< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/09/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سورة لقمان / دروس شهر رمضان

قد أنهينا البحث في الليالي الماضية في حكم لقمان سلام الله عليه المذكورة في هذه السورة وبما انه قد ورد في روايات اهل البيت عليهم السلام ايضا مقاطع من حكم لقمان فوددنا ان نعمل اطلالة على بعضها واخترنا لكم ما ذكره صاحب المجمع في تفسيره و نقتصر على ذكر نصوصها من دون تعليقة رعاية للاختصار و اليك نص ما ورد في المجمع:

قال رضوان الله عليه: ([فصل في ذكر نبذ من حكم لقمان‌]: ذكر في التفسير أن مولاه دعاه فقال اذبح شاة فأتني بأطيب مضغتين منها فذبح شاة و أتاه بالقلب و اللسان فسأله عن ذلك فقال إنهما أطيب شي‌ء إذا طابا و أخبث شي‌ء إذا خبثا،

و قيل إن مولاه دخل المخرج فأطال فيه الجلوس فناداه لقمان أن طول الجلوس على الحاجة يفجع منه الكبد و يورث منه الباسور و يصعد الحرارة إلى الرأس فاجلس هونا و قم هونا قال فكتب حكمته على باب الحش.

قال عبد الله بن دينار قدم لقمان من سفر فلقي غلامه في الطريق فقال ما فعل أبي قال مات قال ملكت أمري قال ما فعلت امرأتي قال ماتت قال جدد فراشي قال ما فعلت أختي قال ماتت قال سترت عورتي قال ما فعل أخي قال مات قال انقطع ظهري.

و قيل للقمان أي الناس شر قال الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا.

و قيل له ما أقبح وجهك قال تعتب على النقش أو على فاعل النقش.

و قيل إنه دخل على داود و هو يسرد الدرع و قد لين الله له الحديد كالطين فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت فلما أتمها لبسها و قال نعم لبوس الحرب أنت فقال الصمت حكم و قليل فاعله فقال له داود بحق ما سميت حكيما.

و في كتاب من لا يحضره الفقيه قال لقمان لابنه يا بني إن الدنيا بحر عميق و قد هلك فيها عالم كثير فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله و اجعل شراعها التوكل على الله و اجعل زادك فيها تقوى الله فإن نجوت فبرحمة الله و إن هلكت فبذنوبك).

وقد ورد في الكافي عن الكاظم عليه السّلام في وصيته لهشام بن الحكم نقلا عن لقمان الحكيم: «يا بنيّ، إنّ الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها عالم كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى اللّه، و حشوها الإيمان، و شراعها التوكّل، و قيّمها العقل، و دليلها العلم، و سكّانها الصبر»[1]

(و روى سليمان بن داود المنقري عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (ع) قال في وصية لقمان لابنه يا بني سافر بسيفك و خفك و عمامتك و خبائك و سقائك و خيوطك و مخرزك و تزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت و من معك و كن لأصحابك موافقا إلا في معصية الله عز و جل يا بني إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك و أمورهم و أكثر التبسم في وجوههم و كن كريما على زادك بينهم فإذا دعوك فأجبهم و إذا استعانوا بك فأعنهم و استعمل طول الصمت و كثرة الصلاة و سخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد، و إذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم.

و اجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثم لا تعزم حتى تتثبت و تنظر و لا تجب في مشورة حتى تقوم فيها و تقعد و تنام و تأكل و تصلي و أنت مستعمل فكرتك و حكمتك في مشورته فإن من لم يمحض النصيحة من استشاره سلبه الله رأيه.

و إذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم فإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم و اسمع لمن هو أكبر منك سنا و إذا أمروك بأمر و سألوك شيئا فقل نعم و لا تقل لا فإن لا عي و لؤم.

و إذا تحيرتم في الطريق فانزلوا و إذا شككتم في القصد فقفوا و تآمروا و إذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم و لا تسترشدوه فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم و احذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى لأن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه و الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء صلِّها و استرح منها فإنها دَين و صلّ في جماعة و لو على رأس زج.

و لا تنامنّ على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها و ليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل فإذا قربت‌ من المنزل فانزل عن دابتك و ابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك.

و إذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا و ألينها تربة و أكثرها عشبا و إذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس و إذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض و إذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها و سلم على أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة.

و إن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبتدئ فتصدق منه فافعل و عليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا و عليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا و عليك بالدعاء ما دمت خاليا و إياك و السير في أول الليل إلى آخره و إياك و رفع الصوت في مسيرك.

و قال أبو عبد الله (ع) و الله ما أوتي لقمان الحكمة لحسب و لا مال و لا بسط في جسم و لا جمال و لكنه كان رجلا قويا في أمر الله متورعا في الله ساكتا سكينا عميق النظر طويل التفكر حديد البصر لم ينم نهارا قط و لم يتكئ في مجلس قوم قط و لم يتفل في مجلس قوم قط و لم يعبث بشي‌ء قط و لم يره أحد من الناس علي بول و لا غائط قط و لا على اغتسال لشدة تستره و تحفظه في أمره و لم يضحك من شي‌ء قط و لم يغضب قط مخافة الإثم في دينه و لم يمازح إنسانا قط و لم يفرح بما أوتيه من الدنيا و لا حزن منها على شي‌ء قط و قد نكح من النساء و ولد له الأولاد الكثيرة و قدم أكثرهم إفراطا فما بكى على موت أحد منهم و لم يمر بين رجلين يقتتلان أو يختصمان إلا أصلح بينهما و لم يمض عنهما حتى تحاجزا و لم يسمع قولا استحسنه من أحد قط إلا سأله عن تفسيره و عن من أخذه و كان يكثر مجالسة الفقهاء و العلماء و كان يغشى القضاة و الملوك و السلاطين فيرثى للقضاة بما ابتلوا به و يرحم الملوك و السلاطين لعزتهم بالله و طمأنينتهم في ذلك و يتعلم ما يغلب به نفسه و يجاهد به هواه و يحترز من السلطان و كان يداوي نفسه بالتفكر و العبر و كان لا يظعن إلا فيما ينفعه و لا ينظر إلا فيما يعنيه فبذلك أوتي ومنح القضية)[2] ونكتفي بذكر النص اعتمادا على تدبر وتأمل القراء وما قدمنا من البيان من خلال المحاضرة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo