وحيث إنَّ المشتري الأوّل أجاز البيع الثاني ونعرف اجازته من خلال أنه قبل بالإقالة بوضيعة فهذا يدل بالأولى أنه يقبل ببيع الثوب لأنه سوف يحصل على ثمن أكبر ، فإذاً الرواية دلت على صحة بيع الفضولي.

بل نصعّد اللهجة ونقول:- إنَّ هذه الرواية تدل على صحة بيع الفضولي بفرده الخفي فبالأولى تدل على صحته بفرده الجلي ، لأنه عندنا في بيع الفضولي مرة الفضولي يبيع عن المالك وهذا هو الفرد المتعارف ، ومرة الفضولي يبيع عن نفسه ، ونحن إذا أردنا أن نصحح البيع فإننا نصحح البيع الأوّل وهو أنَّ يبيع عن المالك لا أنه يبيع عن نفسه ، والرواية دلت على صحة بيع الفضولي عن نفسه ، لأنَّ البزاز حينما يبيع الثوب فهو يبيعه عن نفسه بلا إشكال والامام عليه السلام حكم بصحة البيع وقال إنَّ الثمن كلّه يرجع إلى المشتري الأوّل ، وهذا معناه أنَّ بيع الفضولي عن نفسه فضلاً عن بيعه عن المالك صحيح بالاجازة ، وبذلك ثبت المطلوب.

وتوجد عبارة مختصرة للشيخ الأعظم(قده) يشير فيها إلى هذا المعنى حيث قال:- ( فإنَّ الحكم بردّ ما زاد لا ينطبق بظاهره إلا على صحة بيع الفضولي لنفسه )[3] .

ولكن قد يورد على الرواية بإشكالات:-

الاشكال الأول:- إنه إذا كان المورد من الفضولي وكان بيع البزاز الثاني إذا كان فضولياً ولكنه صحيح فالمناسب أن يرجع تمام الثمن إلى المشتري الأول لأنَّ هذا البيع قد وقع للمشتري الأول فيرجع تمام الثمن للمشتري الأول وفي المقابل المشتري الأول يرجع تمام الثمن في البيع الأوّل الذي كانا متفقين عليه ، يعني المناسب للفضولية أنه يلزم أن البزاز تصرف في ملك المشتري الأول حيث قد باعه فيلزم أن يرجع تمام الثمن في البيع الثاني وفي المقابل يرجع المشتري الأول تمام الثمن في اليع الأول ، هذا هو المناسب ، بينما الرواية قالت يرجع إليه الزيادة فهاذ يدل على أنَّ المورد ليس من بيع الفضولي ، ويظهر من السيد الخوئي(قده) الاشكال بذلك[4] .

والجواب واضح:- فإنَّ بادئ ذي بدء المناسب هو أنَّ البزاز يملك على المشتري تام الثمن في البيع الأول فيلزم أن يرجعه المشتري الأوّل إليه ، وفي المقابل البزاز يرجع تمام الثمن في البيع الثاني إلى المشتري الأول ، ولكن هذا تطويل للطريق ، فمادام المفروض نأنه يوجد عند المشتري مقدار من الثمن كأن كان عنده تسعة دنانير فحينما يرجع إليه البزاز مقدار الزيادة فبالتالي وصلنا إلى نفس النتيجة من دون حاجة إلى تطويل الطريق.

فإذاً الاشكال واضح الوهن.

الاشكال الثاني:- لو كان بيع البزاز حينما باع بزيادة فضولياً يلزم أن تكون صحته موقوفة على الاجازة بأن يقال للمشتري الأول هل تجيز البيع الثاني ؟ ولعله لا يجيز البيع من باب طلب الزيادة في الثمن فيريد أن يبقى فترة حتى يحصل على الزيادة فليست اجازته جزمية ولعله لا يجيز طلباً للزيادة وهذا إن ل على شيء فإنه يدل على أنَّ المورد ليس من الفضولي ، إذ لو كان من مورد الفضولي لتوقف على الاجازة والمفروض أنَّ الامام عليه السلام لم يوقف صحة البيع الثاني على الاجازة.

والجواب واضح حيث قال:- إنَّ هذا شيء صحيح لو نظرنا إليه بنحوٍ كلّي من دون خصوصية للمقام ، ولكن توجد خصوصية في المقام وهي أنَّ المشتري الأول كان لا يريد الثوب ورضي بالأقل فكيف إذا فرض أنه بيع بزيادة فإنَّ هذا نور على نور ، واحتمال أنه يريد أن يبقى الثوب إلى أيام ترقباً لارتفاع القيمة هذا احتمال بقطع النظر عن أجواء الرواية ، أما بعد ملاحظتها فهذا الاحتمال يكون موهوناً ، فإذاً هذا الاشكال مندفع أيضاً.


[1] هذا على اختلاف النسخ ولكنه هذا لا يؤثر.
[4] محاضرات في القه الجعفري، الخوئي، ج2، ص314- 315.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo