< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

أما ما افده في كلامه الأول من أن أوفوا يمل بعرضه العريض جميع العقود أما إذا تحق الانصراف فنستثني بعض العقود إلى تحق الانصراف ، فنحن نقول:- إنه إذا أردنا أن نتمّسك بعموم أوفوا نسأل ونقول هل في مرحلة سابقة قبل التسمك بعموم أوفوا نحتاج إلى اثبات انتساب العقد إلى المالك بشكل من الأشكال ؟ فإن اجاب بنعم أجبنا بهذا أن هذا عين ما ذكرناه يعني أنَّ هذا معناه أنَّ أوفوا ليس له دائرة وسيعة وإنما هي ضيقة غايته مقدار الضيق ما هو ، فهذه قضية ثانية أنَّ المقصود هل أوفوا بالعقود منكم أو المنتسبة بأي شكل من الأشكال إليكم أو ما التزمتم به أو شق خامس ، وإذا اختار الشق الثاني وقال إني اتمسك بالإطلاق من دون حاجة إلى اثبات انتاب بشكل من الاشكال في مرحلة سابقة ، فنجب عن ذلك: بأنه لو ظهر المتكلم قال أوفوا ناظر إلى العقد المنتسب إلى الشخص بشكل من الأشكال لما اشكلنا عليه وقلنا له إذاً لماذا لم تقيد فإنه يجيب ويقول أنا أتكلم مع أناس عرفيون والعرف يفهم أنه حينما يقال اوفوا بالعقود يعني العقد الذي له ارتباط بك بشكل من الأشكال لا العقد الذي هو أجنبي عنك وقد صدر في بلد من البادان أنت عليك أن تفي به ، فإنَّ هذا واضح ولا أحتاج إلى تقييد ، إذاً بالتالي لا يستقبح من الاطلاق أو العموم مادام مراده اضيق - أي هو المقيد يعني العقد المنتسب إلى الشخص - وقد ذكرنا أن من جملة مقدمات الحكمة التي يلزم اضافتها هي أنه قبح الاطلاق إذا كان مراد المتكلم واقعاً هو المقيد وهنا لو كان مراده المقيد لما استقبح منه الاطلاق ، وهذا من ثمرات هذه المقدمة.

وإذا قال قائل:- إن هذه مناقشة مبنائية ، فانت تبني في باب الاطلاق أنه لابد من اضافة هذه المقدمة ولكن لا يبني على هذه المقدمة ؟

وفي مقام الجواب نقول:- إنَّ هذه المقدمة يلزم أن تبني عليها وهي قضية ليست قابلة للأخذ والعطاء والاستظهار ، لأنك إذا قلت لا يستقبح الاطلاق عرفاً رغم كون المراد اقعا هو المقيد وسلمت بذلك فكيف تتمسك بالإطلاق ؟!! ، وبعد عدم استقباح الاطلاق رغم كون المراد واقعاً هو المقيد كيف تتمسك بالاطلاق ، فهذه مقدمة واضحة لا ينبغي التوقف والنقاش فيها أبداً.

إذاً ما أفاده قابل للمناقشة بالشكل الذي أشرنا إليه.وأما بالنسبة إلى كلامه الثاني الي ذكر فيه انه بالاجازة وبالوكالة لا يتحقق انتساب العقد فنقول:-

أولاً:- إن هذا مرفوض بحس بالارتكاز العقلائي فإن المرتكز العقلائي قائم على الاعتماد على الوكالة والاجازة في باب العقود ، فأنت حينما تزوجت فهل قالت زوجتك ( زوجت نفسي ) ؟ كلا وإنما جعلت وكيلاً والزوج ، وأنا الزوج هل قلت قبلت الزواج بك ؟ كلا ، فأغلب القصايا مبنية على الوكالة ، وهكذا الحال في العقود بين الدول فإنها ترسل وكيلاً عنها وهذه قضية عقلائية واضحة وحينئذٍ يتعاقدون فميا بينهم من خلال الوكلاء وبالتالي نقول هذه الدولة أجرت هذا العقد والحال أن الذي اجرى العقد شخص واحد ولكن ننسب هذا العقد إلى الدولة بلا كلام ، وإذا فرض أنَّ شخصاً أجرى عقداً لشراء شيء لصديقه وقال إذا رضي به صديقي فبها وإن لم يرض به فأنا سوف آخذه فاشتراه فضولاً بنية صاحبي ثم بعد أن جئت بها قبل بها وقال اجزت فهذا العقد وبالبالي يقول أنا اشتريت هذا فينسب إليه ، فالانتساب بالاجازة والأخص بالوكالة قضية عقلائية والتشكيك فيها لا نرى له وجهاً.

ثانياً:- إن تلزم بعض للوازم لا يمكن الالتزام بها ، من قبيل أنه عندنا في باب الاحرام لا يجوز للشخص أن يتزوج حالة الاحرام يعني مجرد العقد فالمرأة تقول له زوجتك نفسي على مهر كذا وهو يقول قبلت مجرد ألفاظ فها حرام بنفسه تكليفاً وتثبت الحرمة المؤبدة وإن لم يحصل شيء بل مجرّد العقد يثبت الحرمة وقد دلت على ذلك بعض الروايات من قبيل ( من تزوج امرأة في احرامه فرّق بينهما ولم تحل له )[1] ، وهذا من مسلّمات الفقه ، فعلى هذا الأساس لو فرض أني وكلت شخصاً في يعقد لي حالة الاحرام فعلى رايه(قده) يلزم انه لا حرمة مؤبدة ولا غير ذلك لأن العقد لا ينتسب إليَّ فإن ( من تزوج ) على الموكِّل الذي أعطى الوكالة ولا ينتسب له العقد بإعطاء الوكالة ، وهكذا لو جرى فضولاً وأجاز حالة الاحرام فيلزم أن نقول إنه لا تحصل بذلك الحرمة المؤبدة والتزام الفقيه بذلك شيء صعب وهو أيضاً قد لا يلتزم بذلك ، فهو يلتزم بنتيجة العقد ولكن نفس العقد لا يلتزم بانه ينتسب إلى الموكّل والمفروض انه بدليل ( من تزوج ) ومن تزوج يلزم ان يكون هو من أجرى العقد فيلزم أن نقول إن هذا لم يصدق عليه إجراء فيلزم أن تجزم بعدم التحريم لأنّ الاجراء لم يكن من عندي وإنما من خلال الوكالة ، وإذا قلت إن المقصود من ( من تزوج ) هو النتيجة فالكلام هو الكلام فنقول النتيجة لا تنتسب إليه فهذا يصعب الالتزام به ، فالاثنين يصعب الالتزام بهما.

وأيضاً يرد عليه مسألة قص الظفار في حالة الاحرام فإنها محرمة لروايات دلت على ذلك من قبيل صحيحة معاوية بن عمار قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم تطول أظفاره او ينكسر بعصها أو يؤذيه ؟ قال: لا يقص منها شيئاً إن استطاع ، فإن كانت يؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام )[2] ، فعلى رأي السيد الخميني(قده) لو أذنت لشخص في قصها فيلزم على رأيه انه لا حرمة لأجل أن الرواية تقول ( من لا يقصّ ) وأنا الآذن لم أقصّها وإنما المأذون هو الذي قصها وبالإذن لا ينتسب الفعل إليَّ.

إذاً يلزم مما ذكره لوازم يصعب على الفقيه الالتزام بها.

وقد أورد الشيخ التبريزي(قده) على السيد الخميني(قده) بإيراد آخر فقال ما حاصله:- أنك قلت إن ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ يشمل جميع العقود والذي خرج هو قد خرج بالانصراف وإذا فرض تحقق الرضا الباطني للمالكين فهذا ليس مورداً لانصراف ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ، فلو فرض أنَّ إنساناً أحرم ودعا ربه أن يرزقه زوجة صالحة وفي اثناء الاحرام جاءه شخص وقال له عثرت لك على زوجة كما تريد وقد عقدت لك عليها - أي فصولاً - وهذا الشخص فرح في قلبه فقط ورضي في قلبه ولكنه لم يقل قبلت أنه ملتفت إلى أنه لا يجوز الزواج في حال الاحرام ولكنه رضي بقلبه بذلك فيلزم بناء على ما أفدته أن نقول تحققت الحرمة المؤبدة لأنك قلت إنَّ حالة الرضا مشمولة لـ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ولا موجب للانصراف عنها ، وهل تلتزم بهذا ؟ إنَّ التزام الفقيه بهذا شيء صعب.

ويمكن للسيد الخميني(قده) أن يدافع ويقول:- إن هذا شيء آخر فإني قلت ذلك في ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ولم اقل ذلك في من تزوج فهنا يلزم ان نتمسك لإثبات التحريم المؤبد بالرواية الني دلت على أن الزواج حالة الاحرام يوجب التحريم المؤبد ، يعني الرواية لايت قراناها وكانت تقول ( من تزوج امرأة في احرامه فرّق بينهما لا تحل له أبداً ) ، فأنت لابد أن تنقض عليَّ وتقول إنَّ هذه الرواية سوف تشمل هذا المورد وأنا لم أقل ذلك وإنما كلامي كان في ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ولم يكن في هذه الرواية ، فإن هذه الرواية اليت تثبت الحرمة المؤبدة لمن تزوج حالة الاحرام انا لم اقل هذا الكلام فيها وإنما قلته في ﴿ اوفوا بالعقود ﴾ والحرمة المؤبدة لا تثبت بـ ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ وإنما تثبت بهذه الرواية وهذه الرواية انا لم اقل أنه تصدق في حالة الرضا ، فإذاً يكن للسيد الخميني أن يدافع هكذا.

إلا اللهم أن ينقض عليه الشيخ التبريزي(قده):- بأنه كما قلت في أوفوا يشمل حالة الرضا فمن تزوج أيضاً لابد وأن تلتزم بذلك أيضاً ، ولكن هذا إلزام بما لم يقله.إذا المناسب الاشكال بما اشرنا إليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo