< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/09/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سورة لقمان

﴿الم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (2) هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولئِكَ عَلى‌ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)﴾

بعد ما طرح الآيات الخمس الاولى من السورة منطلق المحسنين و ممشاهم و غايتهم وصف حالة قسم من الاشقياء فقال:

﴿ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (6) وَ إِذا تُتْلى‌ عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (7)﴾[1]

قال في المجمع نزل قوله «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ» في النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي بن كلاب كان يتجر فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم و يحدث بها قريشا و يقول لهم إن محمدا يحدثكم بحديث عاد و ثمود و أنا أحدثكم بحديث رستم و إسفنديار و أخبار الأكاسرة فيستمعون حديثه و يتركون استماع القرآن عن الكلبي.

و قيل نزل في رجل اشترى جارية تغنيه ليلا و نهارا عن ابن عباس و يؤيده‌ ما رواه أبو أمامة عن النبي ص قال لا يحل تعليم المغنيات و لا بيعهن و أثمانهن حرام و قد نزل تصديق ذلك في كتاب الله تعالى «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي» الآية و الذي نفسي بيده ما رفع رجل عقيرته يتغنى إلا إرتدفه شيطانان يضربان أرجلهما على صدره و ظهره حتى يسكت.

فالوجه الاول جعل الحديث من مقولة بيان المضامين لاهية والوجه الثاني جعل الحديث من مقولة كيفية الصوت وهي التغني.

قال في المجمع: (أكثر المفسرين على‌ أن المراد بلهو الحديث الغناء و هو قول ابن عباس و ابن مسعود و غيرهما و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله و أبي الحسن الرضا (ع) قالوا منه الغناء، و روي أيضا عن أبي عبد الله (ع) أنه قال هو الطعن بالحق و الاستهزاء به و ما كان أبو جهل و أصحابه يجيئون به إذ قال يا معشر قريش أ لا أطعمكم من الزقوم الذي يخوفكم به صاحبكم ثم أرسل إلي زبدا و تمرا فقال هذا هو الزقوم الذي يخوفكم به قال و منه الغناء، فعلى هذا فإنه يدخل فيه كل شي‌ء يلهي عن سبيل الله و عن‌ طاعته من الأباطيل و المزامير و الملاهي و المعارف و يدخل فيه السخرية بالقرآن و اللغو فيه كما قاله أبو مسلم و الترهات و البسابس على ما قاله عطا و كل لهو و لعب على ما قاله قتادة و الأحاديث الكاذبة و الأساطير الملهية عن القرآن على ما قاله الكلبي و روى الواحدي بالإسناد عن نافع عن ابن عمر أنه سمع النبي ص في هذه الآية «﴿وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾» قال باللعب و الباطل كثير النفقة سمح فيه و لا تطيب نفسه بدرهم يتصدق به‌ و روي أيضا بالإسناد عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص: "من ملأ مسامعه من غناء لم يؤذن له أن يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة قيل: و ما الروحانيون يا رسول الله؟ قال: قراء أهل الجنة")[2]

والذي ينبغي ان نقول في لهو الحديث هو كل ما يشمله هذا العنوان والروايات ايضا تذكر المصاديق وصاحب الميزان جمع مصاديق اللهو في قوله: (اللهو ما يشغلك عما يهمك، و لهو الحديث: الحديث الذي يلهي عن الحق بنفسه كالحكايات الخرافية و القصص الداعية إلى الفساد و الفجور، أو بما يقارنه كالتغني بالشعر أو بالملاهي و المزامير و المعازف فكل ذلك يشمله لهو الحديث). ولكن بما ان اللهو اضيف الى الحديث فلا يدل الا على ما كان من اللفظ المستعمل ولا يشمل اصوات الآلات اذا لم تكن مقرونا بالمعنى ولا الاصوات المعتمد الى مخارج الفم اذا كان من الالفاظ المهملة.

قال الامثل في معنى لهو الحديث: (و أمّا "لهو الحديث" فإنّ له معنى واسعا يشمل كلّ نوع من الكلام أو الموسيقى أو الترجيع الذي يؤدّي إلى اللهو و الغفلة، و يجرّ الإنسان إلى اللاهدفيّة أو الضلال، سواء كان من قبيل الغناء و الألحان و الموسيقى المهيّجة المثيرة للشهوة و الغرائز و الميول الشيطانية، أو الكلام الذي يسوق الإنسان إلى الفساد عن طريق محتواه و مضامينه، و قد يكون عن كلا الطريقين كما هو الحال في أشعار و تأليفات المغنّين الغراميّة العاديّة المضلّلة في محتواها و ألحانها. أو يكون كالقصص الخرافية و الأساطير التي تؤدّي إلى انحراف الناس عن الصراط المستقيم. أو يكون كلام الاستهزاء و السخرية الذي يطلق بهدف محو الحقّ و تضعيف أسس و دعائم الإيمان، كالذي ينقلونه عن أبي جهل أنّه كان يقف على قريش و يقول: أ تريدون أن أطعمكم من الزقّوم الذي يتهدّدنا به محمّد؟ ثمّ يبعث فيحضرون الزبد و التمر، فكان يقول: هذا هو الزقّوم! و بهذا الأسلوب كان يستهزئ بآيات اللّه).( الامثل في ذيل الآية)

اما قوله تعالى: "بغير علم" فيه احتمالان: صفة للمضل او صفة للضال.

اذا كان توصيفا للمضل، فاهل الضلال ليس طريقهم مبني على العلم بل هو مبني على الجهل والشهوة و دواعي النفس الشيطانية.

وان قلنا يعود الى من يتأثر عن ضلالهم فكذلك اهل الضلال يتسربون الى عقول الناس و قلوبهم بصورة خفية فهم يخنسون و يتظاهرون بالحق والنصح و يتخبئون تحت اغطية اسلامية وانسانية و يكونون الشر و الحيوانية وهذه الطريقة في نشر الباطل ابلغ اثرا حتى في القرآن امرنا بالإستعاذة من شر الوسواس الخناس.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo