< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/09/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سورة لقمان

﴿ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (6) وَ إِذا تُتْلى‌ عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (7)﴾[1]

بما انّ هذه الآية الكريمة محط البحث حول الغنى والموسيقى فان لهو الحديث فسر في رواياتنا بالغنا ولو ان الغنا مصداق للهو الحديث ولكن لا بأس ان نقف وقفة عندها من هذا المنظر؟

الغناء ما هو وما حكمه؟

لا شكّ في أنّ الغناء بصورة إجمالية حرام على المشهور بين علماء الشيعة، و تصل هذه الشهرة إلى حدّ الإجماع. ولكن مفهوم الغناء لغة واصطلاحا وما هو موضوع للتحريم في الاحكام الاسلامية امور غامضة

و أكّد كثير من علماء أهل السنّة على هذه الحرمة، و إن كان بعضهم قد استثنوا بعض الأمور، و ربّما لا يعدّ بعضها استثناء في الحقيقة، بل تعتبر خارجة عن موضوع الغناء، أو كما يقال: خارج تخصّصا.

يقول «القرطبي» في ذيل الآيات مورد البحث في هذا الباب: «و هو الغناء المعتاد عند المشتهرين به، الذي يحرّك النفوس و يبعثها على الهوى و الغزل، و المجون الذي يحرّك الساكن و يبعث الكامن، فهذا النوع إذا كان في شعر يشبّب فيه بذكر النساء و وصف محاسنهن و ذكر الخمور و المحرّمات لا يختلف في تحريمه، لأنّه اللهو و الغناء المذموم بالاتّفاق، فأمّا ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح، كالعرس و العيد و عند التنشيط على الأعمال الشاقّة كما كان في حفر الخندق و حدو أنجشة و سلمة بن الأكوع، فامّا ما ابتدعته الصوفية اليوم‌ من الإدمان على سماع الأغاني بالآلات المطربة من الشبابات و الطار و المعازف و الأوتار فحرام»[2]

و في أيدينا أدلّة كثيرة على تحريم الغناء في المصادر الإسلامية، و من جملتها الآية أعلاه: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ و بعض آيات أخر من القرآن التي تنطبق- على الأقلّ طبق الروايات الواردة في تفسير هذه الآيات- على الغناء، أو أنّ الغناء اعتبر من مصاديقها:

ففي حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام في تفسير آية: "وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ" قال: «قول الزور الغناء» «3».

وعنه عليه السّلام في تفسير الآية: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ «4» قال: «الغناء» «5». و قد رويت في تفسير هذه الآية روايات عديدة عن الإمام الباقر و الصادق و الرضا عليهم السّلام أوضحوا فيها أنّ أحد مصاديق لهو الحديث الموجب للعذاب المهين هو «الغناء» «6».

إضافة إلى هذا فإنّه تلاحظ في المصادر الإسلامية روايات كثيرة اخرى- عدا ما ورد في تفسير الآيات- تبيّن تحريم الغناء بصورة مؤكّدة:

ففي حديث مروي عن جابر بن عبد اللّه، عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله: «كان إبليس أوّل من تغنّى» «1».و جاء في حديث آخر عن الإمام الصادق عليه السّلام: «بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، و لا تجاب فيه الدعوة، و لا يدخله الملك» «2». و في حديث آخر عليه السّلام: «الغناء يورث النفاق، و يعقب الفقر» «3». و في حديث آخر عن الصادق عليه السّلام: «المغنّية ملعونة، و من أدّاها ملعون، و آكل كسبها ملعون» «4».

و قد نقلت روايات كثيرة في هذا المجال في كتب أهل السنّة المعروفة أيضا، و من جملتها الرواية التي‌ نقلها في (الدرّ المنثور) عن جماعة كثيرة من المحدّثين، عن الرّسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله، أنّه قال: «لا يحلّ تعليم المغنّيات و لا بيعهنّ، و أثمانهنّ حرام» «5».

و نقل نظير هذا المعنى كاتب (التاج) عن الترمذي و الإمام أحمد «6». و يروي ابن مسعود عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل» «7».

و بالجملة، فإنّ الرّوايات الواردة في هذا الباب كثيرة جدّا بحيث تصل إلى حدّ التواتر، و لهذا فإنّ أكثر علماء الإسلام قد أفتوا بالحرمة، علاوة على علماء الشيعة، الذين يتّفقون بالرأي في هذا الموضوع تقريبا، و قد نقل تحريمه عن أبي حنيفة

هل أنّ الغناء كلّ صوت فيه ترجيع- و هو تردّد الصوت في الحنجرة-؟ هذا أيضا غير ثابت.

و الذي يمكن استفادته من مجموع كلمات فقهاء و أقوال أهل السنّة في هذا المجال، أنّ الغناء هو كلّ لحن و صوت يطرب، و يشتمل على اللهو و الباطل.

و بعبارة أوضح: الغناء هو الأصوات و الألحان التي تناسب مجالس الفسق و الفجور، و أهل المعصية و الفساد.

و بتعبير آخر: الغناء يقال للصوت الذي يحرّك القوى الشهوانية في الإنسان، بحيث يشعر الإنسان في تلك الحال بأنّه لو كان إلى جانب هذا الصوت خمر

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)

في هذه الآيات التسعة الاولى في سورة لقمان عرض للاخيار والفجار و ثوابهم وعقابهم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo