< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 48 ) هل يجوز استعمال ألفاظ البيع في الشراء وبالعكس أو لا - المكاسب المحرّمة.

الكلام في جواز تقديم القبول في بقية العقود:- وهنا فصّل الشيخ الأعظم(قده) وقال ما حاصله:- هناك موردان يجوز فيهما تقديم القبول وموردان آخران لا يجوز فيهما تقديم القبول.

أما الموردان اللذان يجوز فيهما تقديم القبول فهما:-

الأوّل:- ما إذا كان القبول يتضمن إنشاءً مغايراً للإنشاء الذي يتضمنه الايجاب ، يعني كلا من القبول والايجاب يدلان على إنشاءٍ وأحد الانشاءين مغاير للإنشاء الآخر ، ففي مثل هذه الحالة يجوز تقديم القبول ، مثل البيع الذي تقدّم فيما سبق فإنَّ إيجاب البيع يتضمن نقل العين مقابل الثمن والقبول يتضمّن نقل الثمن في مقابل العين ، لكن كلامنا الآن في غير البيع ، وقد مثل الشيخ الأعظم (قده) بالإجارة وعقد النكاح ، فإنَّ الاجارة إيجابها من طرف المؤجر يتضمّن نقل المنفعة في مقابل الأجرة ، فصاحب الدار يملِّك منفعة الدار في مقابل الأجرة ، والمستأجر يملِّك الأجرة في مقابل أن يتملَّك المنفعة ، وفي النكاح أيضاً كذلك ، فأحدهما يملّك المهر مقابل البضع والآخر بالعكس ، وهنا ذكر الشيخ الأعظم(قده) أنه يجوز تقديم القبول على الايجاب ولكن لا بلفظ القبول لما تقدّم في عقد البيع ، فإنه في عقد البيع ذكر أنه لا يجوز أن يتقدّم القبول بلفظ ( قبلت ) لأنه لا يدل على إنشاء النقل في الحال ، فنفس ذاك التفصيل يأتي في الاجارة والنكاح وغيرهما لأنهما من جنس البيع ، فإنَّ البيع يتضمّن انشاءين مختلفين والاجارة والنكاح كذلك فمحكمهما حكم البيع.

الثاني:- ما إذا فرض أنَّ العقد لم يتضمَّن انشاءين متغايرين بل ولا متشابهين وإنما هو مجرّد إنشاء من طرفٍ واحد أما الثاني فلا يصدر منه إنشاء وإنما يصدر منه قبول ورضا لا أكثر ، فهو عقدٌ بهذا المعنى ، يعني أنَّ الموجِب يتحقق منه الإنشاء والثاني نحتاج منه القبول والرضا من دون إنشاء نقل ، فإنَّ إنشاء النقل لا نريده منه أصلاً ، من قبيل الوكالة والعارية ، فإنَّ الوكالة فيها إنشاء من الموجب حيث يقول الموكِّل ( وكّلتك في أن تشتري لي الدار الفلانية ) والوكيل لا يحتاج إلى إنشاء لا مغاير ولا مشابه وإنما تقول ( رضيت ) فهنا يوجد مجرّد رضا وقبول ، وباعتبار أنه يلزم القبول صارت الوكالة عقداً غاية الأمر هذا القبول لا يتضمَّن إنشاء شيء - نقل أو غير نقل - ، وكذلك في العارية فأنا أقول لك ( أعرتك كتابي هذا لمدّة شهر ) فوظيفتك هي أنَّ تقبل بهذا ولا يوجد شيء أكثر من هذا ، فهنا يجوز تقديم القبول لأجل أنه لا يوجد إنشاء نقلٍ حتى نقول يعتبر إنشاء النقل في الحال وإذا قدّمنا القبول لم يتحقق النقل في الحال ، فإنه لا يوجد إنشاء في القبول وإنما هو مجرّد رضا والرضا كما يتعلّق بالأمر المتقدّم يصحّ أن يتعلّق بالأمر المتأخر.

وأما النحوان اللذان لا يجوز فيهما تقيم القبول:-

الأوّل:- ما إذا كان العقد يتضمن انشاءين متشابهين وليسا متغايرين ، ففي البيع قلنا يتضمنان إنشاءين لكنهما متغايران لأنَّه في البيع أحدهما ينقل العين مقابل الثمن والثاني ينقل الثمن مقابل المبيع ، أما الذي نقوله الآن والذي لا يجوز فهو تقديم القبول هو ما إذا كان القبول يتضمَّن إنشاءً كالإيجاب ولكن كلا الانشاءين من وادٍ واحد فهما متشابهين كمال التشابه ، مثل المصالحة ، كأن يقول للطرف ( صالحتك هذا بهذا ) والثاني يقول للأول كذلك أيضاً ، فالصادر من الثاني نفس الصادر من الأوَّل فلا يوجد عوض والآخر معوّض وإنما كلاهما يصالح هذا بهذا ، فهما متشابهان لا أنَّ هذا يصدر منه ما يغاير ما يصدر من الآخر ، فهنا لا يجوز تقديم القبول.

وكيف يمتاز الايجاب عن القبول ؟الميزان هو في المتقدّم ، فإنَّ الذي يتقدّم منهما يكون موجباً والثاني يكون قابلاً ، ولكن إذا عكست انعكس الأمر ، بخلافه في الثمن والمثمن فإنَّ الذي يعطي الدراهم هو قابل ومشترٍ سواء تقدّم أو تأخر ، أما في المصالحة فهما من وادٍ واحدٍ فالمتقدّم هو الموجب والمتأخر هو القابل ، وهنا لا يجوز تقديم القبول لأننا إذا قدّمناه فنحن نقدّمه إما بصيغة ( قبلت ) أو بصيغة ( صالحتك ) ، فإن كان بصيغة ( قبلت) فقد تقدم أنّ القبول لا يجوز أن يتقدّم في النقل لأننا نحتاج إلى نقل في الحال وإذا تقدمت كلمة ( قبلت ) فهي لا تدل على النقل في الحال ، لأنه في المصالحة يقول ( صالحتك على أن تصير داري تصير مقابل دارك ) فهنا يوجد إنشاء نقل في الحال لا أنه ليس بموجود ، فلا يجوز حينئذٍ أن يتقدّم القبول بلفظ القبول لأنه يعتبر إنشاء النقل في الحال ، وإن قدّمنا القبول بصيغة ( صالحتك ) فيلزم تركّب العقد من ايجابين ، ومن الواضح أنَّ العقد يتركَّب من إيجاب وقبول ولا يتركَّب من ايجابين.

الثاني:- ما إذا فرض أنَّ العقد يتركَّب من إنشاءٍ وقبول ، فالأول إنشاء نقل والثاني لا يتضمن إنشاء نقلٍ مشابه أو مغاير وإنما يتضمَّن قبولٍ فقط ، ولكن هنا أيضاً يوجد إنشاء نقلٍ ورضا ولكن يعتبر في الرضا أن يكون بنحو المطاوعة ، كما في الاقتراض والارتهان فإنَّ الذي يصدر من المقرض هو اقرضتك هذا المال يعني نقل المال إلى هذا الشخص من دون عوض وإنما قربة إلى الله تعالى نعم المقترض يرضى رضاً فقط ولكن الرضا يكون بنحو المطاوعة ، فإنَّ المقرِض يقول اقرضتك والمقترض يقول قبلت الاقتراض ، والرهن كذلك ، فهو يقبل بنحو المطاوعة ، فهنا يلزم تأخر القبول حتى تتحقق المطاوعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo