< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/09/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سورة لقمان

﴿وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾[1] (12)﴿ وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [2] (13) ﴿وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى‌ وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [3] (14)﴿ وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى‌ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾(15)[4] في هذه الآيات جاء تعريف مختصر للقمان مما يؤهله لعرض وصاياه الحكيمة لابنه في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: " ولَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ" فعلينا اولاً ان نعرف الحكمة التي كانت ميزة لقمان؟

الحكمة مشتقة من الحكم و الإحكام وهو الشدة والثبات فكل شيء قوي ثابت لا يعتريه الكسر والانفلات فهو مستحكم سواء في الأقوال او الافعال او الاشياء، وما فسروها به بعبارات مختلفة فهي بيان لمصاديقها وموارد استعمالها.

فسر الامثل مفردة الحكمة بانها: (مجموعة من المعرفة و العلم، و الأخلاق الطاهرة و التقوى و نور الهداية). وفي الميزان عرفها بقوله: (الحكمة على ما يستفاد من موارد استعمالها هي المعرفة العلمية النافعة و هي وسط الاعتدال بين الجهل و الجربزة). جاء في لسان العرب: (جَرْبَزَ الرجلُ: ذهب أَو انقبضَ. و الجُرْبُزُ: الخِبُّ من الرجال، و هو دخيل. و رجل جُرْبُزٌ، بالضم: بَيِّنُ الجَرْبَزَةِ، بالفتح، أَي خِبّ، [خَبّ‌] قال: و هو القُرْبُزُ أَيضاً و هما مُعَرَّبانِ). فالمراد من الاعتدال في هذا التعريف هو الوسطية بين الغباوة التي لا يدرك كثيرا من الامور والذكاء الئيم التي لا تسامح ولا تغاضي العين عن أهون الامور.

وورد عن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام، أنّه قال لهشام بن الحكم في تفسير هذه الآية: «إنّ الحكمة هي الفهم و العقل"[5]

وقال في المجمع: («وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ» أي أعطيناه العقل و العلم و العمل به و الإصابة في الأمور)

وقال في ترجمته: (و اختلف فيه فقيل إنه كان حكيما و لم يكن نبيا عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و أكثر المفسرين و قيل إنه كان نبيا عن عكرمة و السدي و الشعبي و فسروا الحكمة هنا بالنبوة و قيل إنه كان عبدا أسود حبشيا غليظ المشافر مشقوق الرجلين في زمن داود (ع) و قال له بعض‌ الناس: أ لست كنت ترعى معنا؟ فقال: نعم، قال فمن أين أوتيت ما أرى قال قدر الله و أداء الأمانة و صدق الحديث و الصمت عما لا يعنيني، و قيل إنه كان ابن أخت أيوب عن وهب، و قيل كان ابن خالة أيوب عن مقاتل و روي عن نافع عن ابن عمر قال سمعت رسول الله ص يقول: حقاً أقول: لم يكن لقمان نبياً و لكن كان عبداً كثير التفكر حسن اليقين أحب الله فأحبه، و منّ عليه بالحكمة ، كان نائما نصف النهار إذ جاءه نداء: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوت إن خيّرني ربّي قبلت العافية و لم أقبل البلاء، و إن عزم علي فسمعاً و طاعةً، فإنّي أعلم أنه إن فعل بي ذلك أعانني و عصمني. فقالت الملائكة بصوت لا يراهم لم يا لقمان؟ قال لأن الحكم أشد المنازل و آكدّها يغشاه الظلم من كل مكان، إن وقى فبالحري أن ينجو و إن أخطأ أخطأ طريق الجنة و من يكن في الدنيا ذليلا و في الآخرة شريفا خير من أن يكون في الدنيا شريفا و في الآخرة ذليلا و من يختر الدنيا على الآخرة تفته الدنيا و لا يصيب الآخرة. فتعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فأعطي الحكمة فانتبه يتكلم بها ثم كان يؤازر داود بحكمته فقال له داود: طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة و صرفت عنك البلوى)‌

وقال في الامثل: (جاء في بعض التواريخ: أنّ لقمان كان عبدا أسود من سودان مصر، و لكنّه إلى جانب وجهه الأسود كان له قلب مضي‌ء و روح صافية، و كان يصدق في القول من البداية، و لا يمزج الأمانة بالخيانة، و لم يكن يتدخّل فيما لا يعنيه).

وعن الصادق عليه السلام أنّه قال: "و اللّه ما اوتي لقمان الحكمة لحسب و لا مال و لا بسط في جسم و لا جمال، و لكنّه كان رجلا قويّا في أمر اللّه، متورّعا في اللّه، ساكتا سكينا عميق النظر، طويل التفكّر، حديد البصر".

قوله تعالى: "وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ" بعض المفسرين ذهبوا الى ان جملة (فقلنا له) مقدرة قبل "ان اشكر لله" و بعضهم قالوا ان تفسيرية ولا حاجة الى التقدير وهو الاولى والاقرب فهو تفسير لايتاء الحكمة. ونتابع البحث في الليالي القادمة انشاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo