< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 57 ) حكم المقبوض بالعقد الفاسد.

ولتوضيح ما ذكرناه أكثر نقول:- إنه إذا فرضنا وجود سارق فالمشتري سوف يضمن قيمة النماء للمالك كما ذكرت الرواية ولكن بعد ذلك يرجع على السارق البائع ، فهو إذاً لم يذهب من كيسه شيء إذ النماء - وهو الابن - موجود وكذلك الثمن الذي دفعه إلى المالك قد أخذه من السارق البائع ، فهنا يمكن أن يقال إنَّ الضمان يثبت على المشتري باعتبار أنه سوف يرجع على السارق وبالتالي لا يخسر شيئاً ، وهذا بخلافه فيما ما إذا فرض وجود شخص ثالث ، يعني كان الموجود فقط هو البائع والمشتري وكان الخلل في شروط الصيغة مثلاً ، فحينئذٍ لو ضمن المشتري للبائع الذي هو المالك قيمة الولد فسوف يكون قد خسر ، فصحيحٌ أنه قد حصل له ولدٌ ولكن في الأثناء خسر قيمة النماء للبائع ، فصارت خسارة عليه ، وحينئذٍ لعل الشارع في مثل هذه الحالة لا يحكم بالضمان ، يعني لا يريد أن يخسّر المشتري ، بخلافه في حالة وجود السارق فإنه يضمّن المشتري ولكن هذا ضمان صوري ، إذ المشتري بعد ذلك يرجع على البائع السارق.

فإذاً يوجد فارق بين الحالتين والحكم بالضمان على المشتري في حالة وجود السارق - الشخص الثالث - لا يلزم منه الحكم بالضمان في حالة عدم وجود السارق للنكتة التي أشرنا إليها.

ثانياً:- ذكر الشيخ(قده) إنه إذا ثبت ضمان النماء بسبب اليد فبالأولى يثبت ضمان الأصل ، فلو ماتت الجارية فبالأولى يضمنها المشتري للبائع ، ونحن نقول: إنَّ هذا وجيه إذا ثبت أنَّ ضمان النماء هو من باب اليد ، أي من باب أن المشتري صار صاحب يد على ملك الغير لأنه أخذ الجارية التي هي ليست ملكه واقعاً لأنَّ العقد فاسد فإذا كان يضمن بعض منافعها فبالأولى يضمن الأصل ، ولكن نقول: لعلّ هذا الضمان ليس ضمان اليد حتى تثبت الألوية ، يعني من قال إنَّ ضمان المشتري لقيمة النماء هي من باب ضمان اليد فإنَّ هذا ليس موجوداً في الرواية ، فلعلّ هذا الضمان من بابٍ آخر ولا مثبت لكونه من باب اليد ، ولعلّ من أحد أسباب الضمان نفس الاستفادة من جارية الغير من خلال حصول الولد ، فهذه الاستفادة لعلها بعنوانها بما هي هي موجبة للضمان لا من باب اليد ، يعني أنَّ اليد من موجبات الضمان وهذا أيضاً من موجات الضمان ، فلعل الشرع عدّ من أحد موجبات الضمان من أولد جارية الغير بقطع النظر عن مسألة اليد وإنما هو بنفسه وبما هو هو من موجبات الضمان.

إن قلت:- إنَّ الفقهاء لم يذكروا ذلك ، فإنهم ذكروا أنَّ موجبات الضمان ثلاثة اليد والتسبيب والاتلاف أما ما ذكرته فلم يقل به أحد ؟

قلت:- إنَّ هذا في الحقيقة تضييق في الاجتهاد ، فلا تقل إنَّ الفقهاء لم يذكروا هذا ، بل يحتمل أنَّ موجبات الضمان أربعة وليست ثلاثة ، ويكفينا الاحتمال لردّ الشيخ ولا نحتاج إلى المثبت ، فإنَّ الشيخ قال إذا ثبت ضمان النماء بالأولى يثبت ضمان الأصل ، ونحن نقول: من المحتمل أنَّ ضمان النماء ليس من باب اليد وهذه الأولوية تثبت فيما إذا كان ضمان النماء من باب اليد ، ولعله هنا ليس من باب اليد بل لأجل نفس الاتصال بالجارية وحملها بما هو هو يكون من أسباب الضمان يقطع النظر عن اليد ، ومعه فلا يمكن التمسّك بفكرة الأولوية ، لأنَّ الأولوية تأتي فيما إذا نظرنا إلى الضمان باليد ، فإنه في اليد إذا كانت المنافع مضمونة فالأصل يكون مضموناً بالأولى ، أما إذا فرضنا أنَّ هذا سببٌ مستقل للضمان فالأولوية حينئذٍ تكون باطلة ، ولا يخفى لطفه.

ثالثاً:- إنَّ الشيخ قال إنَّ المورد ليس من باب الاتلاف وإنما هو من باب التلف ، وهذه قضية مهمة أكّد عليها ، لأنه إذا كان من باب الاتلاف وليس من باب اليد فلا يمكن التمسك بالأولوية ، إنما تثبت الأولوية فيما إذا فرض أنه كان هناك تلفاً فنقول إنَّ التلف بلحاظ النماء إذا كان يوجب الضمان فهو يوجبه بلحاظ الأصل بالأولوية ، فالأولوية تأتي في حالة التلف ، أما في حالة الاتلاف فإنه متى ما كان هناك إتلاف فسوف يثبت الضمان ولا معنى للأولوية ، فلذلك حاول أن يثبت أنَّ المورد من موارد التلف وليس من موارد الاتلاف ، والبيان الذي استند إليه في كون المورد من التلف هو أنه قال إنَّ النماء - أي الولد - هو من الأصل قد انعقد حرّاً وغير مملوك ، يعني من الأصل هو تالف لأنه انعقد حرّاً ولا يتصوّر الاتلاف ، لأنَّ الاتلاف فرع أن ينعقد مملوكاً ثم بعد ذلك يُحرَّر ، أما إذا كان من البداية قد انعقد حرّاً - يعني تالفاً - فهذا يعدّ من موارد التلف دون الاتلاف.

ونحن نقول:- صحيح أنَّ المورد من التلف لأنه انعقد وهو غير حرٍّ ، ولكن بالتالي من أوجد التلف فهو متلفٌ ، ولا يتمكن أن يدافع المشتري عن نفسه ويقول أنا لم أتلفه وإنما هو انعقد بحكم الشرع تالفاً ، فنحن نقول له:- من أوجد الشيء التالف ؟ إنك أنت الذي أوجدته ، ومن أوجده يكون متلفاً شاء أم أبى ، فبالتالي يصدق على المشتري أنه متلف.

إن قلت:- إنَّ المشتري يمكن أن يدافع عن نفسه ويقول: أنا لم أعلم بأنَّ الجارية غير مملوكة لي ، وإنما أنا تصورت أنها ملكي وأنَّ العقد صحيح .

قلت:- نحن لا نريد أن نتمسك بقضية ( من أوجد التالف وهو عالم بأنَّه تالف ... ) ، فإنه إذا أردنا ان نتمسك بها فصحيح هنا بما أنه ليس بعالم فسوف لا يصدق عليه أنه متلف ، ولكن نحن نقول إنَّ من أوجد التالف سواء كان عالماً أو غير عالم هو بالتالي يصدق عليه أنه متلف ، غاية الأمر أنه معومعذر أو غير معذور ولكن هذ قضية ثانية ، ولكن يصدق عليه أنه متلف من دون ضرورة إلى ملاحظة حيثية العلم فإن هذه لا تؤثر في الحساب شيئاً.

فإذاً يمكن أن يقال إنَّ المورد صار من باب الاتلاف لا من باب التلف ، فالأولوية لا يمكن التمسك بها آنذاك ، إنما تتم الأولوية في باب التلف لا في باب الاتلاف ، ولذلك كان الشيخ يحاول أن يبطل كون المورد من باب الاتلاف.هذه ثلاث مناقشات للتمسك بهذه الرواية ولعله بالتأمل يمكن الحصول على مناقشات أخرى.ومن خلال كل ما ذكرنا اتضح أن التمسك بالرواية الخاصة لإثبات الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد لا يمكن للمناقشة سنداً ودلالة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo