< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

ثانياً:- من الوجيه أنَّ تفسَّر الرواية بتوجيه آخر تكون به أجنبية عن المقام بشكل كلي بحيث لا تكون مرتبطة بالمقام من قرب ولا من بعد ، وذلك بأن يكون مقصود الامام عليه السلام في مقام الحوار مع العلاء بن سيابة أنه يقول له المناسب في مقام الحكم الاعتماد على الأدلة المحكمة المعتبرة والاستدلالات العلمية الرصينة وليس الاعتماد على الأمور الظنية والاستحسانات الاعتبارات ، فإنهم حكموا ببطلان عقد النكاح لأمور استحسانية بأنه فرج ومنه الولد والحال أنهم تركوا الأدلة المعتبرة عندهم فإنَّ من جملة الأدلة المعتبرة عندهم قول الصحابي فإن قول الصحابي وفتواه حجة عندهم ، ومن جملة الصحابة وأجلتهم أمير المؤمنين عليه السلام فإنه جاءته امرأة تستعديه على أخيها حيث زوّجها من رجلٍ والمفروض أنها عزلته عن الوكالة قبل أن يزوّجها والامام عليه السلام حكم بأن القول قول الوكيل لأنه لم يصله خبر العزل وأجرى النكاح الذي وكّلته فيه ، فالمناسب الحكم بالصحة استناداً إلى قول الصحابي الذي هو أمير المؤمنين عليه السلام لا الاعتماد على الأمور الظنية أعني أن النكاح يهتم به الشرع لأنه فرجٌ ومنه الولد وغير ذلك ، إنه لابد من الاستناد إلى الدليل المعتبر ، فما اجور هذا الحكم ببطلان عقد النكاح يعني استناداً إلى الأمور الواهية وتركاً لقول الصحابي - الذي هو أمير المؤمنين عليه السلام - إنَّ النكاح أحرى وأحرى أن يحتاط له ، ومعنى الاحتياط له الاعتماد على الأدلة المعتبرة لا الأدلة الواهية ، والأدلة المعتبرة هي قول الصحابي عندكم فلماذا تركتم قول الصحابي هنا وأخذتم بالأدلة الواهية ، إنَّ هذا احتمال وجيه في المقصود من الرواية ، وبناءً عليه تكون الرواية أجنبية عن المقام بشكل كلّي حيث تكون ناظرة إلى أنَّ المناسب للشخص أن يعتمد على الأدلة المعتبرة في مقام الحكم لا أن يعتمد على الأدلة الواهية وبذلك تكون أجنبية عن مسألة أنَّ الأولى بالصحة هو النكاح أو هو البيع ، بل هي ليس في هذا الصدد وإنما هي بصدد شيء آخر وهو ما أشرنا إليه ، وبناءً على هذا لا يمكن أن يستفاد من الرواية ما أراده الشيخ الأعظم(قده) وما رتّب عليه.

والنتيجة من كل ما ذكرنا:- إنه لا يمكن الاعتماد على الروايات المذكورة ، فإنَّ اهتمام الشرع بشيءٍ قد يستدعي التساهل في أسباب ذلك الشيء ، فالشرع تساهل في أمر النكاح من حيث أسبابه باعتبار أنه يهتم بأمر النكاح ويريد تحقق النكاح لأنه عليه نظام الوجود فتساهل في أسبابه وقبله من الوكيل المعزول قبل أن يصله خبر العزل وبالتالي لا يمكن أن نتعدّى إلى سائر العقود ، هذه هي النتيجة التي انتهينا إليها ولكن بغير الطريقة التي اتبعها الشيخ لأنَّ الشيخ قال لأجل رواية العلاء فإنه يفهم منها أن الأولوية بالعكس ونحن قلنا إنَّ الشرع المقدّس يهتم بأمر النكاح لأنَّ عليه نظام الوجود والاهتمام بالشيء يستدعي التساهل في سببه وقبله من الوكيل المعزول ، ولا يلزم الجزم بذلك وإنما يكفينا احتمال هذا ، فإذاً لا يمكن أن نستفيد من ذلك التعدي ونحكم بالتعدي إلى سائر المعاملات ، فروايات صحة نكاح الفضولي بالاجازة لا يمكن أن نستفيد منها التعدّي إلى سائر المعاملات لما أشرنا إليه.

الطائفة الثالثة:- وهي الروايات الواردة في اباحة الأئمة عليهم السلام حقهم - أعني خمسهم - لشيعتهم في مجال محدود لا بشكل مطلق ، ونذكر روايتين:-

الرواية الأولى:- ما رواه الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن محمد بن سنان عن يونس بن يعقوب:- ( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من القمّاطين[1] فقال جعلت فداك تقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعلم أن حقّك فيها ثابت وإنا في ذلك مقصّرون ، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم )[2] .

وسند الرواية هو أنَّ سعد بن عبد الله من أجلة أصحابنا وطريق الشيخ إليه معتبر ، وأما أبو جعفر فهو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري الثقة الجليل ، وأما محمد بن سنان ففيه قال وقيل ، ويونس بن يعقوب ثقة ، فإذاً السند على المبنى بالنسبة غلى محمد بن سنان فمن يقول إنه روى عنه الأكابر أو غير ذلك تكون الرواية معتبرة وإلا فهي غير معتبرة.

الرواية الثانية:- ما رواه الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي سلمة سالم بن مكرم وهو أبو خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( قال رجل وأنا حاضر حلّل لي الفروج ، ففزع أبو عبد الله عليه السلام ، فقال له الرجل: ليس يسألك أن يعترض الطريق إنما يسألك خادماً يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثاً يصيبه أو تجارة أو شيئاً أعطيه ، فقال: هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحي وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال )[3] .

وتقريب الدلالة:- هو أنَّ الناس بمقتضى هذه الرواية كانوا يبيعون ويشترون الأمور التي فيها حق الامام عليه السلام - الخمس - وهذا عقد فضولي ، لأنَّ مقدار الخمس هو حق الغير وبالرغم من ذلك حكم الامام عليه السلام بصحة البيع رغم أنه بيع فضولي ، فيدل ذلك على صحة بيع الفضولي مادام المالك قد أجاز وهو الامام عليه السلام.

إن قلت:- إن هذه اجنبية عن بيع الفضولي إذ المفروض أن الامام عليه السلام يرضى وبعد رضاه لا تكون المعاملة فضولية ، يعني المعاملات التي سوف تقع بعد ذلك أو المعاملات التي وقعت كلها حينئذٍ تكون برضا الامام عليه السلام ، ومادامت برضاه فحينئذٍ تخرج عن الفضولية فلا شاهد لنا فيها أبداً.

قلت:- صحيح أن تلك المعاملات كان الامام يرضى بها من البداية ولكن هذا الرضا لم يصل إلى المتعاقدين ومادام لم يصل بالمعاملة إذاً باقية على الفضولية ، فتكون هذه الروايات دالة على صحة بيع الفضولي بعد الالتفات إلى أنَّ المالك وإن كان يرضى إلا أنه حيث لم يصل هذا الرضا إلى الطرفين فهي باقية على الفضولية والامام عليه السلام حكم بصحة هذه المعاملات.

فإذاً هذه الروايات تدل على صحة عقد الفضولي بالاجازة ، وهذا استدلال ظريف لكن الشيخ الأعظم(قده) لم يتعرّض لهذه الروايات في المكاسب.

[1] القمّاطون جمه قمّاط وهو من يبيع القماط والقماط هو إما ان يكون هو الحبل الذي يلف به الطفل أو ما تشد به ارجل الشاة وما شاكل ذلك عند الذبح او غيره، وقيل عن القماط ما تشد به البواري لأجل صنع البيوت، يعني شدّات القصب تشد بها الحبل الذي يسمى بالقماط.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo