< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 57 ) حكم المقبوض بالعقد الفاسد.

ويردّه:- إنَّ هذه الروايات بين ما يدل على الحرمة التكليفية أي يحرم تكليفاً التصرف في مال الغير من دون إذنه وهذه أجنبية عن مسألة الضمان ، فلاحظ الرواية الأولى حيث قالت ( لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه ) فإنَّ أقصى ما تلد عليه هذه الرواية هو أنَّ التصرّف في مال الغير لا يجوز إلا بطيب نفسه ، أما أنه يضمن لو حصل تصرف فيه فهذا لا تدل عليه ، فهي إذاً اجنبية عن مسألة الضمان بالكلية.

وهكذا بالنسبة إلى الرواية الثانية التي تقول ( سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر واكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه ) فيقال غن المقصود من ( حرمة ماله كحرمة دمه ) هو أنه كما أن دمه حرام كذلك التصرّف في ماله حرام وهذه أجنبية عن الحكم الوضعي ، فنحن كلامنا في الحكم الوضعي وهو الضمان وليس في الحكم التكليفي أعني حرمة التصرف.

وأما بالنسبة إلى الرواية الثالثة فهي تقول ( لا يصلح ذهاب حق أحد ) إنَّ هذه الرواية ربما يتمسّك بها لإثبات الضمان حيث أنها في صدد بيان أنَّ حق الغير لا يصلح ذهابه بلا مقابل فيطبق ذلك على المقام ويقال يلزم على المشتري أن يضمن للبائع ما حصل من تلف.

وجوابه واضح:- فإنَّ الموضوع في هذه الرواية هو الحق ، يعني إذا فرض ثبوت حق لشخص فلا يصلح أن يذهب بلا مقابل ، والكلام هو في صغرى ذبلك يعني أن البائع هل له الحق فيما إذا تلفت بعض صفات المبيع عند المشتري أو لا ، فالكلام هنا في الصغرى يعني هل له حق أو ليس له حق وهذه الرواية ناظرة إلى الكبرى يعني بعد فرض ثبوت الحق لا يصلح ذهاب حق أحد ، فكلامنا في الصغرى وهذه ناظرة إلى الكبرى والكبرى لا تثبت موضوع نفسها فهي لا تثبت أنه هنا يوجد حق أو لا يوجد حق وإنما هي تقول إذا كان يوجد حق فلا يصلح أن يذهب بلا مقابل ، أما أنه يوجد حق أو لا فهي ساكتة فإنَّ الكبرى لا تثبت موضوع نفسها كما هو واضح.

فإذاً هذه الروايات يصعب أن يستفاد منها المطلوب.

المدرك الرابع:- التسمك بقاعدة لا ضرر ، وذلك بأن يقال:- إنَّ المشتري إذا ارجع المبيع المقبوض بالعقد الفاسد وهو معيوب فهذا نحو ضرر على البائع وقاعدة لا ضرر تنفي ذلك فكل حكم ينشأ منه الضرر هو منفي في الاسلام ، فإذا قلنا يجوز للمشتري أن يرجع المبيع وهو معيوب فهذا يلزم الضرر من هذا الحكم الشرعي فهو منتفٍ.

ويردّه:-

أولاً:- إنَّ التمسّك بالقاعدة المذكورة فرع صدق الضرر ، وصدق الضرر فرع ثبوت حقٍّ للطرف حتى يكون سلب ذلك الحق وعدم تسليمه يصدق معه عنوان الضرر ، أما إذا فرضنا أن البائع ليس له حق - يعني يجوز للمشتري أن يرجع المبيع ولو كان معيباً - فلا يصدق الضرر بإرجاعه وهو معيوب ، فإذاً ارجاع المبيع من قبل المشتري على البائع وهو معيب ، إنما يصدق الضرر في المورد المذكور فيما إذا كان من حق البائع استرجاعه وهو سليم ، أما إذا قلنا يجوز الارجاع ولو كان معيباً فالضرر لا يصدق حينئذٍ ، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها.

ثانياً:- لو سلّمنا صدق عنوان الضرر في حق البائع فهذا معارض بصدقه في جانب المشتري ، فالمفروض أنَّ المشتري لم يُتلِف المبيع عن عمدٍ وإنما حصل له تلف سماوي هو كان محافظاً على العين فتضمين المشتري يراه المشتري ضرر عليه فإنَّ العقد فاسد فهو ملك للبائع وقد تلف من دون تسبيب من المشتري فثبوت الضمان على المشتري يكون ضرراً أيضاً ، فالضرر حينئذٍ يكون متعارضاً.

والنتيجة النهائية:- هي أنَّ المشتري ضامن للمقبوض بالعقد الفاسد ومدرك الضمان هو قاعدة على اليد لكن بمنشئها العقلائي لا بمنشئها الروائي واللفظي ، وبناءً على هذا سوف لا نتماشى مع ألفاظ الرواية.

وقبل أن ننهي هذه المسألة لا بأس أن نذكر قضيتين:-

القضية الأولى:- هل المدار على القيمة السوقية او الثمن المسمى ؟

والمقصود هو أنه بعد أن اتضح أنَّ البيع فاسج وقلنا بالضمان كما انتهينا إليه بالسيرة ، فإذا فرضنا أنَّ الثمن المسمّى كان يساوي القيمة السوقية فلا مشكلة إذ هما واحد ، وأما إذا فرض أنَّ الثمن المسمّى كان أقل من القيمة السوقية كما لعله هو المتعارف أو بالعكس ، فهل المدار على الثمن المسمّى أو على القيمة السوقية ؟

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo